شاكر الأنباري العدّ العكسي للانتخابات بدأ على أكثر من صعيد، اذ لم يبق هناك سوى أسابيع. الثامن عشر من كانون الثاني من السنة القادمة سيكون تاريخا حاسما، يمكن أن يحمل الحياة السياسية والاجتماعية والديموغرافية الى ضفة أخرى قد تكون مغايرة لما هو موجود الآن.
الجميع تقريبا يتكهن بهذه النتيجة ويخمنها، والجميع على أمل أن يكونوا هم الفائزين في التقسيمات القادمة. الإسلاميون والعلمانيون، الليبراليون والقوميون، الشيوعيون واليساريون المتطرفون، فمزاج الناخبين لا أحد يمكنه ان يتكهن به، اثر التقلبات التي جرت في السنوات الثلاث الماضية. ومعركة الانتخابات يمكن القول انها بدأت منذ الآن، حول أهم القضايا الشائكة التي ظلت لم تحل في الحقبة البرلمانية السابقة، ومنها قضية كركوك، والأقاليم، وقانون النفط والغاز، والإصلاحات الدستورية، وقانون الأحزاب، وشؤون أخرى لا تقل أهمية، وكلها سترسم وجه العراق في الزمن القادم. هذه المعركة تمظهرت بأكثر من ملف، لعل أولها كان ملف القائمة الانتخابية. والسؤال هو هل ستكون مفتوحة أم مغلقة؟ حيث الوسط السياسي كله انشغل بهذه القضية، بما في ذلك المرجعية الدينية في النجف، والتي صار لها نفوذ كبير في الأروقة السياسية. والقائمة الانتخابية كما هو معروف هي التيار السياسي أو التحالف او الحزب الذي ينبغي أن يصوت له الناخب. وفي الانتخابات السابقة كان لكل قائمة رقم، وهذه من ابتكارات مفوضية الانتخابات، وكانت القائمة لا تحمل سوى رقم ولا يعرف المواطن من رموزها السياسية سوى من يظهر في الإعلام. وبعد الفوز تتم تسمية المرشحين من قبل الجهة السياسية الفائزة. اما القائمة المفتوحة فتحمل في كل منطقة أو محافظة أسماء الشخصيات التي يفترض أن يصوت لها الناخب في المنطقة التي يسكن فيها. ويميل عدد من الأحزاب التي اشتركت في السلطة الحالية الى التحايل على القائمة المفتوحة، كون كثير من أعضائها إما شاعت حولهم شائعات بالسرقة او الرشوة او سوء استخدام المال العام، أو راج عنهم الكذب في وعودهم بتحسين الخدمات ومعالجة البطالة أو الشؤون الأمنية، ولذلك لا يرغبون في إظهار أسمائهم في منطقة التصويت. المعركة في البرلمان كانت حامية حول القائمة المفتوحة والمغلقة، إلى الدرجة التي لم يعد أحد يتجرأ على ذكر القائمة المغلقة. رئيس الوزراء نوري المالكي أيد من جانبه القائمة المفتوحة، ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي كذلك. ولكن الائتلاف العراقي الموحد ظل قلقا حول الموضوع حتى فترة قريبة. التحالف الكردستاني عادة ما يصرح بأنه لا يهتم للأمر، فهو في كلتا الحالتين يضمن أصوات ناخبيه في إقليم كردستان. في حين تدعو أغلب الأحزاب الصغيرة والتكتلات الى القائمة المفتوحة، كون مرشحيهم لم يتلوثوا في السنوات السابقة، وظلوا على مسافة بعيدة من الفساد والسرقات والرشاوى. ويبقى صوت المرجعية هو الأقوى بين الأصوات حول هذه القضية الشائكة والملحّة. إذ صرح مكتب السيد علي السيستاني ان المرجع الشيعي الأعلى يفضل القائمة المفتوحة. وفوق ذلك قيل انه صرح أيضاً أنه اذا تم تبني القائمة المغلقة فسوف يدعو الى مقاطعة الانتخابات، الأمر الذي خلق بلبلة واسعة في الشارع العراقي، خاصة ان المرجعية عادة ما كانت تنتقد الحكومة الحالية في تقصيرها عن توفير الخدمات للمواطنين. عدد آخر من المراجع الشيعية تبنت الموقف ذاته ما أحرج القوى السياسية المفضلة للقوائم المغلقة. ومن بين ما يلحق بآليات التصويت تلك مفوضية الانتخابات. وهي مفوضية تدير كل ما يتعلق بالانتخابات. هي تعد قوائم الناخبين والمرشحين بالتعاون مع الوزارات المعنية، وهي التي تسجل القوائم الداخلة في الانتخابات، وتتحرى عن خلفية المرشحين من حيث الشهادات التي حصلوا عليها، ومن حيث نزاهتهم ومطابقة سجلهم مع الشروط التي ينبغي توفرها في المرشح لمجلس النواب. ومنها عدم انتمائه الى قيادات حزب البعث المنحل، أي لم يصل الى درجة عضو شعبة. تم استجواب رئيس وأعضاء المفوضية أمام مجلس النواب، حول فساد مالي وإداري له علاقة بتزوير أحد أعضاء المفوضية شهادته الجامعية كما اشيع، وصفقات عقود إعلانية، وأموال صرفت لتغطية الانتخابات في الخارج. أما الاتهام الأخطر الذي وجه الى رئيس المفوضية فرج الحيدري فهو عن علاقة المفوضية بالأحزاب الكبيرة ومدى تأثيرها على سيرورة الانتخابات القادمة. وكان رأي عدد ليس بالقليل من أعضاء مجلس النواب ان ردود طاقم المفوضية وهم فرج الحيدري وقاسم العبودي وحمدية الحسيني لم تكن مقنعة، لذلك بدأوا يطالبون مجلس النواب بإقالة المفوضية وتعيين مفوضية جديدة تشرف على الانتخابات. اذ احتج بعض النواب بالقول كيف يمكن ائتمان عضو مفوضية على مستقبل البلد وهو يقوم بتزوير شهادته الجامعية؟ وعلى علاقة بموضوع التزوير، اصدر مجلس النواب أمراً بإقالة رئيس مجلس محافظة صلاح الدين للسبب نفسه، الا وهو اكتشاف لجنة النزاهة ان رئيس المجلس زور شهادة جامعية لم يحصل عليها مطلقا. لكن رئيس المجلس رفض الانصياع لأمر مجلس النواب. وأعلن في وسائل الإعلام ان شهادته حقيقية، ولديه الإثباتات على ذلك. واليوم مطروح على لجنة النزاهة قائمة بمئات المسؤولين وأعضاء مجالس بلدية أو م
مناخ الانتخابات مضطرب يصعب التكهّن به
نشر في: 25 نوفمبر, 2009: 05:01 م