ابدأ بمختصر قد يكون مفيدا: ان ما يسود اليوم بعد النكبة هو ارتفاع أصوات لتخوين من يبحث في أسبابها. الباحث عن الأسباب "عندهم" عميل وانفصالي و أجير خائن من يقول ان حلق الأسد جائف. وداعشي ابن ستة عشر داعشي من يصيح ان الامبراطور بلا ثياب وانه يتمشى عاريا كما ولدته امه.
لا بلد على وجه الأرض، كبيرا كان أم صغيرا، من أمريكا الى جزر القمر، الا ويتربص به الإرهاب وتحاك ضده المؤامرات وتفكر باختراقه عصابات التهريب والقتل والنهب. لكن كيف تنجح بعض البلدان في حماية شعبها من شر هؤلاء وبعضها يفشل؟
الجواب المباشر انه دور الحكومة ومن يقودها أولا. لذا تجد ميزات الرئيس كثيرة ورواتبه تفوق الخيال وأنا، كمواطن، ارضى باقل منه لأنني أنام آمنا أما هو فواجبه، المدفوع الثمن، ان يسهر من اجل حمايتي وان يوفر لي أسباب الراحة والرفاه والأمان. عكس ذلك لا يستحق فلسا واحدا مما يستلم وعليه مغادرة مكانه فورا حتى لو قُتل بسبب اهماله مواطنا واحدا. تخيلوا ما الذي يجب ان يحل به لو ان قتلى اهماله وصل الى ربع المليون عدا الجرحى والخراب المادي والمعنوي؟
الإرهاب لا حدود ولا زمان ولا مكان له. عيونه متفتحة صوب أي فريسة يسهل اصطيادها. واسهل الفرائس شعب لا تحترمه حكومته. مثل الإرهابي كمثل جار السوء ان أهانتك عيالك سيهينك على الفور.
خذوها مني معادلة بسيطة: لا يمكن للإرهاب، مهما طال باعه، ان يحتل شبرا واحدا من ارض بلد فيه الحكومة تحترم الشعب. وان وجدتم داعش، او غير داعش، احتلت مترا واحد في أرض ما فاعلموا ان تلك الأرض يحكمها من لا يؤمن بحرية الناس واحترامهم.
بالمختصر مرة أخرى: الإرهاب، داعشيا كان ام غير داعشي، يطرب حين يجد حكومة تضرب المتظاهرين بالسياط والرصاص. ولنا ولكم دليل في ما حدث للمطالبين بالحريات والخدمات بساحة التحرير يوم 25 شباط 2011، يا أولي الألباب.
أي حكومة تلهب ظهور الناس بالسياط ان هم رفعوا صوتهم ستجعلهم خائفين. والخائف فريسة سهلة. وان هي نكلت بخيرة شبابهم ومثقفيهم لتجلدهم في وضح النهار وامام أعين العامة ستعطي تأشيرة دخول للإرهاب ان تعال وافعل بهذا الشعب ما يحلو لك فلقد جهزناه لك.
وما الذي تتمناه داعش اكثر من أن ترى قوات "النخبة"، التي تعني فيما تعنيه انها ذراع الحاكم، تبطح مدربا رياضيا في مدينة مقدسة وامام الجماهير في ملعب شعبي وتنهال عليه ضربا حتى الموت؟ كرة ذهبية تلقفتها هذه "الداعش" فأنتجت منها عمامة سوداء "تتمختر" بالموصل منذرة بتفجير قنبلة ظلامية قد تحول دجلة الى نهر اسود يطش الموت والرعب بدل الحياة.
"وتكلي أضحك؟ تريد اضحك؟
دجيب شوي فرح واكطع نفس جرحك".
أيها الساسة ويا أيها الشعب: ان لم تقطعوا نفس الجرح الواضح أمامكم وضوح الليل وتزيحوا الجاثم عن صدر العراق فلا مقام به لغير داعش واخواتها من كل الأصناف والمذاهب.
تعددت الأسباب و "الدعش" واحد.
ما الذي أطرب "داعش"؟
[post-views]
نشر في: 8 يوليو, 2014: 09:01 م