في الماضي كانت الشوفينية في العراق حِكراً على بعض القوى والشخصيات القومية العربية التي تأثرت على نحو خاص بالحركة النازية في النصف الأول من القرن الماضي. وصُنّف حزب البعث في هذه الخانة الى جانب جماعات قومية عربية أصغر شأناً وشخصيات متأثرة خصوصاً بأفكار مواقف ساطع الحصري وأمين الحسيني وسواهما.
حزب البعث عبّر عن شوفينيته على نحو صارخ في عهد صدام حسين بالسعي الى إبادة الكرد جماعياً وتغيير الطابع الديموغرافي لمناطق استوطنها الكرد منذ آلاف السنين، لكن تلك كانت في إطار سياسة أشمل هدفت الى قمع الشعب العراقي بمختلف قومياته وأديانه ومذاهبه وقواه السياسية، ولم ينجُ كثير من البعثيين أنفسهم من قمع صدام.
لم تُدرج أحزاب الإسلام السياسي في خانة القوى الشوفينية بوصفها حركات عابرة للقومية والوطنية ولديها مشروع، أو بالأحرى مشاريع، لإقامة دولة دينية، لكنها صُنّفت حركاتٍ طائفية.
الآن يتبين ان الحزب الاسلامي يُمكن أن ينزلق هو الآخر الى هاوية الشوفينية.. فعلى وقع التفاقم المتواصل للخلافات السياسية والادارية بين حكومة اقليم كردستان والحكومة الاتحادية، وافصاح الجانب الكردي عن موقفه الرافض للولاية الثالثة للسيد نوري المالكي، تصاعدت في الأشهر الأخيرة نبرة التصريحات ذات الطابع المعادي للكرد كشعب وقومية من جانب مسؤولين حكوميين ونواب من حزب الدعوة أو من المقربين منه في إطار ائتلاف دولة القانون. وخلال الاسبوعين الأخيرين انفلت عقال هؤلاء ودخلت وسائل الاعلام التابعة للحزب بقوة مهولة في حملة ضد الكرد تحمل كل ملامح الحملة الشوفينية.
كل الحكومات العراقية التي سعت لقمع الحركة القومية التحررية الكردية لم تجرؤ على شتيمة الكرد كشعب وقومية، بل انها حاولت دوماً اظهار انها تميّز بين الشعب الكردي والحركة المسلحة الكردية التي كانت تُوصف بأنها "عصاة" و"جيب عميل". وللمقارنة فان صدام حسين، برغم كل سوءاته، حرص على التملق الى الشعب الكردي، حتى انه أمر غير مرة بتصويره تلفزيونياً وفوتوغرافياً وهو يرتدي اللباس الكردي التقليدي.
في مسعى لتحميل القيادات الكردية وادارة اقليم كردستان المسؤولية، أو قدراً منها، عن الفشل المبين للحكومة الاتحادية في مختلف الميادين، وبينها أخيراً النكوص عن ردّ عدوان (داعش) وحلفائه، أخذ مسؤولون في حزب الدعوة ودولة القانون ووسائل إعلام الحزب راحتهم كثيراً باطلاق التصريحات ونشر المقالات والتقارير التي تثير الكراهية تجاه الكرد وتحرّض ضدهم وتحقّرهم وتحطّ من شأنهم.
من دون سائر الاحزاب الاسلامية الرئيسة، الشيعية والسنية، يتفرد حزب الدعوة وحلفاؤه في دولة القانون بهذه الحملة المعادية للكرد.. فما الذي يريد القائمون عليها أن ينتهوا اليه؟ .. هل يسرّهم أن يندرج حزبهم في قائمة القوى الشوفينية؟
"الدعوة" وحملة الكراهية للكرد
[post-views]
نشر في: 22 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
عطا عباس
هم يعتقدون ان مسؤوليتهم عن فشل ادارة الدولة ولسنوات يمكن ات يمر عبر الكراهية وتصعيدها ازاء عدو موهوم وليكن الكرد الان ... لكن ذلك لن يدوم طويلا ، ف العدو القادم أكبر من الكرد وكردستان : العراق وشعبه من الفاو الى زاخو ! نحن شعب يستحق الشتيمة وحتى ال
خليلو...
للاسف الشديد هناك رؤية متخلفة جدالبعض الروزه خونية من الكورد يحرمون التعامل الاجتماعي والاقتصادي معهم مستندين الى روايات منسوبة الى الامام السادس ذات اسانيد ضعيفة وقداصدر الامام السيستاني حكما بتخطئتها ولكن حزب الدعوة يبدو قد بعثها من جديد في خضم الخيبات
نریمان محمد
مقالە ممتازە ،قیمە ، ذات روح علیە ،ووطنیە شریفە الهدف منها التوجە نحو الوحدە وعدم الانجرار الى مالایحمدە احدا . ماذا یستفید حزب الدعوە من هكذا توجهات ،غیر الانتقاص من نفسە کحزب کبیر داخل العراق خصوصا یوجد اکراد کثر فیە وخاصە من المذهب الشیعی
ابو سجاد
حقد حزب الدعوة على الكرد ليس جديدا انه منذ تولي الجعفري السلطة وحتى انتقالها الى المختار ولكن اعتقد ان هؤلاء حقدهم موجه الى كل اللذين يرفضون تفردهم بالحكم وانتقاد ادارتهم للبلاد واقصاء الاصدقاء والشركاء فلا تستغرب انه ديدن الفاشلين الذين سيرحلون بهزيمة م