كان من اللازم أن يكون إعلان رئيس مجلس النواب السابق أسامة النجيفي عدم ترشحه لولاية ثانية، قد أسقط آخر ذريعة لرئيس الحكومة المنتهية ولايتها نوري المالكي للتشبث بمنصبه السابق، بيد ان الأمور مضت في اتجاه مخالف أمس .. المالكي اعلن أمس انه متمسك بالمنصب مهما كان الثمن، والخشية ان يكون هذا الثمن باهظاً، حتى بالنسبة لائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة الإسلامية.
منذ يومين أقرّ القيادي في حزب الدعوة حيدر العبادي بان المالكي قد ارتكب أخطاء. كان ذلك في معرض رده على سؤال لإحدى مذيعات قناة الجزيرة القطرية. المذيعة قالت له ان رئيس إقليم كردستان برر طلبه من برلمان الإقليم إجراء استفتاء على مصير الإقليم، بان سياسات المالكي الفاشلة هي التي دفعت في هذا الاتجاه، فرد العبادي بالقول "ربما بعض السياسات..". بالطبع لم يكن منتظراً من السيد العبادي أن يقرّ بالحقيقة كاملة.
ليس في مصلحة دولة القانون وحزب الدعوة أن يكون رئيس الوزراء المقبل هو السيد المالكي نفسه أو أيا من قيادات دولة القانون أو الدعوة، اذا ما أرادا ممارسة السياسة على أصولها، منزهة ًولو بأدنى حد من المصالح الشخصية والحزبية.
ليس بارزاني وحده من يقول بفشل المالكي وارتكابه الأخطاء- وما من أحد لا يخطئ - وليس إياد علاوي وقادة الأحزاب السنيّة فضلاً عن قوى التيار الديمقراطي وسواها وحدهم من يقولون بهذا أيضاً. معظم حلفاء دولة القانون وحزب الدعوة في التحالف الوطني يشاطرون بارزاني والآخرين هذا الرأي، فالشعور بالغضب حيال سياسات المالكي الذي نتلمسه لدى قيادات ائتلاف المواطن والتيار الصدري لا يقلّ عن مثيله لدى بارزاني أو علاوي وسواهما.
ما هو في صالح دولة القانون وحزب الدعوة أن " يأخذا نفس" في المرحلة المقبلة ليراجعا بهدوء وموضوعية تجربة السنوات الثماني الماضية التي انتهت بإلقاء العراق في خضم حرب صعبة وعلى حافة التقسيم. ليس منتظراً أن تكون متطلبات السنوات الأربع المقبلة أهون مما واجهناه في السنوات الماضية.. بل ان المالكي سيورث خليفته تركة ثقيلة للغاية ، ومهمة شاقة تبدأ بتحرير المحافظات التي اجتاحها داعش وحلفاؤه وتطبيع الأوضاع فيها، وتنتهي بإقناع الكرد بالعدول عن مشروع الاستقلال والسنّة بعدم السعي للاستقلال أيضاً. رئيس الوزراء المقبل اذا ما كان من دولة القانون وحزب الدعوة فانه سيحملهما وزر الفشل الذي سيحيق به، وسيكون الثمن هذه المرة باهظاً للغاية... انهما يحتاجان الى اجتراح مأثرة كبرى لدفع فشل السنوات الثماني الماضية الى زاوية النسيان.
اذا اعتقد دولة القانون وحزب الدعوة ان لديهما الطاقة والقدرة على تقديم منجزات للشعب، فبوسعهما فعل ذلك عبر البرلمان الذي لهما فيه أكبر كتلة وعبر الحكومة التي سيكونان فيها الكتلة الأكبر أيضاً.. رئاسة الحكومة ليست هي المجال الوحيد لتقديم هكذا خدمة، الا اذا كان يُنظر الى هذا الموقع بوصفة البقرة الأوفر حليباً.
دعوة إلى "الدعوة"
[post-views]
نشر في: 4 يوليو, 2014: 09:01 م