أتمنى أن يكون الاجتماع السياسي الذي عُقد الليلة قبل الماضية في مكتب رئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري والبيان الصادر عنه، قد جاءا بدافع شعور المجتمعين بالحاجة الى اجتماع كهذا لتدارك انزلاق البلاد الى وضع كارثي لا يُفضي الا الى تقسيمها بعد حرب أهلية طاحنة.
وأتمنى الا يكون الاجتماع والبيان الصادر عنه قد حدثا فقط لاعطاء الانطباع للعالم الخارجي، وبخاصة الولايات المتحدة، بان هؤلاء السياسيين موحدون، رداً على ما أعلنه الرئيس اوباما وعدد من مساعديه بان المساعدة الاميركية المرغوب بها لتقوية تصدي القوات العراقية لعدوان (داعش) وحلفائه، مرهونة بوحدة الموقف السياسي الداخلي العراقي.
أتمنى هذا لأن اجتماع قادة وممثلي القوى السياسية، وبخاصة المتشاركة في الحكم، كان حاجة عراقية ماسة للغاية، وكان يتعيّن عقده في غضون الايام الثلاثة الأولى بعد حدوث ما حدث الاسبوع الماضي انطلاقا من الموصل.
الأيام القليلة المقبلة ستبيّن لنا ما اذا كان الاجتماع قد عُقد استجابة لهذه الحاجة الوطنية أم نزولاً عند الضغط الأميركي. ولن يصعب علينا ادراك ذلك، فاذا غدا الاجتماع نقطة انطلاق لتطبيع العلاقات بين القوى التي اجتمع قادتها وممثلوها في مكتب الجعفري، واذا تكررت الاجتماعات واللقاءات بينهم، والأهم، اذا نشأ تفاهم بين هذه القيادات، سنقتنع بان هؤلاء السياسيين قد ذهبوا الى مكتب الجعفري بقوة الشعور الوطني وليس لأغراض تكتيكية.
والايام القليلة المقبلة ستقدّم الدليل على المضمون الحقيقي للاجتماع والغرض منه، فاذا كان هو اجتماعاً لرص صف "القوى السياسيّة الوطنيّة العراقيّة في مُختلِف اتجاهاتها"، ولـتناسي خلافاتها، ووضع الهموم الوطنيّة عامة، والهمَّ الأمنيَّ خاصة، فوق كلِّ الاعتبارات وفي أولويات الأمور، كما جاء في البيان، سنشهد توسيعاً لدائرة هذا الاصطفاف، فـتعبير "القوى السياسية الوطنية العراقية" الوارد في البيان لا ينحصر بالقوى التي يمثلها المجتمعون في مكتب الجعفري، وهم جميعاً الشركاء في الحكومة والبرلمان، اذ ان خارج هاتين المؤسستين توجد قوى وجماعات وشخصيات سياسية ليست أقل وطنية من المجتمعين في مكتب الجعفري، بل انها أكثر وطنية من بعضهم.
ليس في وسع اصحاب الاجتماع والبيان أن يتنصلوا من مسؤوليتهم في ايصال العملية السياسية، التي كان يُفترض أن تؤول الى اقامة نظام ديمقراطي فيدرالي راسخ، الى هذا المأزق الخانق، ولا من مسؤوليتها في تعريض مصير البلاد والشعب الى أشد المخاطر.
هؤلاء جميعاً يتعين عليهم ان يتواضعوا ويقرّوا بانهم فشلوا في ادارة الدولة والمجتمع على مدى عشر سنين، وانه لكي ينهوا حال الفشل القاتل هذه عليهم البحث في صيغة جديدة لادارة البلاد، ومن مستلزمات هذه الصيغة الانفتاح على سائر القوى والجماعات والشخصيات السياسية الوطنية وتمكينها من تحمّل حصتها من المسؤولية في ادارة البلاد ومواجهة المخاطر المهددة لمصير الشعب والوطن.
تنويه
جيد أن يصحو "مركز الإعلام الوطني" من غفوته الطويلة ويبدأ بتقديم معلومات عن تطورات الوضع الأمني.. نأمل أن يتطور هذا لإقامة علاقات وثيقة ومتواصلة مع وسائل الاعلام. ومن اللازم أن تكون له صفحة معلومة على "فيسبوك" وخطوط تلفون ساخنة للاتصال السريع به.
جميع التعليقات 1
محمدسعيد
هل نعتقد يااخي الكاتب المخضرم ان هذه الشله لها مصلحه وطنيه حقيقه في حل مشكلات البلد وترتيب اموره .. ام انها تتحاور فقط تحت شاشات الاعلام في كيفيه توزيع كعكه العراق والحفاظ علي المزايا والمنافع الذاتيه التي حصلت عليها بفضل الاحتلال ,حينما ت