TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لمصلحة من قتل المُختطفين؟

لمصلحة من قتل المُختطفين؟

نشر في: 2 يوليو, 2014: 09:01 م

تنفس بنيامين نتنياهو الصعداء، حين تم العثور على جثث المخطوفين الإسرائيليين الثلاثة، فذلك يضع حداً لحالة الاستنفار العسكري المُكلف من جهة، ويمنع خاطفيهم من المساومة عليهم، لو ظلّوا أحياء كما حصل مع شاليط، الذي كلف الإفراج عنه ثمناً باهظاً دفعته إسرائيل، صحيح أنه كان سيُعد انتصاراً لو تم العثور عليهم أحياء، وأعيدوا مكللين بالغار إلى أسرهم، وكانت حكومة نتنياهو ستسجل الكثير من النقاط لصالحها، لكن الصحيح أيضاً أنها لن تترك الحدث بدون استغلال، ولعل غاراتها على قطاع غزة، التي لن يرفضها الغرب أو يدينها، أول الغيث الذي لانعرف متى وكيف ينهمر.
مهم أن نلاحظ أن العملية، إن كان منفذوها من الفلسطينيين، كشفت ضعف القبضة الأمنية الإسرائيلية، وقدرتها على المنع وليس القمع، كما كشفت أن أي تنسيق أمني مع الفلسطينيين، لن يكون قادراً على منع أي مغامر أو غاضب أو "مقاوم"، من القيام بعملية لا يتوقع أحد مكانها أو توقيتها، وكان الفشل واضحاً في عدم قدرة الأمن الإسرائيلي على منع العملية، أو العثور على المختطفين أحياء، ويبدو مثيراً للسخرية اتهام اليمين المتطرف، لنتنياهو الأقل تطرفاً، بالمسؤولية عن تحفيز الفلسطينيين على القيام بعملية كهذه، تأتي نتيجة لموافقته على إجراء صفقة تبادل مع حماس، وفي الوقت عينه يبدو مثيراً للسخرية، تهديد حماس لإسرائيل بأنها ستفتح عليها أبواب جهنم، إذا قامت بأي تصعيد.
بينما فُجع المجتمع الإسرائيلي بمقتل المُختطفين، وهم ليسوا جنوداً، فإن الحكومة الإسرائيلية كانت تفضل هذا السيناريو، على تحولهم إلى مفقودين أو أسرى، يتحتم خوض مفاوضات مع خاطفيهم، ستكون لها انعكاسات سلبية عليها، وبديهي أن القادة وجدوها فرصة للتعبير عن الحزن والأسى والألم، لكن المؤكد أن ذلك لا يعكس مشاعرهم الحقيقية، لرغبتهم جميعاً في توظيف الحادثة، لتحقيق مكاسب سياسية.
ثمة رسالة أراد الخاطفون إن كانوا فلسطينيين، إيصالها لحكومة نتنياهو وسلطة عباس في آن معاً، مفادها بأن هناك من هو مستعد لدفع أثمان مرتفعة، في سبيل تحرير الأسرى، الذين تماطل حكومة نتنياهو في الإفراج عنهم، بينما تلجأ السلطة الفلسطينية لمفاوضات يصح وصفها بالعبثية لبلوغ هذا الهدف، مع أن المطلوب الإفراج عنهم، لا يشكلون رقماً يُعتد به، قياساً بالأعداد الهائلة من الأسرى، وكثير منهم مُحتجز إدارياً، بمعنى أن حريته مُقيدة دون محاكمة، فإذا كان الخاطفون لجأوا لقتل المختطفين، فإن المؤكد أن ذلك لم يكن هدفهم.
اتهام حماس بالعملية دليل عجز، وهي لو كانت اختطفتهم، لما قتلتهم بهذه الصورة، لتخسر ورقة تفاوض على الأسرى، وشعبية مضافة بين الفلسطينيين، يطرح ذلك سؤالاً عن إمكانية أن تدبر حكومة نتنياهو عملاً كهذا، لإفشال المصالحة الفلسطينية بين رام الله وغزة، ما يدفع لهذا السؤال، بوادر عملية جديدة لعزل قطاع غزة، ما يعرقل الخطوات العملية للمصالحة، ربما كان بعض المتحمسين الحماسيين، هم من ارتكب العملية في خطوة مُرتجلة، واضطروا لقتلهم حين اكتشاف عدم قدرتهم على نقلهم لمكان آمن، "وليس في الضفة مثل هذا المكان"، دون حساب لردة الفعل الإسرائيلية، التي قد تصل حد احتلال القطاع من جديد، أو على الأقل تمنح بعض التبرير لأصوات المتطرفين، التي انطلقت داعية لزيادة وتيرة الاستيطان، خصوصاً في مدينة القدس المحتلة.
سيكون صعباً الجزم بمن قام بالعملية أو كان خلفها، وسيكون علينا انتظار ما ستسفر عنه، ليتبين المستفيد منها، وقد بات واضحاً أنه لن يكون غير إسرائيل، التي ربما ارتكبتها، أو تستغل غباء وحماقة من ارتكبها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram