TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فطور سياسي

فطور سياسي

نشر في: 4 يوليو, 2014: 09:01 م

شهر رمضان في تموز المعروف لدى العراقيين بأنه " شهر ساخن " سيواجه فيه الصائمون والمفطرون على حد سواء ارتفاع درجات الحرارة فوق معدلاتها الاعتيادية ،وسيعتمدون استخدام وسائل تبريد بدائية ، المهافيف ، وحمل قناني الماء والمرشات اليدوية للاستعانة بها عند الوقوف الطويل لتجاوز السيطرات وعبور الجسور وحمل المظلات لاتقاء أشعة الشمس العمودية في عز الظهيرة.
وبارتفاع درجات الحرارة تأثرت أسعار المواد الغذائية فتصاعدت هي الأخرى ، ووجهت أصابع الاتهام للتجار لأنهم في كل وقت السبب الرئيس في معاناة الشعب العراقي أو هكذا تصورهم وسائل الإعلام والفضائيات التابعة لأحزاب الحكومة، والجهات الرسمية لم تعلن عن تقليص ساعات القطع المبرمج للتيار الكهربائي .
سيتحمل العراقيون صعوبة شهر رمضان ، وهم يتطلعون لحسم و تجاوز الأزمات السياسية القائمة في البلاد ، وسيكونون في أحسن حال حينما يجتمع القادة السياسيون على مائدة إفطار واحدة ويلعنون الشيطان ويتفقون على حب الله لقيادة البلد نحو بر الأمان ، وهذا الإنجاز التاريخي الكبير سيكون مبعث تفاؤل لدى العراقيين بان نخبهم وبعد وقت طويل اتفقت وتلاحمت وتضافرت جهودها بالاتفاق على اختيار المرشحين لشغل مناصب الرئاسات الثلاث .
أعضاء البرلمان الجديد ، على موعد مع فطور سياسي لعله يحمل بشائر اختيار رئيس مجلسهم ونائبيه وبعد تحقيق هذه المعجزة ستكون جلسات المجلس خلال شهر رمضان ، وأمامه عقبة أخرى تتلخص بمرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة ،وإنجاز هذا الاستحقاق يحتاج إلى اكثر من فطور سياسي ، لأن مسافات بعيدة تفصل بين مواقف الكتل النيابية ، وفي ضوء ذلك برزت دعوة تتضمن تشكيل برلمان مؤقت لحين حصول الاتفاق على تقاسم المناصب والمواقع ، وهي سابقة خطرة لا تنسجم مع الدستور، وليس من المستبعد اعتماد قاعدة الحصول على المكاسب عن طريق التوافق ، قد يشهد العراق ولادة برلمان مؤقت ، ويكون حاله مثل "كهوة المفاطير" في شهر رمضان.
البرلمان المؤقت ابتكار جديد يعطي رسالة واضحة على فشل الساسة في التوصل إلى أي اتفاق من شأنه تنفيذ الاستحقاقات الدستورية للمرحلة المقبلة ، و قد توفر لهم الوقت المناسب منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية ، ومادام أكثرهم يسكن في المنطقة الخضراء ومعظمهم ينتمون إلى أحزاب دينية ، ويؤدون فريضة الصوم ، يجب ان يجتمعوا في اسرع وقت على فطور سياسي ، وبعد تناول زنود الست والساهون الإيراني يعلنون المعجزة ، لتنطلق الهلاهل من زاخو إلى الفاو للتعبير عن فرح العراقيين بإنجازات القادة السياسيين التاريخية ، ومنها ترسيخ
وجود كهوة المفاطير التي اكتسبت اسمها منذ عشرات السنين، وأصحابها يجيدون عن خبرة ومعرفة اختيار مواقعها وأماكنها ، وعلاقتهم بالأجهزة الرسمية التي تلاحق المخالفين في شهر رمضان ، ليست ودية ، ولكنها تعتمد على تقديم المقسوم مقابل السكوت عن المخالفة ، وبمنفعة الطرفين يتحقق التوافق والاتفاق وانتظار مدفع الإفطار .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram