اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لعنة "الفيبسبوك"

لعنة "الفيبسبوك"

نشر في: 27 يونيو, 2014: 09:01 م

يقولون لك إن غلق مواقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك وتويتر" والتضييق على خدمات الانترنيت، محاولة إلإنقاذ البلاد من جحيم الحرب الأهلية، لكنهم في وسائل إعلام يمولونها نراهم يغذون ماكينة الاحتراب بين مكونات المجتمع العراقي بكميات هائلة من الوقود الطائفي ومن الخطابات العنصرية تفوق ما صنعة المستر مكارثي في امريكا الخمسينيات.
زعموا أنهم يحافظون على النسيج الوطني للبلاد، لكنهم لايتوانون في صفحات الفيسبوك الخاصة بهم - والتي ظلت غير معنية بقرار هيئة الاتصالات والإعلام - على الاحتماء، تحت مظلة من التحريض والتبرير والتفرقة الطائفية بين مواطن ومواطن.
تأمّل العراقيون أن يكون التغيير بوابتهم لتأسيس دولة القانون والمواطنة، غير أنهم اكتشفوا بعد سنوات من سقوط صنم الطاغية أن الأمور تمضي وكأن الذين يحكموننا يكرهون القانون ويحتقرونه أكثر مما يكرهه الخارجون عن القانون، وقصة غلق مواقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك وتويتر" تكفي دليلاً على ما أقول ..
عندما انتهى حكم صدام وأزيلت أجهزته الاستخبارية والأمنية استبشر العراقيون خيرا بأن ساعة فطام الشعب قد حانت، وأننا أخيرا سنلتحق بركب الدول التي بلغت سن الرشد وسنتجاوز نزق الإرشاد والتوجيه، إلى مرحلة من النضج يكون فيها القانون والشفافية والنزاهة هي إعلام المواطن وليس مقرات الأحزاب ومديريات أمنه، لكن سياسيينا لم يستطيعوا مع العقل والنضج صبرا وأعادوا أنظمة التجسس ومراقبة المواطن إلى الخدمة.
سيقول البعض إن الدستور الدائم لعام 2005 اقرّ في مواد عديدة ضمان حرية الأشخاص ومعتقداتهم وآرائهم، لكن الواقع يقول إن حرية العراقيين مهددة حتى في بيوتهم.
لقد وعدت الحكومة في برنامجها الذي أعلنه رئيس مجلس الوزراء الناس عام 2010 بالرخاء والنماء والعمران ولم تعدهم بتضييق الحريات والتلصص عليهم، غير أن الحكومة مصرة على مطاردتنا حتى من خلال الانترنيت.
فضيحة حجب مواقع التواصل الاجتماعي ومراقبة الانترنيت إلى جانب إنجازات سابقة للحكومة الرشيدة في التضييق على الحريات تظهر بصمة واضحة في محتوى ما تقدمه حكومتنا الرشيدة وبعض مؤسسات الدولة، حيث التكفير بالتغيير والتحريض على نموذج الدولة المدنية لا ينقطع،
والسؤال الأهم هو الى متى ستظل الحكومة تتحفنا بحكاياتها الكوميدية والمثيرة وتضفي على حياتنا طابعا فكاهيا ساخرا، ما أدهشني وأحزنني في قضية حجب مواقع التواصل الاجتماعي ، أنّ القانون الذي يفترض أنه وضع من أجل الجميع، وعلى كل فرد واجب تنفيذه، من رئيس الوزراء، إلى الوزير، إلى المواطن.. نجد نواب وساسة يعلنون أنفسهم أنهم فوقه ويتربعون على أنفاسه.. ويملؤون صفحاتهم الشخصية بالتحريض الطائفي .
للأسف نرى اليوم ان قلة الكفاءة، وعدم احترام قواعد الديمقراطية يعيدان العراق إلى العصور البدائية، والتصورات السلطوية تعيد مسؤولينا ومستشاريهم إلى ما قبل دولة المؤسسات.
من الواضح أننا اليوم أمام طريقة مختلفة في التعامل مع المواطنين، طابعها الخشونة والتضييق على الحريات الشخصية ، خصوصا أن البعض يصور الفيسبوك على انه مؤامرة من "أعداء الوطن" الذين يتداولون أفكارا وطروحات حول الفساد والمفسدين، وغير ذلك من مفردات أطلقتها بعض الأجهزة الحكومية
فيلم "الممنوعات" لم ينته بعد لأنه أظهر لنا أن أنصار دولة الاستبداد أكثر مما نتوقع، وظهر أيضا أن أساطير وخرافات بعض السادة المسؤولين عن أنفسهم تجاوزت الحد المعقول ، وان مفهوم السيطرة على البلاد والعباد ، سيكون بديلا لمشروع الإصلاح والتنمية والاعمار وطرد الارهاب وبث الأمن والأمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

"الأبنية متدهورة".. سجون العراق تعاني اكتظاظاً يفوق 300% من الطاقة الاستيعابية

اجتماع هام لديكو لحسم صفقة جديدة لبرشلونة

العمليات المشتركة تكشف تفاصيل هجوم "الفصائل" على قاعدة عين الأسد

السجن 15 سنة بحق مدان أطلق النار على مفرزة أمنية

آفة تتفاقم.. الداخلية تعلن القبض على (31) متسولاً في بغداد

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram