اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > قيادة الأطفال والمراهقين للسيارات ظاهرة خطيرة مَن يُوقفها ؟

قيادة الأطفال والمراهقين للسيارات ظاهرة خطيرة مَن يُوقفها ؟

نشر في: 1 يوليو, 2014: 09:01 م

حينما بدأت بكتابة تحقيقي هذا ، تذكرت شعار قديم يقول : " السياقة فن وذوق واحترام " وتساءلت ماذا بقي من هذا الشعار ونحن نرى الحوادث المرورية اليومية في الشوارع نتيجة عدم احترام الاشارات المرورية والسياقة (برعونة ) و..و ...واليوم .... نكتب عن ظاهرة اخ

حينما بدأت بكتابة تحقيقي هذا ، تذكرت شعار قديم يقول : " السياقة فن وذوق واحترام " وتساءلت ماذا بقي من هذا الشعار ونحن نرى الحوادث المرورية اليومية في الشوارع نتيجة عدم احترام الاشارات المرورية والسياقة (برعونة ) و..و ...و
اليوم .... نكتب عن ظاهرة اخرى انتشرت في عراق ما بعد عام 2003 حيث الفوضى واللاقانون وعدم المبالاة هي السائدة في المجتمع، واقصد ظاهرة سياقة الاطفال الذين لا تتجاوز اعمارهم العشر سنوات سياقة سيارات فارهة لذوويهم حيث يقودونها من دون ( وجع قلب) لانهم يعلمون ان اباءهم لا يحاسبونهم كثيرا عند اي حادث مروري قد يرتكبونه .
وابدأ تحقيقي بحادث مروري حدث في امريكا حينما شاهد شخصان طفلا يقود سيارة اتصلا بالشرطة وإبلغاها بان هناك طفلاً يقود سيارة على الطريق السريع.

هذه القصة لطفل لا يتعدى ثماني سنوات يقود السيارة بنفسه كان قد تمكن من سرقة مفاتيح سيارة زوج أمه من نوع بونتياك وقام بقيادتها في محاولة منه للوصول الى منزل والده الذي يبعد نحو 20 كم من منزل والدته لزيارته ، ولكن يبدو انه اضطر أن يسير لمسافة طويلة في محاولة منه للتخلص من الشرطة التي تطارده في مدينة كيسفيلي التابعة لولاية ميتشغان الأمريكية .

هذا الحادث جعلتني أبدأ بها تحقيقي هذا ، لأن ما يحدث في العراق الان يبين بانه لا أحد يُبالي بمثل هكذا امور،حوادث يذهب ضحاياها العشرات من الاطفال الصغار والمراهقين وعلى شرطة المرور ان تكون اكثر مراقبة للمركبات واذا تمت مشاهدة مراهق يتولى القيادة يُعاقب وتُفرض عقوبة وغرامة ذات قيمة باهظة حتى تنحسر هذه الظاهرة!
سرقة مفاتيح السيارة 
أما القصة التي سنكتبها بعد أن رأيناها تحدث في تقاطع منطقة الصالحية أمامنا ، فهي لطفل لا يتعدى عمره 12 عاماً نزل مذعوراً ليرى ما أصاب سيارة والده التي سرقها منه وهو نائم ، الأب الذي لم يردعه يوماً عن سياقة السيارة أمام أنظاره وكان يتباهى ويلوح بيده لوالدته بأن ابنهم أصبح رجلاً ، لكن القدر كان سريعاً في أن يكشف أن أحمداً أصبح ضحية الدلال الزائد لعائلته حيث يصطدم مع سيارة يقودها رجل كبير في العمر ومعه آخر يترجلان من السيارة ليجدا السائق المتهور صبياً يجهش بالبكاء بسبب الخوف الذي أصابه تارة وتارة اخرى منظر السيارة التي أصبحت كومة من الحديد بعد ان كان سعرها يتجاوز 30 الف دولار أمريكي ، كان الطفل يفكر في ردة فعل أبيه حيال ما أصابها حينما يسمع بخبر اصطدام سيارته ، هذا الكلام سمعناه من أحمد الذي تقدمنا نحوه محاولين أن نطمئنه وأن يهدأ قليلا . 
في تقاطع الصالحية المزدحم بعشرات السيارات، لم يعبأ أحمد لكل ذلك وكان مسرعاً ليصل البيت قبل ان يصحى والده من غفوة النوم ساعة الظهيرة ، والنتيجة كانت اصطدام سيارة والده وتحطيم سيارات الآخرين ممن لم يكن لهم ذنب غير أن القدر وضعهم أمام أحمد وأمثاله في شوارع تزدحم بسيارات من كل نوع وكأنها تغزو شوارعنا المتعطشة الى التغيير والتبليط والتوسيع لا إلى سواق صغار بالعمر بينما قال صبي كان واقفاً يتفرَّج على الحادث: أغلب أصدقائي لديهم سيارات حديثة ويقومون أحيانا بسباقات فيما بينهم ويقودون بسرعة كبيرة لإثبات مهاراتهم في القيادة وإنني أخاف من فقدان حياتي عندما أكون معهم, إلا أنه لم يبالِِ بذلك لأنه مدرك بأن والده سيقوم باستبدالها أو تصليحها له.
الظاهرة كثـرت في شوارع بغداد 
هذه الظاهرة شاعت في شوارع بغداد في الفترة الأخيرة ، فالكثير من الأطفال والمراهقين يقودون سيارات فارهة من دون رادع من عوائلهم او حتى رجال الأمن والمرور ، ومعظم الشباب يقودون السيارة وكأنهم في مضمار سباق ولاسيما في الشوارع الداخلية وعدم المراعاة بأن المنطقة سكنية ومن المؤكد هناك اطفال يتجولون في شوارعها او يستخدمونها في لعب كرة القدم.. الأمر هنا خطير جداً ولا نعلم كيف يمكن لوالد أن يُضحي بابنه إن كان لا يهتم بسيارته الحديثة ؟ حيث سرد لنا ضابط المرور جواد ستار حوادث كانت أولها ما حدث في تقاطع المنصور، صبي لا يتعدى 14 عاماً كاد يودي بحياة العشرات من المواطنين عندما فقد السيطرة على السيارة الكامري 2010 وتوجه بها صوب إحدى السيطرات الأمنية ، ولحسن حظه اصطدمت السيارة بأحد الحواجز الكونكريتية وفي المقابل اطلاق عيارات نارية في الهواء من قبل رجال السيطرة لأنهم لا يعلمون مَن يقود السيارة ،وهل هي مفخخة يقودها انتحاري؟ وسط تلك التساولات صرخ الصبي يطلب مساعدة رجال الأمن بإخراجه من مقعد السيارة لأنه لا يستطيع حراك جسمه ، أطفال ومراهقون وغيرهم من السواق الطائشين يمارسون حقهم في قيادة السيارة كيفما يشاؤون ويرغبون !
سيارات المـوت 
يقول المواطن فلاح يعمل سائق سيارة أجرة: سياقة السيارات من قبل الأولاد الصغار في العمر ليست بظاهرة جديدة على المجتمع العراقي ، خصوصا لدى الناس ميسوري الحال إذ يقدمون مفاتيح سياراتهم الى أولادهم بمجرد أن يطلبها ،لكن التجوال في السيارة يكون داخل الأفرع الداخلية لمحلتهم، اما ما يحصل الآن العكس ، السيارات يقودها الاولاد الصغار في العمر ويجوبون الشوارع العامة وبسرعة تخيف الآخرين ، فكم من حوادث اصطدام تحدث بسببهم وتبدأ المشاكل والمشاجرات عندما يُلقى القبض عليهم ويُرحّلون الى مراكز الشرطة تبدأ توسلات ذويهم بأنهم أطفال ولا يعلمون ما فعلوا بأنفسهم وبغيرهم !
بينما تعلق المواطنة بلقيس قائلة: في أحيان كثيرة نشاهد في الشوارع اولاداً لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة او السادسة عشرة وهؤلاء كبار مقارنة بالأعمار الأخرى التي تجوب الشوارع الفرعية وحتى العامة ، الحوادث تكمن في القيادة السريعة وعدم الاهتمام بالعلامات المرورية وغياب قواعد السير في الوقت الحاضر واصبح الاطفال لا يتوارون عن قيادة السيارة مهما كان حجمها او حتى ثمنها ما جعل من المؤكد حدوث اصطدام وضحايا.
قيادة السيارات تُعــد واحدة من المهارات الصعبة والخطيرة التي لابـد على الإنسان أن يتقنها بدرجة كبيرة قبل ان يجلس خلف كرسي القيادة ويسير في الشوارع العامة .. إلا أن هذا الأمر لم يعد ذا أهمية بالنسبة الى كثير من العوائل التي تترك سياراتها بيـد أطفالها من دون إدراك العواقب التي تحدث بسببهم.
يهددون بالأصدقاء والمعارف 
وبالمقابل نجد أن الأب الذي يجب على القانون محاسبته اولا يترجل ويهدد ويتوعد بفلان وفلان ،فضلا عن عدم احترامهم الآخرين ويتلفظون بكلمات غير لائقة بتاتاً ، وهذا الأمر يُشكـِّل خطراً كبيراً على ثقافة المجتمع، فكيف يتم التعامل معهم وتوعيتهم بالمثل، ففي هذه الحالة سنصبح مجتمع ضوضاء وفوضى؟
بينما يُعلق رعد قاسم عن مشاهدة حقيقية لطفل لا يتجاوز عمره 9 سنوات كان يقود سيارة والده الذي أجلسه مكانه عند نزوله الى فرن الخبز، ما هي إلا لحظات حتى تحركت السيارة من مكانها وسط ذهول الناس الواقفين ودهشة الأب الذي لا يعرف كيف يمكن انقاذ ابنه وإيقاف السيارة ، الذي تعلـَّم وتعوَّد ان يجلس في مقعد السائق كلما خرج مع والده؟! وعندما استنفر الناس الموجودين خوفاً على حياة الطفل وحرصاً منهم على حياتهم ،لأن الطفل لا يعرف السياقة أو ماذا يفعل ؟ الطفل ذو 9 سنوات فاجأ الجميع وأوقف السيارة وفتح الباب ونزل وكأن شيئاً لم يكــن !
رجال الأمــن 
المسؤولية لا تتحملها العائلة فقط، بل قواتنا الأمنية وشرطة المرور لها الأولوية في تلك المسؤولية لأنهم لم يحاسبوا الاولاد أثناء قيادتهم سيارات عوائلهم ، ومن الغريب وحسب ما يتحدث به هُمام مسؤول أحد السيطرات الأمنية في شارع السعدون قائلا: اذا لم تكن العوائل تهتم بحياة أولادهم ومالهم فما علينا نحن فعله سواء محاسبتهم بلغة الكلام وتأنيبهم على فعلتهم ،خصوصا أن القوانين المرورية بعد 9/4/ 2003 تركت كل شيء يسير على هواه ، فرجال المرور المنتشرون في الشوارع والمرابطين احياناً قرب السيطرات الأمنية التي تستوقف هؤلاء الأشخاص يتركوهم يذهبون وينطلقون مسرعين ، لأن القانون المروري الحالي لا يُحاسب مَن يملك أو لا يملك أجازات 
سياقة.
بينما يقول عبد الله ساهر رجل مرور في الشارع ذاته: حاليا وبعد استتباب الأمن بدأنا نحاسب كل مَن يقود سيارة وأقل من العمر القانوني ،لكن ما العمل اذا كان مَن يقود السيارة هو الشاب الصغير ومَن يجلس بجانبه مالك السيارة والده؟ وعندما يستوقفه رجل المرور نجد الوالد يدافع عنه وكأنه محامي دفاع ، وأول جمله يقولها (أين هي أجازات السياقة؟) وعندما تحدث حوادث مرورية يترجل السائق الصغير وعيناه مغررتان بالدموع ويبكي لأن عائلته ستحاسبه على صدم السيارة، فأين كانت عائلته عندما أخذ السيارة وخرج بها، ألم يفكروا بالحوادث وما تسببه من موت ودمار للآخرين جراء سياقتهم الرعناء؟ ونحن جل ما نستطيع فعله هو حجز السائق الصغير في مركز الشرطة حتى يتم تسوية الحادث بالطرق السلمية او باللجوء الى القانون في حالة حدوث أضرار مادية ومعنوية للآخرين.
سواق الكيــا 
أية أجازة وأي قانون مروري يُحاسِب؟ هذا ما بدأ به كلامه سائق السيارة الكيــا باص منتصر وهو يُشير بيده الى الكثير من سواق الباصات المرابطة في مرآب الباب الشرقي وغالبية سائقيها من الشباب وفي أعمار لا تتجاوز الـ 17 عاما قائلا: رجال المرور لا يحاسبوننا عن أجازات السوق بقدر محاسبتهم عن ربط حزام الأمان! وإذا كان الأمر كذلك فان غالبية السواق هم من الشباب الصغار سيتركون السياقة ويجلسون على مصاطب العاطلين عن العمل، فالأمر لا يتحدد عند سواق السيارات الباص فقط انما سيارات الأجرة ايضا الصغيرة والحديثة غالبية سائقيها هم من الشباب وهم مسؤولون عن عوائل ومصاريف ودفع إيجارات منازلهم، إضافة الى ان بعضهم يريد توفير لقمة العيش لا السير بالشوارع باستهتار ورعونية، فهناك مَن يضيق به الحال والبعض الآخر يدفع عن كاهله بالمال، فمن حقه أن يصول ويجول في شوارع بغداد.
قانون المرور 
وفي تصريح لمدير العلاقات والإعلام لمديرية المرور العامة العميد نجم عبد جابر قال فيه: إن قانون المرور العامة ذا الرقم 86 لسنة 2004 حدد الفئة العمرية التي تمنح على ضوئها أجازات السوق وضمن شروط معينة منها اللياقة البدنية والصحية التي تؤهل طالب الرخصة لقيادة السيارة وبعدها يخضع المتقدم لامتحان نظري .ومنذ 9/4 لم تصدر المديرية أية أجازة سوق فضلا عن وجود نماذج الرخص علماً ان المديرية تعاقدت مع شركة المانية لتزويد المديرية بشبكة مركزية للمعلومات عن أجازات السوق. 
من جانبه قال الخبير علي الدليمي في تصريح لـ (المدى): إن (المادة 11 من القانون هي جريمة القتل الخاطئ ويعاقب عليها بالسجن 7 سنوات كل من دعس شخصاً بالخطأ) وأوضح علي أن (اكثر التعويضات التي شاعت في البلد عن طريق الفصل العشائري التي تحكم الموضوع وحسب العلاقات بين الطرفين وشركة التأمين ملزمة بالتعويض لكن عدم اللجوء اليها يعود الى التعويض البسيط حيث كان التعامل بها في ايام السبعينات والثمانينات من القرن الماضي على عكس الوقت الحاضر). 
نقول لابد من العمل الجاد والإيجابي لحل هذه المشكلة التي بدأت تتفاقم وتنتشر بسرعة البرق في مجتمعنا ،ومع الأسف أن يعزو البعض انتشار هذه الظاهرة الى التوترات الامنية ،فما علاقة ذلك بما يحدث بالساحة السياسية ،فهل السياسة وتغييراتها توثر في السماح او عدمه للشباب صغار السن بسياقة السيارات الحديثة ليجوبوا الشوارع ويحصدوا أرواح الناس؟! وكثيرة هي الحوادث المرورية الشاهدة على
ذلك .
ونختتم تحقيقنا بسؤال مديرية المرور العامة ونقول متى يتم اصدار اجازات المرور للمواطنين ؟ فلقد سمعنا قبل فترة بان نحو سبع مراكز جديدة تم افتتاحها لمنح اجازات السوق ، لكن لم يزل المواطنون والاطفال معا يقودون سياراتهم بلا اجازات سوق ، فهل نجد جوابا شافيا من مديرية المرور العامة؟ نتمنى ذلك .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram