في الانظمة الديمقراطية الرصينة صاحبة التجربة العريقة في الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة من المستبعد بل من المستحيل حصول انقلاب للاطاحة بالنظام ، وفي بلدان اخرى وخاصة في المنطقة العربية ، فان الانقلاب او ما يعرف بلغة اخرى الجقلبان ، هو حصيلة توفر الارضية المناسبة للمغامرين للحصول على السلطة باسهل الطرق ، عندما تقوم مجموعة مسلحة باقتحام مقر الرئيس في قصره ، وتجبره على الرحيل ان كان سعيد الحظ ، او تقتله وتصور مشهد اعدامه ثم تبثه من خلال شاشة التلفزيون الرسمي.
الانقلابات باشكال وانواع متعددة اخطرها الانقلاب الداخلي ، وفي التاريخ العربي القديم والمعاصر وقائع واحداث تشير الى الاطاحة برأس النظام بمخطط نفذه قياديون بارزون في الحزب الحاكم والمنطقة العربية تكاد تكون ارضا خصبة لانواع الانقلابات الابيض والاسود المصخم والداخلي ، ومعظم اصحاب السيادة والجلالة والسمو ، وصلوا الى السلطة عن طريق البيان رقم واحد او بالوراثة ، وهؤلاء اكثر تحسبا وخوفا وقلقا من تنفيذ انقلاب ضدهم ، فانصرفوا نحو تشكل اجهزة امنية مزودة باحدث الاسلحة والمعدات والامتيازات لتتولى مهمة حماية البلاط والقصر الجمهوري ، وعلى الرغم من كل هذه التحوطات يبقى خطر الانقلاب امرا محتملا ،ويشكل هاجسا مرعبا لمن استفرد بالسلطة .
نائب رئيس الجمهورية المدان طارق الهاشمي وقبل ان يستقر في تركيا ، قيل عنه انه كان يخطط لتنفيذ انقلاب داخل المنطقة الخضراء ، وبصرف النظر عن صحة تلك الراوية فان المتابعين للشان العراقي يؤكدون بروز مخاوف لدى كبار المسؤولين ، من امكانية قيام الشركاء والحلفاء بانقلاب ضدهم ، والتصريحات في هذا الشان تكاد تكون يومية ، وتصدر على شكل تحذيرات على مستقبل العملية السياسية ، بمعنى الحفاظ على الزعيم الأوحد بوصفه امل العراقيين في الحفاظ على وحدتهم، ومنقذهم من شياطين الارض والسماء.
مطلع عام الفين وثلاثة نشرت صحيفة اماراتية مقالا لسياسي عراقي معروف مقيم في فرنسا اشار فيه الى ان استخدام القوة العسكرية للاطاحة بنظام صدام ليس خيارا صحيحا ، وعلى اصحاب هذا الرأي الانتظار لحين بروز قوة اخرى ستحقق هذا الهدف بسقف زمني لايتجاوز اكثر من سنتين ، كاتب المقال رجح احتمال حصول متغير نتيجة تنامي ارادات وصراعات داخل الاسرة الحاكمة ،وقد يكون رأيه صائبا ،ولا سيما ان المنطقة العربية ملائمة جدا ومناسبة للانقلاب الداخلي .
في بعض الاحيان يكون الانقلاب من تدبير البطانة والمقربين من الحاكم ، لأنهم اكثر استشعارا للخطر حينما يفكر صاحب القرار بابعادهم او احالتهم للقضاء ، سواء بتهم الخيانة العظمى او سرقة المال العام ، والوقائع التاريخية تؤكد ان البطانة وتدخل النساء بالحكم كانت وراء الاطاحة بالعروش ، ولما كان الزعيم العربي يعتمد على ابناءاسرته وعمومته في الاشراف على الاجهزة الامنية وفي بعض الاحيان قيادتها ، قد يندفع احد هؤلاء ،لاعتقاده بان سيده ليس افضل منه فينفذ الجقلبان ، على الديمقراطية باعلان حالة الطوارىء ، وبالروح بالدم نفديك يا ابو فلان .
انقلاب جقلبان
[post-views]
نشر في: 18 يونيو, 2014: 09:01 م