اذا عدنا قليلا الى الوراء و استرجعنا خطاب الرئيس اوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي حدد فيه أربعة مسائل وصفها بـ( الجوهرية) يتحتم على الولايات المتحدة تكثيف جهودها لمعالجتها على المدى القريب كونها تمثل تهديدا لمصالحها الحيوية وهي : تأمين ا
اذا عدنا قليلا الى الوراء و استرجعنا خطاب الرئيس اوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي حدد فيه أربعة مسائل وصفها بـ( الجوهرية) يتحتم على الولايات المتحدة تكثيف جهودها لمعالجتها على المدى القريب كونها تمثل تهديدا لمصالحها الحيوية وهي : تأمين امدادات النفط ،ومكافحة الارهاب ،ودعم حلفاء اميركا ،واسلحة الدمار الشامل ،فأن احداث العراق الاخيرة تحتضن هذه المخاطر الثلاثة مع تحول البلد الى بؤرة ارهابية جديدة تتبلور بسرعة كقاعدة تتجاوز باستثنائية خطرها افغانستان التي كانت مركزا لتنظيم ( القاعدة ) و الجماعات الجهادية الاخرى.
وينبه السفير الاميركي الاسبق في العراق جيمس جيفري الى ان هناك ستة مسائل جوهرية ذات أهمية خاصة من المتوقع حصولها في الفترة المقبلة ،اولها ما اذا كان( داعش) سيتمكن فعلا من الوصول الى النجف و كربلاء وبغداد ،خاصة و انه يمتلك كما يبدو من المعطيات الراهنة الإمكانات و القدرات التي تؤهله لتحقيق هذا الهدف ،مشيرا الى " ان وجوده منذ فترة طويلة في المناطق المختلطة في شمال وجنوب بغداد يوفر له فرصة محاولة فصل المدينة ،وهو موقف سبق و ان واجهته القوات الأميركية صيف العام 2004 خلال حربها مع ( القاعدة) و الميليشيات ".
الا ان جيفري يرجح بقاء مقاتلي التنظيم في المناطق التي يسيطر عليها ،ما سيؤدي الى نشوب تمرد مضاد تقليدي ضده ،وهو تطور ان حصل فأن القوات الاميركية لن تتدخل لتحرير تلك المناطق ،بل ستترك هذه المهمة للعراقيين ولكنها قد تقدم الدعم اللوجستي و التدريب و السلاح للمعركة".
تحديات الكرد و قوة داعش
ويواجه الكرد وفقا للمحللين خيارين ،فأما يدفعون زحف ( داعش) الى الوراء من خلال فرض ضغوط عسكرية كبيرة عليه او يقفون على الحياد ويشاهدون التفكك المحتمل للعراق ،والهيمنة الإيرانية في الجنوب ". ويشير جيفري الى ان وقوع بغداد او مدن اخرى هامة تحت الحصار و لم يتدخل اي طرف آخر لفكه ومواجهته، عندها لن تقف ايران متفرجة و سوف تتدخل بشكل مباشر" ،محذرا من " ان نتائج مثل هذا التدخل وما سينجم عنه من انهيار لا يمكن تخيلها وستكون كارثية".
ويرجح المحلل الاميركي المتخصص في الشؤون العربية و العراقية هارون زيلين " ان يعزز تنظيم ( داعش) قوته في المستقبل مستفيدا من المبالغ التي استولى عليها من المصرف المركزي في الموصل حيث سيستخدمها لرشوة الناس و تعزيز الجبهة السورية" ،مستدركا الاشارة الى " ان قدراته مع ذلك لا تزال موضع اسئلة جوهرية ،ومن بينها : هل ان قوات الجماعة مشتتة في وجهات كثيرة فمقاتليه الذين يتراوح عددهم ما بين 7- 10 الاف شخص ينتشرون من ريف حلب الى الموصل ،ما يجعل من سيطرتهم امرا مشكوكا على خلفية مقت وكراهية السكان له بسبب أفعالهم البشعة.
ومع تلبد الغيوم الشرق الاوسطية تتحدث تقارير اميركية عن خيارات التعاطي مع الحالة الناشئة في العراق و الشرق الأوسط ككل ،مشيرة الى ان الرد سيقتصر على ضربات جوية ،يمكن ان تساندها تحركات تقوم بها وحدات خاصة و عمليات استخباراتية واسعة ،وكذلك تسليح وتقوية المعارضة السورية المعتدلة ،كاشفة عن " ان وزير الخارجية الاميركي بحث في هذين الامرين في الرياض ،طالبا دعم الدول الخليجية و في مقدمتها السعودية لتفعيل دور المعارضة السورية المعتدلة و تقديم ضمانات لتأمين الأسلحة التي ستقدم لهما لمواجهة داعش و الجماعات الجهادية ،وتقديم المساعدة لإنجاز تسوية سياسية في العرق". وقال كيري امام اجتماع للحلف الاطلسي من " ان التهديد في أماكن بعيدة يمكن ان يؤدي الى عواقب مأساوية في الوطن ،بأكثر طريقة غير متوقعة وبأكثر لحظة غير متوقعة". ولكن زيلين يشدد على ان ( داعش) يبقى حقيقة ماثلة ،اذ تستطيع عناصره التنقل بسهولة من مدينة الى اخرى ،الامر الذي سيجعل اخراجهم من العراق و سوريا ،وحتى منعهم من توطيد سيطرتهم امرا صعبا ،ويكفيه الان ما يحققه من انتصارات على الارض تساعده في توسيع هيبته وسطوته ومكانته واستجذابه المزيد من المتطوعين الأجانب" ،معتبرا " ان داعش قوة متطورة ومحنكة و منظمة تنظيما جيدا ،كما ويتمتع ببيروقراطية فائقة التطور ،اذ يضم محاكم شرعية ،وينفذ الأشغال العامة ويوفر الدراسة الدينية والخدمات مثل المطابخ لتوفير وجبات الطعام ،ويحافظ على قوة أمن أهلية ،متوقعا " ان تصبح اجزاء اخرى من العراق على هذا الشكل ايضا ،وبالتالي فأن ازاحتها ستكون اصعب بكثير من اي عملية اخرى تم خلالها التغلب على تنظيمات ممائلة.