من منطلق آخر غير المنطلق الإنساني أرغب، كمواطن عراقي، في تقديم الشكر إلى العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن لفتته بالتبرع بمبلغ 500 مليون دولار "كمساعدة إنسانية للشعب العراقي الشقيق المتضرر من الأحداث المؤلمة، بمن فيهم النازحون بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو المذهبية أو العرقية"، بحسب ما جاء في تصريح رسمي للخارجية السعودية.
بالمعايير العالمية الخاصة بالتبرعات لأغراض إنسانية، المبلغ كبير، الا انه ليس كذلك بالمعايير العراقية الرسمية، فالمبلغ لا يعادل سوى نصف الواحد بالمئة من دخل الحكومة السنوي من النفط المصدّر الى الخارج وحده. وبخلاف ذلك فأن هذا المبلغ بالمعايير الشعبية كبير بالنسبة لخمسة ملايين شاب عراقي عاطل عن العمل ولثمانية ملايين عراقي يعيشون عند خط الفقر وتحته برغم الثراء الفاحش لدولتهم.
أعرف ان العراق الذي يملك أكبر، أو ثاني أكبر، احتياطي للنفط في العالم ليس في حاجة الى مبلغ 500 مليون دولار الذي يعادل مدخول يومين فقط من الإنتاج النفطي، ولا يساوي نصف ما يسرقه الفاسدون من كبار مسؤولي الدولة في شهر واحد فقط. مع هذا فان الشكر مستحق للعاهل السعودي عن تبرعه الذي قالت الخارجية السعودية انه سيجري تقديمه عبر مؤسسات الامم المتحدة، فهذا الاعلان يطمئننا الى ان أيدي الفاسدين في دولتنا لن تطال هذا المبلغ، مع علمنا بان مؤسسات الامم المتحدة هي الأخرى ليست فوق شبهة الفساد.
الجانب الداعي للشكر في التبرع السعودي، بالنسبة لي، انه يمثل إهانة واضحة مُستحقة لحكومتنا ولعموم الطبقة السياسية المتنفذة في دولتنا. هذه الطبقة هي التي أوصلتنا الى الحال التي صارت فيها صدقات الآخرين مستحقة لنا.. هذه الطبقة هي التي دمّرت البلد على نحو يكاد أن يفوق الدمار الذي خلّفه نظام صدام .. هذه الطبقة هي التي أشعلت نار الحرب الأهلية المهلكة المتواصلة منذ عدة سنوات ولا أحد يدري متى يمكن أن تضع أوزارها، خصوصاً وان مجلس النواب الجديد لم يحمل معه بشارة خير بعهد جديد وحال أفضل... وهذه الطبقة هي التي بددت نحو 500 مليار دولار، فلم يظهر لها أي أثر على مدى عشر سنين كان يمكن للعراق فيها أن يكون على صعيد التنمية مكافئاً للسعودية والامارات، أو البحرين او الكويت في الأقل.
تستحق هذه الطبقة وحكومتها وبرلمانها، السابق واللاحق، أن تتلقى صفعة مهينة كالتي وجهها العاهل السعودي اليها، من دون أن يقصد بالطبع.
مرة أخرى أعلن، بوصفي مواطناً عراقياً، سعادتي وحبوري بالتبرع السعودي الذي يستحق عنه الملك السعودي الشكر والتقدير .. وسأُسعد أكثر إذا ما حملت الينا الاخبار اعلاناً من حكومة الصومال بانها هي الأخرى قررت التبرع للشعب العراقي!..
جميع التعليقات 3
عطا عباس
عزيزي عدنان حسين ... انت تعجب من وقاحة و عدم مستحة طبقتنا السياسية التي أوصلتنا الى أبواب التسول حتى ولو من الصومال وعشائرها الكريمة أو جزر القمر وقبائلها الأصيلة ! لكني لم أصدق سمعي يوم أمس وأنا أتابع حديث الأربعاء للسيد نوري المالكي وهو يطا
مهند البياتي
لم نسمع لحد الان ما هي مساهمه الحكومه العراقيه في اغاثه و مساعده المهجرين العراقيين جراء الاحداث الاخيره، و هل الامم المتحده لوحدها تقوم بهذا العمل، لان خيم المهجرين تحمل علامه الامم المتحده، سوى قرار وزير النقل السيد العامري بنقل مهجري تلعفر فقط، مجانا م
أبو همس الأسدي
أرجوا أن لايكون شكرك للعاهل السعودي مدعاة لأتهامك بالأرهاب والتآمر في نظر الشلاه والبياتي والسنيد ؟؟؟