TOP

جريدة المدى > سينما > عرف بمخرج الممثلين وملهمه برغمان..السويدي يان ترول شاعر سينما يغزل في السياسة

عرف بمخرج الممثلين وملهمه برغمان..السويدي يان ترول شاعر سينما يغزل في السياسة

نشر في: 25 يونيو, 2014: 09:01 م

إنّ الفرد المنعزل الشجاع الذي يقف ضد الشر، ويخاطر بنفسه مضحياً ،هو شخصية مألوفة في الأفلام، مثل "الظهيرة القائظة High Noon" و"سلكوود silkwood" و"المطّلع Insider" . والآن أضاف الأستاذ السويدي، "يان ترول"، إلى ذلك الغاليري فيلمه الجديد "الحكم الأخير Th

إنّ الفرد المنعزل الشجاع الذي يقف ضد الشر، ويخاطر بنفسه مضحياً ،هو شخصية مألوفة في الأفلام، مثل "الظهيرة القائظة High Noon" و"سلكوود silkwood" و"المطّلع Insider" . والآن أضاف الأستاذ السويدي، "يان ترول"، إلى ذلك الغاليري فيلمه الجديد "الحكم الأخير The Last Sentence"، إذ يصوّر "تورجني سغرشتد" ،وهو محرر في صحيفة سويدية، كان من أوائل المنتقدين الدائمين الشديدين لهتلر، متحدياً كلاً من التهديدات النازية وطلبات الحكومة أن لا ينال من موقفها المحايد.

لكن "الحكم الأخير"، الذي افتتح مؤخرا، ليس سوى سيرة قديس. إن شجاعة مواقف" سغرشتد" العامة، واستقامته، تتعارض بشكل حاد مع فوضى حياته الخاصة ونزاعها، التي يثيرها السيد ترول أيضاً؛ كان موت أم " سغرشتد" يطارده، ويعامل زوجته باللامبالاة و القسوة ، ويتباهى بعلاقته مع سيدة مدمنة على المورفين، هي زوجة أقرب أصدقائه. 

كان بالضبط ذلك "الانقسام بين الشخص الذي تريد أن تكونه والشخص الذي أنت عليه الآن، والحكم الذي تضعه على نفسك لأنك ليس الشخص الذي تريد أن تكونه"، وذلك يجعل من المشروع جذاباً حين كان يقاربه لأول مرة، قال السيد ترول في مقابلة بالسكايب الشهر الماضي من بيته في "سمايغهامن" وهي بلدة في أقصى جنوب السويد. وأضاف:" تريد أن تفعل الأمر الصحيح لكنك ترتكب أفعالاً سيئة. واعتقد أن " سغرشتد" ،وهو طالب لاهوت حين كان شاباً ،"كان لديه صراع في غاية الصعوبة مع ضميره". 
ولكي يؤدي الشخصيات المعقدة، كان في ذهن "السيد ترول" حين كتب السيناريو مع الروائي والشاعر الدنماركي "كلاوس ريفبرغ"، جمع "السيد ترول" طاقم عمل من كل النجوم الاسكندينافيين. الممثل الدنماركي "يسبر كرستنسن"،المعروف بدور الشرير في فيلمي جيمس بوند "كازينو رويال" و"حصة من العزاء"، قام بأداء دور " سغرشتد"، مع "برنيلا أوغست من السويد"، التي تؤدي دور "شامي سكايووكر" في سلسلة "حرب النجوم"، إذ أن صديقته الكوميديان السويدي "أولا سكوج" تؤدي دور زوجة " سغرشتد" النرويجية التي كانت تعاني طويلاً. 
من بداية مهنته، اشتهر السيد ترول كونه مخرج الممثلين. في بداية السبعينات صنع فيلمين حول الهجرة السويدية إلى منسوتا مثل فيهما ماكس فون سيدو وليف أولمان، الأول "المهاجرون" والثاني "الأرض الجديدة"، اللذين رشحا للعديد من الأوسكارات، بضمنها جائزة للسيدة أولمان كأحسن ممثلة. وقد عبدا الطريق للسيد "فون سيدو" في دوره الكاسح في "المطهِّر". 
تقول أورسولا لندغفست، وهي خبيرة في الفيلم الإسكندنافي تدرس في كلية "غوستافوس أدولفوس" في منسوتا:" إن عملهم مع السيد ترول جعلهم أسماء مألوفة في أمريكا والسويد. قبل ذلك كانوا معروفين على الأغلب بأفلام البيت الفني لأنغمار برغمان والذي يصفه السيد ترول كونه شخصية أخوية كبيرة و"ملهم لي". 
ظهر السيد "فون سيدو" في سبعة من أفلام السيد ترول ومنح الدور الرئيس في فيلم "الحكم الأخير" لكنه رفضه لأنه ، حسب السيد ترول، في الخامسة والثمانين و شعر أنه بلغ من العمر عتيا. لكن السيد كرستسن كانت له مشاركات عديدة معه،إذ ظهر في الفيلم السابق له بعنوان "لحظات خالدة" عام 2009. 
ما الذي يجعل الممثلين مخلصين للسيد ترول؟ توضح السيدة لندغفست :" من البداية يخلق "يان" جواً هادئاً ،ومناخاً مدهشاً من الإبداع. إنه يثق بحدسك ويدع الممثل على سجيته، وذلك يشعرك أنه ذكي ومهم. إنك لا تسمع كلمة قاسية منه. لا يصرخ. وهو في غاية الهدوء". 
خلال سيرته التي تمتد إلى أكثر من خمسين سنة أظهر السيد ترول ميلاً إلى ما يسمى اليوم بصورة منبوذة "صوراً سيرية". يعتمد فيلم "الحكم الأخير" على سيرة كتبها كين فانت عن "سغرشتد".إنّ رصيد السيد ترول من الأفلام يدور حول شخصيات مشهورة، مثل "كنوت هامسون" ،الروائي النرويجي الفائز بجائزة نوبل للآداب، الذي تم القبض عليه بتهمة الخيانة بعد الحرب العالمية الثانية، أو شخصيات غامضة، في الأقل في الولايات المتحدة، مثل الطيارة السويدية "إلسا اندرسون". 
في كل قضية تقريباً فإن السيد ترول قد أعد عملاً أدبياً حالياً بدلاً من خلق قصة خاصة مفبركة. يقول:" أود الوقوف على أرضية راسخة ،أعرف أنها حقيقة وأحاول أن أعيد خلقها". 
"دائماً أشعر بالحاجة بنفسي إلى أن أصدق في "هذا ما حدث" أو " يمكن أن يحدث هذا" يستمر بالقول:" ذلك هو أساس مقتربي. وأرغب بمحاولة وضع نفسي في مكان شخص آخر وأرى وجهة نظر الشخص الآخر". 
على الرغم من أن فيلم "الحكم الأخير" قد تم تصويره رقمياً، لأول مرة بالنسبة للسيد ترول، إلا أنه يتقاسم المميزات نفسها مع أفلامه الأولى بالمعنى التقني. ومثل أفلامه السابقة "المهاجرون" و"الأرض الجديدة"، فإن فيلم "الحكم الأخير" مليء بالمشاهد الداخلية ،التي صورت بلقطات داخلية ،مع "غنى العمق والتفاصيل، في كل صورة تتميز بها سينما السيد ترول" كما يقول أندرو نستنجن، بروفسور الدراسات السينمائية والاسكندينافية في جامعة واشنطن. 
"ثمة لحظات يبدو فيها مانحاً أفلامه إلى الممثلين في تلك اللقطات الطويلة حقاً، كأنه يسمح لهم أن يؤدوا أدوارهم على المسرح". مضيفاً:" لكن مع وجود الكاميرا والضوء يستطيع أن يرسم ،طبقة فوق أخرى، التفصيل الدقيق الذي يقوم ببناء القصة ويوقظ اهتمام المشاهد". 
ذلك المقترب يساعد في توضيح سبب كون السيد ترول مخرجاً عملياً يرغب الآن في التقديم إذ أن مدير تصويره ( غالباً ما يعمل مع "ميشا غافرجوسجوف) لم يجد أداة هوليود في صنع الأفلام القريبة إلى نفسه. لقد أخرج فيلمين في السبعينات هما " عروس زاندي" و"إعصار" لكن حتى الآن يبدو مصعوقاً من التقييدات التي وضعت أمامه. يستذكر قائلاً:" ثمة عشرة أضعاف من الناس حول الكاميرا مما في السويد، لكن لم يسمح لي بتشغيل الكاميرا حسب قوانين الاتحاد". فيما بعد وقع عقداً على صنع 10 أفلام. يقول:" عرفت أني لا أستطيع صنع الأفلام لكني أردت أن أصنعها لهذا عدتُ إلى السويد". 
يملك السيد ترول، الذي سوف يبلغ الثالثة والثمانين، ذكريات شخصية حية عن سنوات الحرب. صُوّر فيلم "الحكم الأخير" بالأبيض والأسود جزئياً كي يستحضر الجرائد السينمائية التي يتذكر أنه رآها حين كان طفلاً وحين كان في الثامنة كان نزح من بلدته في مالمو، بعد سيطرة النازيين على النرويج والدنمارك، حين ظهر أن السويد أيضاً قد تم غزوها. 
تقول ابنته ،يوهانا ترول، التي أخرجت فيلم "فحص قريب" وصنعت فيلماً وثائقياً عن صنع فيلم سغرشتد:" هجر الوالدين هي صدمة كبيرة وسمت حياته، لهذا أظن أنّ التعامل مع هذا الموضوع هو علاج له". 
لكن فيلم "الحكم الأخير" جاء في وقته، تقول السيدة "لندنغفست" ، لأنه جزء من "تصفية الحساب مع الماضي"وبالأخص الطبيعة الحقيقية لتورط دول شمال أوربا في الحرب العالمية الثانية والذي أثير الشك حوله في السنوات الحالية. تقول:" أحياناً يطلق على ترول شاعر سينما لأن تصويره في غاية الإدهاش. لكنه في الوقت نفسه يعطينا دورانا فنيا حول المادة السياسية العميقة". 
عند عرض الفيلم في كوبنهاكن السنة الماضية سأل أحد أفراد الجمهور السيد ترول إن كان أحد الشخصيات الشعبية الحديثة يذكره بـ"سغرشتد" وأجاب المخرج بنعم، إنه أدوارد سنودن. وحين سئل عن ذلك، ذكر مشاهد في فيلم "الحكم الأخير" فيها يحذر "سغرشتد" رئيس الوزراء السويدي و الملك غوستاف الخامس بأن تصرفاته تضر بالمصلحة الوطنية لكنه مع ذلك يصر على إتباع ضميره. 
"إن "سغرشتد" هو المعارضة التي يحتاج لها أي شخص في السلطة، إن كان يتوجب عليهم الحفاظ على أصابع قدمهم مع أخلاقهم سليمة". قالت السيدة ترول مع والدها الجالس إلى جانبها ويميل عليها. وتضيف:" العصيان يحتاج الشجاعة، وعلى الرغم من أن الناس مثل "سغرشتد" و"سنودن" هم تهديد وبالإمكان أن يفلتوا من الأيدي، فمن المهم أن نمتلك ذلك النوع من المقاومة".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

مشاركة 25 ألف مركبة خاصة و350 باصاً في نقل الزائرين

660 ألف طفل في قطاع غزة لا يزالون خارج المدارس

وزير الخارجية: القوات الأمريكية ستبقى في العراق بظل إدارة ترامب الجديدة

إيران: استقالة المسؤولين الإسرائيليين دليل على هزيمتهم

اسعار النفط العراقي تهوي لما دون 80 دولارا

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

السينما كفن كافكاوي

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram