"ليس كل ما يعرف يُقال"، هذا هو الشعار الذي رفعته الحكومة في وجوهنا. ليس مقدورا لك أن تعرف أو تفهم شيئا مما يجري، لأن الحكومة تسد أمامك كل منافذ المعرفة، فهي لن تقول لك كل شيء ، ، وفى الوقت نفسه تدعوك ألا تصدق كل ما يقال، وإذا صدقت لا تفترض أن كل ما تصدقه حقيقة.. لا تتعجب إنها إرادة القائمين على شؤون البلاد والعباد.
يقولون لك إن عدم تداول المعلوات وحالة الكتمان وغلق مواقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك وتويتر" هي محاولة لإنقاذ البلاد من جحيم الارهاب والحفاظ على الأمن الوطني.
قبل اشهر فجرت الصحافة الفرنسية فضيحة من العيار الثقيل حين نشرت مجلة " كلوزر" خبرا يقول : " ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تسلل الى بيت الممثلة جولي جابيه " .. هولاند لم يطالب باغلاق المجلة ومحاصرتها ، فقط قال لوسائل الاعلام إنه سوف يرفع قضية. حجته في ذلك أنه مثل أي مواطن. له حق الخصوصية.. أقر بعلاقته العاطفية .. انفتح جدل حول حدود حرية الصحافة. .وحدود خصوصية المسؤول. .في بلاد الديمقراطيات الراسخة لا تكون هذه الخصوصية مصانة.
ودعوني اتساءل: ترى ماذا لو ان صحيفة او وسيلة إعلامية طاردت احد المسؤولين ونشرت تحقيقا عن حياته الخاصة .. الجواب تعرفونه بالتأكيد.
هل هناك مسؤول حكومي يقبل بأن تسأله الصحافة من اين لك هذا؟ لماذا يتحمل المواطن في بلاد تعددت وتنوعت فيها طرق الموت والسرقة والانتهازية والتزوير ، الكذب الذي أصبح ماركة مسجلة ، حيث يجد المواطن نفسه أمام طريقة لطيفة في الخداع والتضليل، فبعد كل خرق للدستور والقانون في وضح النهار يخرج علينا احد الناطقين مبتسما مع سيل من المفردات المقحمة عنوة في الكلام وقليل جدا من المعرفة واقل القليل من احترام المشاعر.
بالامس أرادت وزارة الاتصالات ان تضفي طابع الاثارة على قضية غلق مواقع التواصل الاجتماعي والتضييق على الانترنيت فخرجت علينا ببيان وعلى صفحتها في الفيسبوك ، نأت فيه بنفسها عن حجب مواقع التواصل الاجتماعي.. واكدت أن حجب المواقع جاء وفق أوامر من جهات عليا لم تسمها، وذكرت في منشورها أنها تضم صوتها لأصوات المطالبين بحرية الوصول إلى مواقع المحجوبة.
مشكلة الحكومة المزمنة أنها دائما تخبئ رأسها في الرمال عند ظهور أية مشكلة، ويسعى مقربوها الى تزويق الألفاظ واخفاء الحقائق، والذي أصبح منهجا يسير عليه الجميع بل ذهب البعض أكثر من ذلك بأن تطوع لتجميل المشاكل.. المهم هو الإخفاء وليس الحل.. المهم أن تبقى الأجواء ساخنة لكي يتاح للجميع أن يصبحوا نجوما تلفزيونيين حتى أصبح لدينا مسؤولون يظهرون على الشاشة اكثر من ظهور اليسا وهيفاء وهبي، تحولوا الى أساتذة في فن التمثيل ويملكون اكبر خزين ستراتيجي من الكذب والخداع، بينما الناس تختنق من وقف الحال وتعطيل الحياة وعدم الاستقرار، وإذا جمعنا تصريحات المسؤولين وأضفنا لها نكات السياسيين وابتسامات بعض المقربين سوف نكتشف أننا نعيش في أجمل واسعد بقعة على الأرض، وأن مشكلة الناس عندنا أنهم يعانون من الديمقراطية الزائدة حتى أصيبوا بالتخمة.
كل المشاكل عندنا مختومة بختم سري، وكأنها مشاكل أمن وطني مع أن جميعها يتعلق بحياة الناس واستقرارهم..لا احد يجيب على التساؤلات، ولا تسمح الحكومة بتداول المعلومات عن الأزمات المتلاحقة.
قائمة المحظورات والممنوعات التي يجب أن لا يعرفها المواطن بلغت 99% والـ 1% المتبقية هي بيانات وابتسامات تشبه مسحوق تجميل مغشوش ورخيص يقبّح أكثر مما يجمّل..
سيقول لك البعض ما هذا البطر، تترك الأمور الكبيرة وتخصص عمودك الصحفي لأمور صغيرة.
دعونا اذن نبحث في القضايا الكبيرة، البرلمان لن ينعقد حتى إشعار اخر.. لا حكومة قبل عام من هذا التاريخ، اوباما سيواصل ممارسة دور المتفرج، أما القضايا الصغيرة فهي لا تحظى باهتمام السادة المسؤولين ، ماذا يعني ان يقضي مليون مواطن هذا الصيف تحت الخيام، ماذا يعني غياب الامن والخدمات والطمانينة ، ماذا تعني طوابير الهاربين من ارض الرافدين، ماذا يعني ان يخرج علينا الوزير السابق ايهم السامرائي يتحدث عن مصير الثورة لا الثروة التي سرقها من وزارة الكهرباء.
هل تعرفون ما النبأ الجيد الوحيد الذي خرج من بلاد النهرين؟ أن صالح المطلك يريد ان يصبح رئيسا للبرلمان.. حسنا ، وان وزارة الكهرباء اكتشفت انها صادقة مع المواطن.. وأما " النور " فهذه مسالة فيها نظر ، تخيل مدينة مثل بغداد يصر البعض على ان تبقى أسيرة الظلام وجهل الساسة والفساد وغياب الحياء والخجل والضمير والمعرفة .
أنا اصدق وزارة الاتصالات؟
[post-views]
نشر في: 7 يوليو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
ابو هبة
ترى متى ينتفظ العراقيين بوجه السلطان أسوة ببقية المحافظات الثائرة على ظلم السلطان الهالكي ، دع الشعب المخدر نائم والسلطان ومن لف لفهم من دولة اللاقانون ومن مليشيات ها القذر تقتل وتهجر باسم المظلومية ، والمهاجرون ملأت بهم الأقطار ، اي ضمير إنساني ، وأخلاقي
مواطن عراقي
استاذ علي ، كل شيء ممكن و طبيعي لانه السمكة خايسة من راسها. هذه الشرذمة الحاكمة جاءت على ظهر الدبابات الامريكية، وعلى مدى التاريخ ، فان كل عميل لمستعمر لديه اجندة هدّامة، وهذا ما يحدث اليوم في عراقنا المنكوب. صدام حسين اصبح الرجل الثاني في البلد بعد 13
رعد الصفار
عندما تسقط الاخلاق تصبح كل الاشياء ممكنه