عبدالله السكوتيقال أحد الخطاطين:"كنتُ أخطّ بين يدي أمير من الأمراء، فالتمسني الأمير ان اجيب يوما ابن العميد عن كتاب فلم يجدني ، وكان ابو سعيد السيرافي النحوي بحضرته فظن انه بفضل علمه أقوم بالجواب من غيره ، فتقدم يكتب ويجيب، فاطال في عمل نسخة كثر فيها الاصلاح ،
ثم اخذ يحرر والامير يقرأ ما يكتبه ، فوجده مخالفا لجاري العادة ، لفظا مباينا لما يراد به ترتيباً ، قال ودخلت في تلك الحال فتمثل الامير بقول الشاعر: يا باري القوس برياً ليس يصلحها/ لا تظلمْ القوس واعطِ القوس باريها. كثير من المتطفلين تسنموا مراتب ليسوا أهلاً لها وصاروا يحكمون برداءة وجودة الأشياء، انصاف موهوبي السياسة وانصاف موهوبي الادب وانصاف بأشياء أخرى، ولذا تراجعت الامور الى الخلف وليتها ثبتت على زمن من ازمان الرقي والثقافة ـ انحدر السيل الى اسفل الوديان وبقيت هامات المرتفعات فارغة تشكو الجدب والعوز والفاقة. لم تلبث القلوب التي تضمر الشر وتتوجس من العقليات النظيفة ان تقتحم عليها عزلتها المحاطة بالهالات الكاذبة وتفضح ما انطوت عليه السرائر الخبيثة ، ما يزال الكثير من الوقت امام الاندحارات المتواصلة للمدعين ولا يمكن للزمن ان يستمر يغطيهم بغطاء شفاف يعزل اسفافاتهم ويضعها في أبراج ظانين ان احداً لن يكتشف خواءهم وتصحر عقلياتهم. هذه القوس وهذا الباري فاعط القوس باريها ايها الشعب فالبلاد ليست عقيما وستلد الكثير ، والأيام مثقلات بالكثير ايضا ، نحن على ثقة ان الشعب قادر ان يميّز لمن يعطي القوس لأنه مجربٌ كبير وقد اصاب كثيرا ويستطيع ان يصيب من جديد في اختياره المبني على التمييز الصحيح بلا توتر ولا مؤثرات ، فالمؤثرات تذهب حال ان ينتهي آخر عراقي من وضع صوته داخل صندوق الحرية ، الذي يجب ان ندافع عنه باستماتة ونذر نفوسنا معلقة بالهواء كي تبصر المزيفين والمزورين وكي نمنع اصواتهم النشاز من ان تخرب صوت السرب الجميل . واذا نجحنا هذه المرة ، فسوف ننجح على طول الخط ، اما اذا عدنا للاصطفافات خلف القواعد المكتوبة بحبر الخديعة فسوف نخسر الجولة وعندها نعض اصابعنا المصبوغة ونجري الى بيوتنا لنغسل عنها حبر الخديعة لا سمح الله. من الواضح ان التجربة القادمة بعد مخاض اقرار قانون الانتخابات ستكون مختلفة وستعطي ثمارا ناضجة لاعتبارات عديدة، الاعتبار الاول وبعد تجربة السنوات الاربع الماضية ان الشعب اكتشف ما أخذ النواب وما اعطوا خلال هذه الفترة، ولذا سوف يتحرى جيداً ، عن شخصيات يستفسر عنها ويتعب نفسه في تقصي الحقائق كي يكون دقيقاً عندما يعطي صوته ولا يخطئ ثانية في التقييم. اذا انتهت ازمة اقرارنا قانون الانتخابات ولم تتأجل ولم تضغط امريكا للسرعة في اجرائها فسوف تكون هذه المرة انتخابات نموذجية لمادتها الفنية والتي ستفرز كثيرا من العقليات الممتازة في ظل القائمة المفتوحة والاختيار الصحيح، وسنعطي القوس باريها حتى لا نقع في الخديعة مرةً اخرى.
هواء في شبك: (اعطِ القوس باريها)
نشر في: 25 نوفمبر, 2009: 06:52 م