بمشاركة عدد من الباحثين والمثقفين احتفى نادي العلوية مساء السبت الماضي بالباحث والمحقق عبد الحميد الرشودي وتم تكريمه لدوره في إغناء الحياة الثقافية العراقية بتراث الرصافي ومنجزه الإبداعي.. وأوضح مقدم الجلسة الدكتور كاظم المقدادي ان الباحث الرشودي من
بمشاركة عدد من الباحثين والمثقفين احتفى نادي العلوية مساء السبت الماضي بالباحث والمحقق عبد الحميد الرشودي وتم تكريمه لدوره في إغناء الحياة الثقافية العراقية بتراث الرصافي ومنجزه الإبداعي.. وأوضح مقدم الجلسة الدكتور كاظم المقدادي ان الباحث الرشودي من مواليد بغداد الكرخ 1929، تخرج من كلية الآداب سنة 1967، فتح عينية في بيت يحتوي على مكتبة كبيرة تضم أمهات الكتب التاريخية والأدبية فنشأ محباً للمطالعة والبحث. وحين لمس في نفسه القدرة على التعبير عن مكنوناته شرع يكتب المقالات وينشرها في الصحف العراقية والعربية منذ مطلع خمسينات القرن الماضي، ثم اصدر العديد من الكتب التي أصبحت من مصادر اليقظة الفكرية، إذ نهض بتوثيق سيرة عدد من الشخصيات الثقافية والأدبية وفي طليعتهم الشاعر معروف الرصافي، وكان كتابه الأول سنة 1950 بعنوان "ذكرى الرصافي" ثم "أبو العلاء المعري والرصافي" 1955 و"الأدب الرفيع للرصافي" 1956 وغيرها الكثير من الكتب التي احتل تاريخ الرصافي وحياته الأدبية والاجتماعية معظمها.
وتناول الباحث الرشودي خلال حديثه مقتطفات عدة من سيرة الشاعر معروف الرصافي مبتدئاً ببيت شعر لأبي تمام يؤكد على ان أخوة الأدب أهم من أخوة النسب. وقال: يسأل الكثير من الأخوة عن سر اهتمامي بالرصافي، وللجواب جذور تاريخية تبدأ منذ انتقالي من المدرسة الابتدائية سنة 1943 والتحاقي بمتوسطة الكرخ، وفي احدى الفرص وجدت بين يدي زميل لي ديواناً للرصافي، وعرفت منه ان أخاه اشتراه من مكتبة في سوق السراي، فذهبت في اليوم التالي واشتريته من مكتبة الإصلاح لصاحبها صادق الشكرجي، وقد شعرت حينها كأني حصلت على كنز فأخذت اقرأ واتأمل. وأوضح: وكنت بطبعي ميالاً للطبقة المسحوقة وقد قرأت في قصائده عن اليتم والأرملة والمطلقة فوجدت نفسي فيه، وصار أول عشق للأدب. وهذا هو سر تعلقي بالرصافي ما دفعني للقائه والتحدث معه مباشرة، فقيل لي انه يجلس في مقهى بمحلة السفينة بالأعظمية. ولكن حين ذهبت الى هناك وطفت حول المقهى لم اجد احداً تنطبق عليه المواصفات التي أخبرت بها عن الرصافي. ولم أوفق لذلك حتى سمعت بخبر وفاته عام 1945. وحرمت من رؤيته لكني عوضت ذلك من قراءاتي لكتبه والبحث في سيرته حتى صار عند خزين كبير مكنني من جمعها في كتاب أصدرته وانا لم أزل طالباً في الإعدادية.. وخلال حديثه اكد الرشودي على السبب الذي دفع الرصافي لتأليف كتاب "السيرة المحمدية" فقال: في سنة 1929 كتب الرصافي مقالات قصيرة تحت عنوان "خواطر ونواكب" ودفعها لرفائيل بطي على امل نشرها منجمة. فنشر المقال الأول وكان بعنوان "لو كنت مصوراً" يقول فيه لو كنت مصوراً لصورت مشهداً انسانياً نادراً، لصورت السيدة عائشة وهي متكئة على كتف الرسول تنظر من شرفة الدار الى طبل الأحباش. فأثار هذا المقال ثائرة الناس وهم يعدونه تجاوزاً على الرسول. فرد عليهم الرصافي بان ما ذكره مروياً في صحيح البخاري.. وقال: إذن المسلمون لم يفهموا ان الرسول بشر يوحى اليه. ولم يطلعوا على سيرته بالشكل الصحيح، وهذا ما دفعه لكتابة السيرة المحمدية.
وتخلل الحفل توجيه بعض الأسئلة من قبل الحاضرين عن ذكريات الاستاذ الرشودي وآرائه المختلفة، ومنها حديثه عن بغداد القديمة وكيف كانت مدينة مفتوحة للجميع، وما أصابها بعد ذلك من تراجعات. فضلاً عن اجاباته حول ذكرياته مع أدباء العراق في الجيل الماضي.. وفي نهاية الحفل قدم المؤرخ سالم الآلوسي وثيقة التكريم للرشودي وسط تصفيق الحضور.