TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عن "اكعـيم" وبغـداد

عن "اكعـيم" وبغـداد

نشر في: 9 يوليو, 2014: 09:01 م

في عمود سابق شبهت تعامل الحاكم مع شعبه بتسلط بزواج الغصب وما يسببه من كدر وتعاسة. وان كانت المرأة هي الطرف الأضعف في زواج من هذا النوع، إلا ان ذلك لا يعني أنها لا تحمل بداخلها غضبا ورغبة في التمرد بانتظار فرصة لتثور. ألم يقل حتى البسطاء منا بان الكبت نهايته انفجار؟
وثورة المرأة المتزوجة "اغتصابا" لا يشترط فيها ان تكون علنية أو تنطبق عليها معايير الثورات بمفهومها السائد. فقد تترجم ثورتها بنكتة أو أغنية أو مثل سائر أو ببيت عميق المعنى من "الدارمي" وربما بكلمة واحدة تصف بها "المغتصب" بازدراء وسخرية واحتقار. اتفقت نساء العراق على تسمية الزوج المفروض عليهن فرضا بـ "اكعيم". فماذا تعني الكلمة؟
إنها وصف جامع لكل من اصطلح عليه شعبيا: أغمّ أو أَخَوَثْ أو اهدان أو اچبيح أو اعفين أو طِرِن أو أَخَطَل أو امغسول أو حضِينة .. والقائمة تطول. باختصار ان "اكعيم" مفردة كما الشفرة أو كلمة السر التي اخترعتها الزوجة التعيسة لتنكل بزوجها دون ان تكشف عن اسمه لأسباب لا أظنها بحاجة لتوضيح.
بودي ان يسعفني رسام عراقي أزوده بأبيات "الدارمي" التي خصت بها المرأة العراقية هذا الذي زفوها له بالـ "الچماغات" فلعله يرسم لي صورته البشعة التي يصعب علي وصفها بالكلمات.
زفوني بچماغاتللبطل حيله
حبني وترسني تفالمن وره الشيله
ويأتيها الليل لتزفر حسرات ثورتها بكاء مرا:
ابچي واصيح الغوثمن سكم حالي
مطلوني يم اكعيمربي شجرالي؟
في بحثي عن الحكايات التي تقف وراء "الدارميات" ذات المعاني والصورالعميقة سألت في أواسط السبعينات احد رواة "الدارمي" من شيوخ آل إزيرج كان يسكن بمدينة الثورة، في آنها، ان كان يعرف قصة تلك التي قالت:
وين اليفك مظلوموين الله وينه
يتركرك اعله چلايهذا الحضينة
قال لي انه لفتاة قدمتها عشيرتها "فصلية" لعشيرة أخرى فوقعت بيد "اكعيم" دميم الخلقة والطباع. كلمني كثيرا عن أوصاف الزوج السيئة. لكنه عندما وصل لوصف جمال الفتاة ورقتها احتار إلى أن قال لي" "لا تكلي ولا اكلك حلوة چنها بغداد".
وهل بينكم من يحفظ ما قالته العراقية الحلوة كما بغداد عن بلواها:
والما تريده الروحكشمرته بلوه
مثل اليصعد الماي كوه اعله علوه
ويا ليت الشيخ مهدي الحافظ يفتتح الجلسة الثانية بترديد البيت أو غنائه على لحن "بويه سعد يا بويه" ان امكن. مجرد رجاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عبدالله

    بديع

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram