TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ما لن تشاهده في قناة العراقية

ما لن تشاهده في قناة العراقية

نشر في: 24 يونيو, 2014: 09:01 م

المؤكد أن الزملاء العاملين في قناة العراقية يشاهدون كل يوم قناة البي بي سي، وربما يتابع البعض منهم النسخة الإنكليزية من السي ان ان، وبالتأكيد البعض منهم حريص على ان يشاهد ويسمع ويقرأ التقارير والتحقيقات والاخبار التي تنشر في الوكالات العربية والعالمية عن الوضع في العراق.
قبل اشهر كتبت في هذا المكان مقالاً استعرت عنوانه من مقال قديم كتبه السيد محمد عبد الجبار الشبوط قبل ان يصبح مديرا عاما لشبكة الإعلام العراقي تحت عنوان “العراقية خارج التغطية” وفيه وجّه السيد الشبوط سهام نقده لأداء قناة العراقية لأنها خسرت مشاهديها بسبب انحيازها لطرف سياسي معين .. كان المقال في حينه يعبر عن وجهة نظر مهنية تنتقد أداء جهاز إعلامي من المفترض انه يتبع مجلس النواب، إلا أن الحكومة وبلعبة شطارة وضعته في جيب سترتها الأيمن. في المقال اطلعنا على رأي جريء يتهم “العراقية” بأنها تتعامل مع الحدث الساخن بطريقة باردة دفعت بكاتبه أن يقول وبالحرف الواحد "إلا «العراقية»، التي يؤسفني القول إنها كانت خارج التغطية"!
منذ اسابيع وانا اصاب كل يوم بخيبة أمل مضاعفة، وأنا أتابع التغطية الإخبارية التي تقدمها القناة لما يجري من احداث امنية خطيرة تمر بها البلاد ، حيث أصرت على أن تتحول الى قناة للأغاني والاهازيج والهتافات متجاهلة المأساة التي يمر بها ملايين العراقيين ممن يتعرضون الى التهجير والقتل ، مصرة على أن تقدم صورة باهتة لما حصل في الوقت الذي تفرد فيه جميع القنوات العالمية والعربية مساحات واسعة لما يجري على الارض ..كل يوم اتابع العراقية لعلي اجد اخبارا ترد على ما ينشر ويعرض في وسائل الاعلام الغربية ، فلم اجد سوى مقاطع مصورة معادة من خطب رئيس مجلس الوزراء، وبيانات للقيادة العامة للقوات المسلحة ذكرتنا بما مضى من بيانات وتقارير ، أثبتت لنا بالدليل القاطع أننا ما زلنا نعيش عصر الصحاف بجدارة.
سيقول البعض ان هناك وسائل إعلام وفضائيات تعرض وتنشر تقارير وأخبار الهدف منها الإساءة للعراق والعراقيين، وهذا صحيح ولكن في المقابل المواطن العراقي بحاجة الى وسائل اعلام محلية تقدم له حقيقة ما يجري في البلاد ، وتوثق الاحداث تعرض صورا حقيقية لما يجري في ساحة الحدث ، لا ان تتحول الى ساحة للمناكفة وشتم المختلفين سياسيا مع نهج الحكومة.
طبعا أنا أتفهم حجم الضغوط التي يتعرض لها المسؤولون في هذه القناة، ولكن الذي لا افهمه أن يكرر السيد الشبوط الخطأ نفسه الذي انتقده في مقالته السابقة.
اعرف أن تدخُّل الحكومة في كل صغيرة وكبيرة.. أصبح كأنه قدر مكتوب، والرضا بالمكتوب صفة من صفات العراقي الصبور.. رضينا وصبرنا على فساد مسؤولين حكوميين كبار وتلاعبهم بأموال طائلة من دون وجه حق، رضينا بانعدام الخدمات في كل أمور حياتنا لان الحكومة لا طاقة لها بـ(تكفلنا) أكثر من هذا، رضينا بالكثير ولا داعي لزيادة اللف والدوران في هذا الموضوع حتى لا نصبح مثل (النادبات على القبور).. ولكن في المقابل عندما تصر مؤسسة إعلامية بحجم العراقية على الإذعان لتوجهات الحكومة تطبيقا للمقولة الشهيرة (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) فان الأمر يصبح نكتة.
تهتم قناة العراقية كثيرا بعرض وجهة النظر الحكومية، ورغم انها ترفع شعار حرية الرأي، لكنها لا تقترب أبدا من ما يتعرض له أهالي الموصل وتلعفر وما جرى في بيجي وما حقيقة السيطرة على المنافذ الحدودية، وما الذي يجري في قرى ونواحي الأنبار.
للأسف إن نص الفيلم الذي تعرضه علينا العراقية كل يوم لم يتغير، وان ما يخرج من شعارات وهتافات لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاهازيج، وهكذا، دوائر وحلقات لا تنتهي من الخطب والبيانات واللقطات، الحقيقي منها والمزيف ، لنكتشف في النهاية ان القناة تدار وفقا لمواقف ثابتة لم تتطور، منذ أن وضع مكتب المالكي يده على مقدرات شبكة الإعلام العراقي.
قناة العراقية ترى القشة في الفضائيات، وتغفل عن الخشبة التي تغطي شاشتها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram