ليس رجماً في الغيب، أو تكهناً يُلقى على عواهنه، فإن منتخب البرازيل اصبح مهدداً بالإقصاء من مونديال بلاده العشرين التي جيّشت من أجله شعباً بأكمله وثروة كبيرة وتحمّلت حكومتها سخط المعارضين ومظاهراتهم العارمة منذ ثلاث سنين من أجل ضمان اللقب السادس في تاريخها العاشق لارتواء النصر من كأس العالم.
فالخسارة الفادحة التي تلقاها منتخب السامبا بخروج "المنقذ" نيمار باكياً من شدة الألم نتيجة كسر الفقرة القطنية الثالثة في ظهره ستلقي بظلالها على مصير المنتخب في المواجهة المقبلة مع المنتخب الالماني التي ستكون بلا شك واحدة من اقوى مباريات المونديال ليس في هذه النسخة فحسب، بل في جميع البطولات نظراً لتوفر جميع عوامل الإثارة التي تجعل من لقاء القمة منافسة لن تتكرر.
وأجد نفسي صراحة متضامناً من نداء المدرب البرازيلي فيليب سكولاري بضرورة إبداء الحكام قدراً عالياً من الجرأة في اتخاذ القرار المناسب أزاء هكذا اصابات خطرة ربما تصيب اللاعب بالشلل التام وتجبره على التنقل بالكرسي المتحرّك . فالكسر الذي تعرّض له نيمار في الظهر نتيجة تلقيه ضربة بالركبة من المدافع الكولومبي زوينغا ينبغي أن لا يمر بسهولة وأن يعاقب عليها الأخير بكارت أصفر في الأقل ، ولهذا فإن وسائل الاعلام البرازيلية تشن هجوماً عنيفاً على (فيفا) بسبب عدم تشديد التعليمات الخاصة بحماية النجوم وكذلك عدم كبح جماح المتهورين بالكروت الحُمر!
فنياً، هناك مشكلة كبيرة يعاني منها سكولاري ضاعفت من محنته ومأزقه في برنامج تأهيل منتخبه للقاء المانيا في الدور نصف النهائي يوم الثلاثاء المقبل، وتتمثل بغياب قائد الدفاع تياغو سيلفا بسبب ايقافه فضلاً عن حرمان خط الهجوم من لاعب عبقري مثل نيمار، وهما حالتان تسهمان بكل تأكيد في خلخلة العمود الفقري للمنتخب امام خصم متمكن في لعبة الحسم أو جرّ المباراة الى ركلات الترجيح.
نعم ربما ينبري سائل عن عدم نضوب المواهب في ساحة السامبا بالبرازيل وبالتالي هناك من يعوّض غياب نيمار ، هذا صحيح ، ولكن بروز نيمار في هذه البطولة وتسجيله اربعة اهداف في مرمى منتخبي كرواتيا والكاميرون مناصفة، ولعبه دور المنقذ وسط تدني مستوى الثلاثي هالك وفريد ومن خلفهما أوسكار وتباين اداء اغلب اللاعبين يجعل استمرار البرازيل من دون نيمار أمراً في غاية الصعوبة، ومن المتوقع ان تكون موقعة الثلاثاء امام المانشافت تحمل الذكرى السيئة للبرازيليين وهم يروا لاعبيهم يحزمون حقائب المغادرة الى بيوتهم.
ولذلك لن تكون الفرصة مواتية لتعويض غياب نيمار إذا ما علمنا ان الزمن المتبقي للمواجهة ليس كثيراً ، وفي المقابل هناك سعي محموم من المدرب الالماني يواكيم لوف لاستثمار الاحباط البرازيلي للاجهاز على اقوى المرشحين لنيل اللقب، وستكون صفوف المانيا جاهزة للمواجهة بأدوات كاملة وضاربة للعبور الى الدور النهائي حيث كشفت مباراة فرنسا عن مناورة لوف بأكثر من ورقة راجحة لصناعة الفارق في منطقة الجزاء مثلما دفع باللاعب هوميلس ليلبس طاقية الاخفاء وسط حشد من "الديوك" ليغمز بكرته في مرماهم حاسماً اللقاء بهدف يتيم أوجز به الصورة الفقيرة التي ظهر عليها أداء المنتخبين والتي يراها لوف طبيعية بسبب رغبته الخروج بالفوز من دون ان يخسر لاعباً واحداً لأهمية الجولتين المقبلتين نصف النهائي والنهائي.
ترى هل سيقف ابن البلد سكولاري متفرجاً امام المحركات الألمانية العتيدة لتدك السامبا في الصميم وتحيل البلاد الى السواد أم ستكون لديه أكثر من مفاجأة على صعيد التكتيك والعناصر البديلة لينسف بها طموحات نـدّه لوف ويواصل الحلم الأصفر لبلوغ منصة التتويج في الثالث عشر من تموز الحالي؟
نيمار.. هل أسدَل الستار؟
[post-views]
نشر في: 5 يوليو, 2014: 09:01 م