-1-
في فيلم السيرة الذاتية (هيتشكوك) للمخرج الإنكليزي ساشا جرفازي ، نحن عند تناول شخصية تنطوي على أهمية كبيرة، لسببين الأول كونها شخصية سينمائية بل هي بمثابة الأسطورة السينمائية ، الأمر الذي يتطلب حذرا في رسمها سينمائيا ، أما السبب الثاني أنها شخصية ذات أهمية تاريخية في مجال الإبداع..
الفريد هيشكوك في السينما بمنزلة مواطنه شكسبير في الأدب ، فعلى مدى اكثر من قرن من عمر هذا الفن لم يكرس سينمائيا على قمة هرم الإبداع السينمائي كما هيتشكوك الذي اقتحم قلعة السينما هوليوود، وهو الإنكليزي ليحتل مع منجزه قائمة الأهم سينمائيا.
وضع عنه الكثير من المؤلفات،التي تتناول تجربته ومنهجه في الإخراج الذي قدمه عبر اكثر من ستين فيلما اعتمدت التشويق والإثارة، والرجل الذي صاغ مشاهد أصبحت تدرّس في ارقى معاهد السينما ، تخصص في أفلام الرعب النوع الذي لم تنل منه الأفلام الحديثة في المجال نفسه.
شخصية بهذا الحجم لابد أن يثار السؤال عن جدارة معالجتها سينمائيا بالدرجة التي تحيط بها وبمنجزها الإبداعي المهم، وهو السؤال الذي يطرح قبل مشاهدة فيلم جرفازي، أو بصياغة اخرى كيف لفيلم ان يقتفي اثر تشكل عبقرية سينمائية فذة كالتي كان عليها هيتشكوك.
المخرج ساشا جرفازي يعي خطورة هذه المهمة، فكان ان تعاطى معها بذكاء يحسب له عندما اختار محطة مهمة في حياة عبقرية السينما هذه ، وهو الوقت الذي سبق تنفيذ فيلمه (سايكو) الذي يعد انعطافة مهمة في سيرته الإبداعية، الفيلم الذي يعده النقاد احد اهم كلاسيكيات السينما.
ويبدو ان صعوبة المهمة في سرد شخصية هيتشكوك والإحاطة بتاريخها المهني والحياتي، دفعت المخرجين الى التقاط تفاصيل من حياته لمعالجتها سينميا وهو تضمنه الفيلم التلفزيوني الوثائقي المعنون "الفتاة" والذي تزامن إطلاقه مع فيلم جرفازي (هيتشكوك).
الفيلم يتناول علاقة المخرج العبقري ببطلة فيلميه (الطيور و مارني) "تيبي هيدرن" وهي الممثلة التي اشتغل عليها هيتشكوك كبديل للشقراء الفاتنة غريس كيللي ، والفيلم المعد ايضا عن كتاب لدونالدو سبوتو، يتناول تجربة العمل في فيلم الطيور ولكن من زاوية علاقة هيتشكوك بالممثلة تيبي هيدرن التي اتسمت بالتعقيد من جهة ممارسة شتى أنواع الضغوط عليها من قبله بسبب رفضها العاطفي له، انطلاقا من تعامله مع بطلات أفلامه وحب التملك والاستحواذ التي عرف بها. وعبر عن غضبه منها ان مارس معها كل أنواع الضغط وحتى السادية، حيث عرضها لمهاجمة الطيور بتكرار إعادة المشهد لأكثر من مرة.
وفي هذا الفيلم كما في فيلم جرفازي يقف المشاهد عند تحليل للحالة النفسية التي كان يعيشها هيتشكوك وعلاقته وبالأخص بطلات أفلامه.
نعود الى فيلم جرفازي (هيتشكوك) لنتوقف عند مفارقة جديرة بالتأمل تتعلق بطبيعة سينما هيتشكوك التي طبعها بطبيعة شخصيته وانعكاس حالته النفسية عليه.
ففي احد مشاهد الفيلم والذي يتعلق بالمؤتمر الصحفي الذي عقده للإعلان عن فيلمه الجديد (سايكو) وبينما جميع من في القاعة منشغل بقراء ما يتضمنه العمل الجديد ، يهمس هيتشكوك لمدير أعماله :" لن يستطيعوا التوقف عن النظر وإن حاولوا". وهي العبارة التي تلخص حالة هيتشكوك نفسه بل منهجه في فهم السينما، الفيلم يضج بالكثير من اللقطات بوضعيات مختلفة لهيتشكوك وهو يختلس النظر من الشباك، او من خلف الستائر، او حتى من ثقوب سرية في الجدران.
الفيلم وإن كان يتناول فترة لا تتعدى الأعوام (1950-1960) من سيرة هيتشكوك الإبداعية ، إلا أن مخرجه حرص ان تلم -او تحاول ذلك- في مجمل طريقة هذا المخرج في إدارة العمل او ايضا طبيعته الشخصية الساخرة وحتى معاقرته للخمر ، بل اننا نكاد نعرف للمرة الأولى التي يدير فيها هيتشكوك طاقم عمله.
يتبع
سيد الإثارة
[post-views]
نشر في: 2 يوليو, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...