هذا هو بحق كتاب جيد جدا، ربما أفضل نظرة عامة عن السينما كُتبت حتى الآن. إنه يتّقد بنفاذ بصيرة، ومغلّف بحكاية، وينبض بعاطفة مشبوبة لوسيط كان تومسون منكبّا عليه، قلقا عليه وكاتبا حوله طوال حياته.مع أن هذا قد لا يكون بصيرة أصيلة بالكامل، فانّ تومسون يؤك
هذا هو بحق كتاب جيد جدا، ربما أفضل نظرة عامة عن السينما كُتبت حتى الآن. إنه يتّقد بنفاذ بصيرة، ومغلّف بحكاية، وينبض بعاطفة مشبوبة لوسيط كان تومسون منكبّا عليه، قلقا عليه وكاتبا حوله طوال حياته.مع أن هذا قد لا يكون بصيرة أصيلة بالكامل، فانّ تومسون يؤكد المرة تلو المرة على حجته بأن جاذبية الأفلام تكمن في أنها تتلاعب بأحلامنا وأعمق أشواقنا وتستغلها. يذهب الناس الى السينما، يكتب هو، ليجلسوا في الظلام (( مشاهدين طقوس عربدة لرغباتهم الخاصة بهم، تضيء على الشاشة ))، مع ذلك، وبشكل متناقض، يمكن للأثر الصافي أن يكون مميتا للروح. عليه، كتابه هو ليس فقط أنشودة تسبيح بـ’’ الصور‘‘ [ الأفلام ]، كما اعتدنا أن نسميها، بل هو أيضا تعبير عن القلق (( حول الأثر العام للتخيلات المؤثرة وكيف نصبح بعيدين عن الواقع أو يائسين منه )).تومسون، الذي ولد في لندن لكنه يعيش الآن في سان فرانسيسكو، هو في السبعين من العمر، وهذا يعني إنه ابن عصر الأسود والأبيض. إنه يكتب مع كل الإثارة والترقب لدى صبي في الثانية عشرة من العمر، في يده قنينة كولا وفي الأخرى علبة فُشار، في طريقه الى واحدة من دور السينما المذهبة في الأيام الخوالي ليشاهد بكل بهجة ورعب شهواني ريتا هايوورث تعرّي ذراعاها من قفازات طويلة في " غيلدا ".برغم إنه قادر على مناقشة الستوري آرك [ حبكة متطاولة أو متواصلة في قصّ إيبيزودي في وسائط مثل التلفزيون وكتب المسلسلات المصورة ] أو نظرية المؤلف كما يفعل أفضل النقّاد، فإنه لا يفقد البصر بواقع أن ’’ الموفي ‘‘ [ الفيلم ]، كما يدعوه، يقدّم لنا تسلية طفولية، بينما هو في نفس الوقت يضيء شعلة داخل الشقوق الأعمق لأرواحنا التوّاقة. مرة بعد مرة يعود الى ثيمة الفيلم، كل فيلم، كخيال للايروتيكية والعنف، أو الاثنين معا – (( إنه نمط من الفزع والشهوة. )) كاتبا عن تحفة جان فيغو " لاتلانت "، يلاحظ أن (( فيغو آمن بأن كل حياة هي مجرد بشرة باهتة تكسو من كل جانب حياة باطنية تغلي، وعرف انه يمكن للفيلم أن يكشفها.))في صفحات سابقة، وهو يتأمل في اللقطة الافتتاحية الشهيرة في الفيلم السوريالي الصامت " كلب أندلسي " للويس بونويل، التي تظهر فيها شفرة موسى تقطع مقلة عين امرأة، يصرّ تومسون على أن (( التضمين اللجوج للصورة هو القول: أوه، رجاءً، دعونا لا نروّج الأكاذيب القديمة حول تسلية المفيدة، ونجوم أفلام وسهرات عظيمة – هذا هو سُعْر، مصمم على الجنس والعنف، ونحن نتقدم في العمر ونحن نشاهده... الفن ليس استجماما، سلوانا، تمضية وقت، أعمال ( رغم انه كل هذه الأشياء )؛ انه الحجر الذي تحدُّ عليه سكينك. ))كتابه هو، كما يقول، حول الشاشات: (( انه مويبريدج الى الفَيْس بوك. )) فهو يبدأ من بدايات ’’ الموفي ‘‘ ( أجل، أحيانا تصبح فيه هذه الكلمة مزعجة الى حد ما )، والذي يعتبره صورة فوتوغرافية متوقفة الحركة لذلك الرجل الإنكليزي المثير للاهتمام ايدويرد مويبريدج – هو نفسه شخصية سوداوية. ولد مويبريدج باسم ادوارد مويبردج في لينغستون أبّون تايمز في 1830. انتقل الى امريكا، حيث تعرّض لحادث أصابه بضرر في دماغه، وحين، في عام 1875، قتل عشيق زوجته، بنى دفاعه على ادّعاء الجنون؛ رفض المحلفون الادّعاء لكنه بُرّئ من التهمة مع ذلك على أساس ان القتل مبرَّر. بتحديثها، يمكن للقصة أن تصبح فيلم إثارة لطيفا صغيرا بالأسود والأبيض من إخراج بيلي وايلدر أو هوارد هاوكس، وربما مع سيناريو لرايمون تشاندلر.