هو كتاب شيخنا أبي الفضل أحمد بن محمد بن إبراهيم، النيسابوري، الميداني (ت 518 هجرية).
حاولت "تحديث = Updating" أمثاله على وفق ما يقارب الحالة. أعترف بأنني حاولت، في هذه المختارات، أن أبلغ القصد بشيء من النقد، أي ثمة "لؤم نقدي" لا بدّ منه عندما يبلغ لؤم الواقع منتهاه وآخر مرماه في وجودنا ومستقبلنا عند اشتداد الزمن واندلاع الفتن.
1 - إن دواءَ الشقِّ أن تحوصَه: الحوص هو الخياطة. يضرب في رتق الفتق. لكن الخياط الغشيم قد يفسد الأمر فيزداد الفتق اتساعاً. ألا من خيّاطٍ ماهر يرتق فتقنا الذي يزداد اتساعاً؟
2 - أٌكلتُ يومَ أُكلَ الثورُ الأبيضُ: يروى أن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (رض) قال: إنما مثلي ومثل عثمان كمثل أثوار (ثيران) ثلاثة كنّ في أجمة، أبيض وأسود وأحمر ومعهن فيها أسد، فكان لا يقدر منهن على شيء لاجتماعهن عليه فقال للثور الأسود والثور الأحمر: لا يُدلُّ علينا في أجمتنا إلا الثور الأبيض فإن لونه مشهور ولوني على لونكما، فلو تركتماني آكله صفت لنا الأجمة.
فقالا: دونك فكلهُ. فأكله. ثم قال للأحمر: لوني على لونك فدعني آكل الأسود لتصفو لنا الأجمة. فقال: دونك فكلهُ، فأكله. ثم قال للأحمر: إني آكلك لا محالة. فقال: دعني أنادي ثلاثاً، فقال: افعل. فنادى: ألا إني أُكلتُ يومَ أُكلَ الثورُ الأبيض. ثم قال علي (رض): ألا إني هُنْتُ (ويروى وَهَنتُ) يوم قُتلَ عثمان، يرفعُ بها صوته. يضربُ به الرجلُ يُرزأ بأخيه. فأين أنتم من هذه الأخوّة أيها الطائفيون؟
3 - إنما هو ذَنَبُ الثعلبِ: أصحاب الصيد يقولون: راوغَ الثعلبُ بذنَبهِ، يميله فتتبع الكلاب ذنبه. يقال أروغُ من ذَنَبِ الثعلبِ. يضرب به أنت الذي تعرف نفسك.
4 - إنما هو كبرقِ الخُلّبِ: يقال برقٌ خلّبٌ وبرقُ خلّبٍ (بالإضافة) وهما البرق لا غيث معه. كأنه خادع. والخلب أيضاً السحاب الذي لا مطر فيه. يضرب به الحاكم الكاذب على شعبه والسياسي كثير الوعود والإعلامي الذي ينشر ويذيع الأوهام وغيرهم.
5 – إنْ يبغِ عليك قومُك لا يبغِ عليك القمرُ. قال المفضل بن محمد: إن قوماً في الجاهلية تراهنوا على الشمس والقمر ليلة أربع عشرة، فقالت طائفةٌ: تطلعُ الشمسُ والقمرُ يُرى. وقالت طائفةٌ: بل يغيبُ القمر قبل أن تطلع الشمس، فتراضوا إلى رجلٍ جعلوه (حكماً) بينهم. فقال رجل منهم: إن قومي يبغون عليّ. فقال العدل (الحكم): إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر.
والبغي: الظلم. يقول: إن ظلمك قومك لا يظلمك القمر، فانظرْ يتبين لك الأمر والحق. ولكنهم لا ينظرون، يا أبا الفضل.
6 – النساء شقائقُ الأقوام: الشقائقُ جمع شقيقة (ومنها شقائق النعمان الزهور الحمراء المعروفة) وهي كل ما يُشقُّ باثنين. أرادوا بالأقوام الرجالَ على قول من يقول: القوم يقع على الرجال (من) دون النساء. ومعنى المثل: إن النساء مثل الرجال وشقت منهم. فلهن مثل ما عليهن من الحقوق. لا يؤمن بهذا المفهوم الدواعش وحلفاؤهم وأشباههم وكثير من الفقهاء وحتى بعض المثقفين المتلبسين لبوس الحداثة.
7 – إذا قطعنا علَماً بدا علَمُ. العلم، هنا، الجبل، أي: إذا فرغنا من أمرٍ حدث أمرٌ آخر.
توالي المحن والنوائب (أو غالبية النائبات بالمعنى البرلماني وهو خطأ انتخابي ولغوي معاً) على البلاد والعباد.
***
ما حدث أمس وما يحدث اليوم في العراق:
قال شاعر:
"فألفيتكمْ صوصاً لصوصاً إذا دجا الـ...... ـظلامُ وهيابينَ عند البوارقِ".
الصوص: اللئيم، والبوارق، هنا، السيوف.