TOP

جريدة المدى > عام > زواج ليوم واحد في الفيلم الإيراني (Temporary)

زواج ليوم واحد في الفيلم الإيراني (Temporary)

نشر في: 18 يونيو, 2014: 09:01 م

تلعب المثل الدينية دورا رئيسيا في الفيلم الإيراني المشارك بمهرجان طرابلس 2014 حيث تؤدي زهرة دور المرأة المغلوبة على امرها اجتماعيا،  والتي تعاني من الحاجة المادية والفقر الاجتماعي المؤدي الى الحزن الحياتي المرتبط بكيفية تربية ابنتها الوحيدة ، وا

تلعب المثل الدينية دورا رئيسيا في الفيلم الإيراني المشارك بمهرجان طرابلس 2014 حيث تؤدي زهرة دور المرأة المغلوبة على امرها اجتماعيا،  والتي تعاني من الحاجة المادية والفقر الاجتماعي المؤدي الى الحزن الحياتي المرتبط بكيفية تربية ابنتها الوحيدة ، والتي تعجز عن تلبية احتياجاتها اليومية . فالمخرج " بهزاد آزادي" (Behzad Azadi)  (توحد مع البنى الإخراجية  لرؤية الفيلم التراجيدي ومدته 15 دقيقة التي كانت بمثابة لمحة على مشهد يتكرر حياتيا في اكثـر من زاوية واقعية ليقول للمتلقي " الى أي مدى يمكن ان تذهب أم عزباء لتتمكن من تأمين العيش لنفسها ولطفلها الوحيد؟ زهرة ، أرملة مع ابنتها الوحيدة، استسلمت لزواج ليوم واحد بناء على عرض أحد جيرانها، من اجل ان تتمكن من تامين عيشها وعيش طفلتها الوحيدة" فهل الزواج ليوم واحد هو السبيل لهذا؟.او هو مبرر لحالة اجتماعية تحاول الخروج منها بأسهل الطرق التي تجعلها مقيدة ليوم واحد فقط كي تعود بعدها لابنتها وتلاعبها بكل عوطف الأم ومحبتها.يطرح الفيلم موضات اجتماعية ذات اهمية للمرأة تحديدا،  فنقطة البداية هي نفسها نقطة النهاية،  وربما في هذا بعض التخفيف من كاهل الفقر ، ولكن بقالب اجتماعي مقبول يعالجه المخرج " بهزاد آزادي"  بمشاهد اختزالية تؤدي دورها في إبراز المضمون بلمحات مرئية استطاعت فيها زهرة إظهار المشاعر العاطفية،  والأمنيات المكبوتة خصوصا حين وقفت أمام الواجهات الزجاجية التي تلفت انتباه أية امرأة تتمنى ان تتزين ، وتبدو بأجمل طلة خصوصا في يوم زفاف غامض يبدأ،  وينتهي بزمن محدد،  وكانه مرحلة عابرة لإشباع عاطفي واجتماعية من نوع آخر ، ولفك أزمة مالية تتعرض لها امرأة تحافظ على مرآتها الاجتماعية بقالب مقبول،  وهو زواج لمدة محدودة ، وربما هذا اقنع المتلقي بهذا النوع من الزواج،  رغم سلبياته غير المرئية،  والتي أظهرها في المشهد الأخير حين لاعبت زهرة طفلها بالماء ، وكانه التعويض النفسي لها الذي يجعلها متفائلة لتستمر في الحياة ولو انها لجأت لزواج غير مكتمل ولكن بقالب ديني معين.
مشاهد تصويرية التقط فيها تفاصيل الحياة اليومية في منزل تحسسته عين العدسة.  لتتسرب المعاني التصويرية لعين المشاهد،  ويدرك بؤس الحالة الاجتماعية التي تعيش فيها هذه المرأة في منزلها الشبيه بالعشوائيات مع الموسيقى التصويرية التي تحاكي المشهد بإيقاعات حسية تؤثر على التفاعلات العاطفية التي ينشدها المخرج.  لتؤثر على المتلقي بمختلف عناصرها،  فالاختزال البصري الذي حبكه " بهزاد آزادي" أثار حواس المتلقي،  واستفزه بدهشة اخراجية استطاع من خلاله المخرج بث  المفاهيم العامة عن زواج المتعة،  وتأثيراته الاجتماعية والنفسية على المرأة والطفل،  ولم يظهره على الرجل . الا بلقطات سريعة ظهرت فيها الأساليب الرسمية لاعدادات هذا الزواج،  وفي هذا نكوص دراماتيكي للرجل في المشاهد الغنية بالعاطفة ، والمؤثرات البصرية والموسيقية ولقطات الكاميرا المتوازنه حسيا مع النص البصري المراد إيصال مفاهيمه للمتلقي.
نجح المخرج " بهزاد آزادي"  في حبك فيلمه القصير بمدة جمع فيها المشاهد الجمالية الملتقطة من الحياة العامة،  وبمشاهد خارجية استطاع من خلالها المصور فتح عدسته على المحيط البيئي المتنوع في الأحياء والشوارع،  والعادات،  والتقاليد، والحيثيبات التي تختلف في انطباعاتها بين متلق وآخر من حث البناء الدرامي،  وبانورمية الحركة المرئية سينمائيا ليمسك بالمتلقي مدة ربع ساعة،  ويمنحه مضامين تتعرض للنقد بشكل دائم ومستمر الا وهي زواج المتعة،  وما يترتب عليه من تأثيرات سلبية وإيجابية ، فهل استطاع المخرج ان ينجح في ذلك ؟.ام انه ترك بغموض تأثيرات ذلك على الرجل في فيلمه  ( Temporary).
استطاع المخرج " بهزاد آزادي"  تسخير أدواته السينمائية لخدمة النص البصري.  لتتكامل المفاهيم السينمائية بكامل عناصرها من تصوير وموسيقى ، وضوء،  ومشاهد داخلية وخارجية ، وما الى ذلك من مونتاج وسواه . إلا أن النص البصري لهذا الفيلم افتقد وجود الرجل الحسي بمعنى ، ما هي تأثيرات هذا الزواج على الرجل اجتماعيا ونفسيا خصوصا انه هو من انفق على هذا الزواج المؤقت  وهو من دفع المبلغ المالي،  فالفيلم القصير هو معالجة دراماتيكية لنص مرئي مفتوح على عدة تأويلات  سينمائية تطرح المواضيع بجرأة فنية وبحبك حركي مكتمل.  ليستمتع المتلقي بالمشاهدة الهادفة بث الأفكار وطرحها بفنية أمام الرأي العام.
رؤية درامية إيرانية تعاطفت مع المرأة بشكل عام . لخدمة الطفل وبناء المجتمع ضمن معايير دينية محددة،  ومشهدية حملت في طياتها سيناريو بصري مرن استطاعت زهرة بتعابيرها الأدائية ان تؤثر عاطفيا على المشاهد من حيث عفويتها ، والتأثيرات المرسومة على وجهها وحركتها وتأملاتها ونظراتها وحتى طموحها في تحقيق خدمة ابنتها.  إلا أن ذلك لم يخف الأضرار النفسية والفوائد الاجتماعية  لهذا الزواج.  لانها جمعت بين عاطفة الامومة المتمسكة بالولد،  وبين احلام المرأة عند الزواج برجل لم تستطع حتى شراء الثوب المناسب لهذه المناسبة التي ارتدت فيها ثوبها اليومي وعادت به،  وكأنها في حلم يومي.
الفيلم الإيراني (Temporary) من الأفلام المشاركة بمهرجان طرابلس 2014.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

أوليفييه نوريك يحصل على جائزة جان جيونو عن روايته "محاربو الشتاء"

مقالات ذات صلة

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو
عام

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو

علي بدرفي مدينة تتلألأ أنوارها كما لو أنها ترفض النوم، وفي زمن حيث كانت النجومية فيها تعني الخلود، ولدت واحدة من أغرب وأعنف قصص الحب التي عرفتها هوليوود. هناك، في المكاتب الفاخرة واستوديوهات السينما...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram