بعد أن أصبحت أول امرأة فازت بسعفة مهرجان كان، بدت جين كامبيون مستعدة للعمل في فيلم آخر من سينما المرأة، ولكن الظروف تدخلت اخيراً بعد ان تم اختيارها رئيسة للجنة تحكيم مهرجان كان الذي انتهى قبل ايام.

وجين كامبيون، ليست المخرجة المتميزة التي فازت بجائزة كان فقط، بل هي المرأة الثانية التي رشحت لجائزة الأوسكار، وتعتبر كامبيون المرأة العاشرة التي تترأس لجنة تحكيم مهرجان كان: اذ سبقتها الى ذلك كل من – جان مورو ، فرانسوا ساغان، ليف اولمان، و صوفيا لورين.

وتقول كامبيون، ان المهرجان كان لطيفاً معها ، وعرض لها اول افلامها القصيرة وكان احدها قد فاز بالجائزة الاولى للمهرجان عام 1986 ثم عرض لها بعد ثلاثة أعوام فيلمها (سويتي) قبل ان يمنحها الجائزة الكبرى للأفلام عن فيلمها (البيانو).

وهي تتذكر موقفاً أخافها عندما حضرت الاحتفال بالذكرى الـ50 لمهرجان كان، ووجدت نفسها على خشبة المسرح، بين من فازوا بالجائزة، وفي ذلك الوقت تطلعت حولها، لتجد نفسها المرأة الوحيدة بين عشرات الرجال وتقول: (كانت لحظة محرجة، أثارت دهشة الجميع، واعتقد ان كل واحد من الحاضرين ادرك ان المشهد محير وغير سليم) وهي ما تزال المرأة الوحيدة وتضيف: ( احس ان مهرجان كان مهتم جد بالأصوات الجديدة في السينما، دون الاهتمام بالجنس، وما يهمهم حقاً ، الممول للفيلم).

وقالت ايضا: ان التوازن بين الجنسين يبدو واضحاً في مدارس الفيلم او معاهد السينما. والمرأة الجيدة في إخراج الأفلام القصيرة او مسابقاتها، ولكن الأمر يبدو مهماً عندما يرتبط الأمر بالأعمال والتجارة معاً، اذ ان الرجال يثقون بالرجال اكثر.

فما العمل؟

وتجيب جين كامبيون: " نحن نشكل 50% من النفوس، وانا أقول للمخرجات الشابات (دعكن من الايديولوجية، ولاتفكرن بها كثيراً، ان الإخراج مهمة صعبة وعليكن استغلال كافة طاقاتكن في العمل، وعليكن ايضاً الاستمرار فيه)"

وتقول ايضاً: (ان إخراج فيلم ليس موضوعا خاصا بالرجل او المرأة ، بل انه يتطلب حساسية وعملا شاقا، وايضاً حب المهنة – ولكن المرأة المخرجة ستقدم قصصاً مختلفة – وسيشهد العالم افلاماً ذات قصص مختلفة ، وكثيرة العدد).

وفيلم (بيانو) الذي نال جائزة مهرجان كان، هو الفيلم الثاني لكامبيون، مع تجاهل فيلمها للتلفزيون بعنوان (ملاك عند مائدتي) الذي منح المشاهدين احساساً بنوع جديد من سينما المرأة ، وهو خال من السياسة، او قبضات غاضبة تلوح على الشاشة مهددة، وان كان فيلم رادلي سكوت (ثيلماولويز) في عام 1991 خطَّ طريقاً جديداً لفيلم المرأة، فأن فيلم (البيانو) تقدم خطوات الى الأمام، اذ ان معظم أبطاله كن من النساء وقد امتدح النقاد الفيلم ونال ثلاث جوائز اوسكار : افضل ممثلة – هولي هنتر، افضل ممثلة مساعدة – آنا باكوين، وافضل سيناريو لكامبيون. كما حصل على ايرادات جيدة، وتدور قصة الفيلم حول مهاجرين الى نيوزيلندا، في العصر الفيكتوري ومن بينهم امرأة خرساء تمنح (الجنس) لرجل اوروبي، من اجل الحصول على (البيانو) الخاص بها، وبدا ان (البيانو) علامة تشير الى التغيير.

وكما يقول التاريخ ، فان أعوام التسعينات من القرن الماضي، لم تسيطر عليها دراسات معقدة حول المرأة، بل كانت الثقافة الشعبية وأفلام جنسية. وبعد (البيانو) تناولت كامبيون رواية هنري جيمس (لوحة لامرأة) ومثلت بطولته نيكول كيدمان و جون مالكوفيج، وتقول جين كامبيون: "لقد أحببت حقاً فيلم لوحة لامرأة" على الرغم من عدم رضاء البعض عنه، ويتساءل البعض عما سأفعله، علماً ان الحياة لا تعني المهنة فقط، وفي الوقت الذي فزت به بجائزة مهرجان كان، كان طفلي قد فارق الحياة، وهكذا فان ذلك النجاح بأكمله لم يؤثر فيّ ولم احس بأهميته، وكنت حزينة طوال ذلك العام، وكانت تلك مرحلة صعبة من حياتي.

 عن: الأوبزرفر