في زمن العجز والهزائم وانقلاب الموازين والمفاهيم، يأتينا من القاهرة خبر يسُر القلب، حيث أعلن نشطاء قطريون عن أول حركة معارضة، باسم "الحركة الشبابية لإنقاذ قطر"، وهي حركة شعبية إصلاحية، تسعى لخلق نوع من الإصلاح، عن طريق الضغط الشعبي على النظام الحاكم، وإذا جاء الإعلان عنها هذه الأيام، فإن هذه المجموعة بدأت نشاطها منذ عشر سنين، ويكشف أحد قيادييها أن عديد أفرادها يصل إلى حوالي 32 ألف معارض، يحتاجون للانتظام في كيان واضح، يسعى للتغيير بالطرق الديمقراطية، دون استبعاد طرق أخرى، إذا فشلت الأساليب الديمقراطية والإصلاحية، وجاء الإعلان عن الحركة كما تقول أدبياتها، بعد تفاقم الأزمات السياسية التي أضرّت بالصالح العام في الدوحة، ونظراً لانتشار الفساد و الرشوة، ما دفع هذه المجموعة لقرار تحمّل مسؤولية الإصلاح، وهم يرون في تحركهم بداية لإخراج قطر إلى العهد الجديد، الديمقراطي، المبني على مبدأ حقوق الإنسان وحرية التعبير.
يحظى المعارضون القطريون بدعم حركة تمرد المصرية، وقد شدد ممثلها خلال حفل إعلان تمرد القطرية، على أن مصر كانت وستظل الدرع الواقية لمن يريد الحصول على حقه، ولا سيما الأشقاء القطريين، المنادين بالتحرر والاستقلال من نظام الإخوان المسلمين، ودعا الجيش القطري لعدم التخلي عن دوره الوطني، في الوقوف بجانب إرادة الشعب، وبالرغم من رضى معظم الدول الخليجية، عن أي حدث ينغص حياة حكام المشيخة الناشزة، إلا أن إعلامهم تعامل مع الحدث بحذر من يخشى انتقال التجربة، وإذا كان الأمر على هذه الصورة اليوم، فكيف سيكون لو أصابت تمرد القطرية شيئاً من النجاح، ولعل هذا هو ما دفع السلطات المصرية، للنأي بنفسها "رسمياً" عن الحدث، وهي تعيد بناء علاقاتها الخليجية على ضوء استراتيجية جديدة، تضع المصلحة الوطنية على رأس أولوياتها.
تمرد ليست حركة المعارضة الوحيدة لشيوخ قطر، وقد توعدت مجموعات أخرى من المعارضة، بكشف خيانة وعمالة وفساد الأسرة الحاكمة، وهي ترى أن ما تقوم به هذه الأسرة، من خلال زرع الفتن في المنطقة العربية، وتأجيجها في الساحات العربية الساخنة، مستخدمة ذراعها الاعلامية "الجزيرة"، التي تغض الطرف عن "السيلية"، وهي أكبر قاعدة أميركية عسكرية في الوطن العربي، وتتجاهل العلاقات المتميزة بين أفراد هذه الأسرة، ورموز سياسة الحرب الصهاينة وتنسى، أن حمد وصل إلى الحكم بانقلابه على والده، ليس أكثر من خدمة لأعداء العرب، ولعل أبرز أطياف المعارضين، هم المعارضون لانقلاب الابن على والده، والرافضون لتزوير القـبائل والأنساب، حيث طرد "الشيوخ" أعداداً كبيرة من آل مره، فيما منحت الدوحة "جنسيتها" لآلاف العراقيين والسورين، مُنشئة قبائل جديدة، كذلك هناك معارضون لاعتقال كل من ينتقد السياسات النافذة والرافضون للتـطـبيع مع إسرائيل والسيلية.
لن تنفع حاكم قطر حركاته التمثيلية، كتهنئة الرئيس المصري بحلول شهر رمضان، فقد تخطت قاهرة المعز مرحلة التودد إلى قطر، بعد سقوط حكم الإخوان المؤيد من الدوحة، وليس تعبيراً عن الحياد، اقتران تهنئة السيسي بواحدة تلقاها أردوغان، عراب الإسلام السياسي الإخواني، بقدر ما ينم ذلك عن محاولة بائسة لنيل رضى الجميع، وهذا أمر لم يعد مناسباً في ظل الاصطفافات الحادة التي تعصف بالمنطقة، كما لن تنفعه عملية لجم شيخ الفتنة القرضاوي، ويبدو من سياق الأحداث، أن شيوخ قطر سيشربون من نفس الكأس التي أعدوها ليشرب منها كل حكام العرب، ويبدو أن علينا أن نضع نصب أعيننا مقولة "وعلى الباغي تدور الدوائر".
حين يتمرد القطريون
[post-views]
نشر في: 1 يوليو, 2014: 09:01 م