قبل قرار ترحيل الإمام الخميني من العراق أواخر السبعينات ( ١٩٧٨)، لم يكن قد سمع باسمه إلا القلة، وربما - ربما - لم يكن قد رأى صورته أحد. لكنه احتل غلاف مجلة (تايم ) الأميركية — المحجوز اصلا للاحداث المصيرية والساخنة — وهو يغادر منفاه الباريسي وصولا لطهران،ويغدو إسمه على كل لسان ويستقبل ذاك الإستقبال التاريخي الحاشد، الملفت للنظر .
توجس المراقبون المعنيون بالشأن السياسي، خيفة، — اولئك الذين يلمحون الدخان قبل إندلاع اللهب، ويوجهون إبرة البوصلة حيثما يشاؤون —. وهم يمعنون النظر بتفاصيل الصورة ويقرأون الف باء اسرارها: بإمكان هذا الرجل قلب او ( خلخلة )الموازين في المنطقة … وهذا ما حدث فعلا، إثر إشتعال الحرب العراقية الإيرانية — العبثية — التي راح ضحيتها خيرة الشباب من البلدين على السواء وما اعقبه من حصار غاشم جللته إرادة غزو الكويت، وأعيد العراق إلى مرحلة العصر الحجري. تماما كما توقعه الراسخون في تنفيذ لعبة الامم حتى الشوط الاخير .
تلك التداعيات الجارحة على الصعيد العام والخاص تطل برأسها مجددا وبإلحاح ، وأمامي صورة جديدة لخارطة العراق مسجاة، على غلاف المجلة إياها ( التايم الأميركية )العراق المتداعي الذى افرغ من محتواه الثر، ليس من شبر فيه بمنجى، إمحت منه معالمه وتضاريس مدنه وإحترقت حدوده وتصاعد الدخان والسخام من جوانبه. وحل محلها كلمات ينز منها الدم: نهاية العراق. THE END OF IRAQ
في سياق الفنون العسكرية ثمة درس مخصص لقراءة الخرائط والدروس المستنبطة، فهل بين الزعماء المتكالبين على إعتلاء كراسي السلطة، ومنافع ومذاق عسل السلطة ، من يقرأ غلاف مجلة التايم. فيغص بلقمته، او يتنغص منامه، او على الاقل يستحي مما آل او سيؤول إليه بلد كان منارا، وغدا بعض شظايا ورماد.
## من تروق له رؤية العراق الجديد، ولا يفور دمه او يتقرح كبده، فليتفرج على عدد المجلة الصادر بتاريخ الثلاثين من حزيران الجاري، والمعروضة صفحاته على الإنترنيت، استباقا لعرض العدد في الاسواق بنسخته الورقية، والتذكرة ببلاش!
غلاف التايم: بوصلة وقمباز وناظور
[post-views]
نشر في: 25 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
الحاج علي النداوي
الاخ العزيز كاتب المقال .. لقد اجدت وابدعت ..ولكن نظرتك تشائمية الى حد بعيد فقط تذكر رسالة السيد الخميني الى الشاه المقبور وهو يقول له فيها : ان الشعوب لاتموت ولكن الحكومات هي التي تموت .