TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سيد الإثارة

سيد الإثارة

نشر في: 2 يوليو, 2014: 09:01 م

-1-
في فيلم السيرة الذاتية (هيتشكوك) للمخرج الإنكليزي ساشا جرفازي ، نحن عند تناول شخصية تنطوي على أهمية كبيرة، لسببين الأول كونها شخصية سينمائية بل هي بمثابة الأسطورة السينمائية ، الأمر الذي يتطلب حذرا في رسمها سينمائيا ، أما السبب الثاني أنها شخصية ذات أهمية تاريخية في مجال الإبداع..
الفريد هيشكوك في السينما بمنزلة مواطنه شكسبير في الأدب ، فعلى مدى اكثر من قرن من عمر هذا الفن لم يكرس سينمائيا على قمة هرم الإبداع السينمائي كما هيتشكوك الذي اقتحم قلعة السينما هوليوود، وهو الإنكليزي ليحتل مع منجزه قائمة الأهم سينمائيا.
وضع عنه الكثير من المؤلفات،التي تتناول تجربته ومنهجه في الإخراج الذي قدمه عبر اكثر من ستين فيلما اعتمدت التشويق والإثارة، والرجل الذي صاغ مشاهد أصبحت تدرّس في ارقى معاهد السينما ، تخصص في أفلام الرعب النوع الذي لم تنل منه الأفلام الحديثة في المجال نفسه.
شخصية بهذا الحجم لابد أن يثار السؤال عن جدارة معالجتها سينمائيا بالدرجة التي تحيط بها وبمنجزها الإبداعي المهم، وهو السؤال الذي يطرح قبل مشاهدة فيلم جرفازي، أو بصياغة اخرى كيف لفيلم ان يقتفي اثر تشكل عبقرية سينمائية فذة كالتي كان عليها هيتشكوك.
المخرج ساشا جرفازي يعي خطورة هذه المهمة، فكان ان تعاطى معها بذكاء يحسب له عندما اختار محطة مهمة في حياة عبقرية السينما هذه ، وهو الوقت الذي سبق تنفيذ فيلمه (سايكو) الذي يعد انعطافة مهمة في سيرته الإبداعية، الفيلم الذي يعده النقاد احد اهم كلاسيكيات السينما.
ويبدو ان صعوبة المهمة في سرد شخصية هيتشكوك والإحاطة بتاريخها المهني والحياتي، دفعت المخرجين الى التقاط تفاصيل من حياته لمعالجتها سينميا وهو تضمنه الفيلم التلفزيوني الوثائقي المعنون "الفتاة" والذي تزامن إطلاقه مع فيلم جرفازي (هيتشكوك).
الفيلم يتناول علاقة المخرج العبقري ببطلة فيلميه (الطيور و مارني) "تيبي هيدرن" وهي الممثلة التي اشتغل عليها هيتشكوك كبديل للشقراء الفاتنة غريس كيللي ، والفيلم المعد ايضا عن كتاب لدونالدو سبوتو، يتناول تجربة العمل في فيلم الطيور ولكن من زاوية علاقة هيتشكوك بالممثلة تيبي هيدرن التي اتسمت بالتعقيد من جهة ممارسة شتى أنواع الضغوط عليها من قبله بسبب رفضها العاطفي له، انطلاقا من تعامله مع بطلات أفلامه وحب التملك والاستحواذ التي عرف بها. وعبر عن غضبه منها ان مارس معها كل أنواع الضغط وحتى السادية، حيث عرضها لمهاجمة الطيور بتكرار إعادة المشهد لأكثر من مرة.
وفي هذا الفيلم كما في فيلم جرفازي يقف المشاهد عند تحليل للحالة النفسية التي كان يعيشها هيتشكوك وعلاقته وبالأخص بطلات أفلامه.
نعود الى فيلم جرفازي (هيتشكوك) لنتوقف عند مفارقة جديرة بالتأمل تتعلق بطبيعة سينما هيتشكوك التي طبعها بطبيعة شخصيته وانعكاس حالته النفسية عليه.
ففي احد مشاهد الفيلم والذي يتعلق بالمؤتمر الصحفي الذي عقده للإعلان عن فيلمه الجديد (سايكو) وبينما جميع من في القاعة منشغل بقراء ما يتضمنه العمل الجديد ، يهمس هيتشكوك لمدير أعماله :" لن يستطيعوا التوقف عن النظر وإن حاولوا". وهي العبارة التي تلخص حالة هيتشكوك نفسه بل منهجه في فهم السينما، الفيلم يضج بالكثير من اللقطات بوضعيات مختلفة لهيتشكوك وهو يختلس النظر من الشباك، او من خلف الستائر، او حتى من ثقوب سرية في الجدران.
الفيلم وإن كان يتناول فترة لا تتعدى الأعوام (1950-1960) من سيرة هيتشكوك الإبداعية ، إلا أن مخرجه حرص ان تلم -او تحاول ذلك- في مجمل طريقة هذا المخرج في إدارة العمل او ايضا طبيعته الشخصية الساخرة وحتى معاقرته للخمر ، بل اننا نكاد نعرف للمرة الأولى التي يدير فيها هيتشكوك طاقم عمله.
 يتبع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أسواق كردستان تنتعش بقدوم العيد وإقبال السياح

أربع دول تحدد الإثنين المقبل أول أيام عيد الفطر المبارك

السوداني يوافق على استثناء تزويد لبنان بالوقود لمدة 6 أشهر

الأعرجي: نثمن موقف الشرع لتصحيح الأخطاء بانطلاقة قوية لبناء سوريا

اليوم.. انطلاق جولة جديدة من دوري نجوم العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سافرات العبادي

العمود الثامن: العدالة على الطريقة العراقية

العمود الثامن: رجل المنجز .. ورجال الاستعراضات

الحرب الباردة بنسختها الثانية

الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني: معركة بين العقول الرقمية والهجمات المتطورة

العمود الثامن: السعادة على توقيت الإمارات

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجزعن مواجهة واقع يسير بنا إلى...
علي حسين

كلاكيت: عن (السينمائي) وعبد العليم البناء

 علاء المفرجي علاقتي مع (السينمائي) لها حكاية، تبدأ من اختياري لها لكتابة عمودي (كلاكيت) منذ عددها الأول، ولا تنتهي بعددها الأخير. ولئن (السينمائي) تحتفل بعشريتها الأولى، كان لزاما عليّ أن أحتفل معها بهذا...
علاء المفرجي

تركيا تواجه التحول الجيوسياسي الناجم عن عودة دونالد ترامب إلى السلطة

جان ماركو ترجمة: عدوية الهلالي في الأسابيع الأخيرة، ومع ظهور الديناميكيات الجديدة للجغرافيا السياسية لترامب، تركز الاهتمام إلى حد كبير على اللاعبين الرئيسيين في الساحة الدولية، بدلاً من التركيز على دول الطرف الثالث التي...
جان ماركو

منطق القوة وقوة المنطق.. أين يتجه صراع طهران وواشنطن؟

محمد علي الحيدري يبدو أن ملف التفاوض بين إيران والولايات المتحدة دخل مرحلة جديدة من التعقيد، ليس بسبب طبيعة الخلافات القديمة، بل نتيجة تبدّل ميزان القوى الإقليمي والدولي، الذي بات يفرض مقاربة مختلفة عن...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram