يوم قدم استقالته من الحزب ، اخفى الخبر عن أبيه لتفادي انتقاداته ، ونصائحه الثورية والنضالية ، الشاب المستقيل كان يعتقد بأن الديمقراطية بنسختها العراقية ، يمكن ان تحقق حياة سياسية مستقرة وتحقق مصالح الشعب ، وتبني دولة المواطنة خلال اشهر ، ومشاركة حزبه في العملية السياسية دفعته لمضاعفة جهوده لتوسيع التنظيم بالتحرك على الشباب، وكلفه ذلك السير على الأقدام مسافات طويلة، للإبلاغ عن موعد اجتماع او المشاركة في نشاط حزبي ، او لجمع تبرعات لعلاج رفيق مصاب بمرض خطير .
في بداية اندلاع العنف المستمر حتى الوقت الحاضر ، تم تكليف الرفيق بوصفه مسؤولا عن منطقة واسعة بجانب الكرخ بمهمة الاتصال برفيق جديد يسكن في حي "ابو دشير" لضمه الى التنظيم واثناء رحلة البحث هاجمته الكلاب السائبة ، فاضطر الى الركض حافيا تاركا نعليه غنيمة للمهاجمين، ولشعوره بالحرج من عدم إنجاز الواجب الحزبي، قرر في الصباح الباكر التوجه الى المكان نفسه ، فمنعته القوات الأميركية من الدخول الى المنطقة ، لأنها كانت تقوم بحملة دهم وتفتيش عن عناصر ميليشيات زرعت عبوة على الطريق العام الرابط بين بغداد والمحمودية .
الرفيق المستقيل، وفي ما بعد المخلوع، واللقب اطلقه الأب على الابن، لم يساعده حزبه في الحصول على فرصة عمل او وظيفة حكومية، مثل بقية الأحزاب والقوى السياسية التي عادت من الخارج او تشكلت بعد الغزو الأميركي للعراق ، كلها شاركت في العملية السياسية ، وحصلت على مقرات في الأحياء الراقية بالعاصمة ، فأغلقت الشوارع ، واستخدمت موارد الدولة في تأسيس فضائيات وإصدار صحف ، فاتسعت قواعدها الشعبية ، وتفوقت على الأحزاب العريقة بحصولها على مقاعد في مجلس النواب ، وتمثيل حكومي ، وهنا بيت القصيد ، فبعد حصول القيادي في الحزب او أمينه العام على المنصب الوزاري يبدأ بتعيين أبناء العم في مكتبه ثم المقربين والمعارف، وتصبح الوزارة ماركة مسجلة باسم صاحبها لاربع سنوات ، وبالامكان تجديدها لدورة ثانية وثالثة.
يقال ان سخرية القدر في بعض الأحيان تكون على شكل مأساة عندما يصبح شرطي الأمن بمنصب رفيع ، وبيده مقدرات العباد ، ويمتلك عناصر مسلحة على استعداد لارتكاب جرائم بحق الانسانية من اجل الحفاظ على منصب ولي نعمتها ، كل هذه الاسباب وغيرها جعلت الشاب يقدم استقالته من حزبه ، ويتقبل لقبه الجديد الرفيق المخلوع.
"نعال" الرفيق
[post-views]
نشر في: 27 يونيو, 2014: 09:01 م