في عمود سابق شبهت تعامل الحاكم مع شعبه بتسلط بزواج الغصب وما يسببه من كدر وتعاسة. وان كانت المرأة هي الطرف الأضعف في زواج من هذا النوع، إلا ان ذلك لا يعني أنها لا تحمل بداخلها غضبا ورغبة في التمرد بانتظار فرصة لتثور. ألم يقل حتى البسطاء منا بان الكبت نهايته انفجار؟
وثورة المرأة المتزوجة "اغتصابا" لا يشترط فيها ان تكون علنية أو تنطبق عليها معايير الثورات بمفهومها السائد. فقد تترجم ثورتها بنكتة أو أغنية أو مثل سائر أو ببيت عميق المعنى من "الدارمي" وربما بكلمة واحدة تصف بها "المغتصب" بازدراء وسخرية واحتقار. اتفقت نساء العراق على تسمية الزوج المفروض عليهن فرضا بـ "اكعيم". فماذا تعني الكلمة؟
إنها وصف جامع لكل من اصطلح عليه شعبيا: أغمّ أو أَخَوَثْ أو اهدان أو اچبيح أو اعفين أو طِرِن أو أَخَطَل أو امغسول أو حضِينة .. والقائمة تطول. باختصار ان "اكعيم" مفردة كما الشفرة أو كلمة السر التي اخترعتها الزوجة التعيسة لتنكل بزوجها دون ان تكشف عن اسمه لأسباب لا أظنها بحاجة لتوضيح.
بودي ان يسعفني رسام عراقي أزوده بأبيات "الدارمي" التي خصت بها المرأة العراقية هذا الذي زفوها له بالـ "الچماغات" فلعله يرسم لي صورته البشعة التي يصعب علي وصفها بالكلمات.
زفوني بچماغاتللبطل حيله
حبني وترسني تفالمن وره الشيله
ويأتيها الليل لتزفر حسرات ثورتها بكاء مرا:
ابچي واصيح الغوثمن سكم حالي
مطلوني يم اكعيمربي شجرالي؟
في بحثي عن الحكايات التي تقف وراء "الدارميات" ذات المعاني والصورالعميقة سألت في أواسط السبعينات احد رواة "الدارمي" من شيوخ آل إزيرج كان يسكن بمدينة الثورة، في آنها، ان كان يعرف قصة تلك التي قالت:
وين اليفك مظلوموين الله وينه
يتركرك اعله چلايهذا الحضينة
قال لي انه لفتاة قدمتها عشيرتها "فصلية" لعشيرة أخرى فوقعت بيد "اكعيم" دميم الخلقة والطباع. كلمني كثيرا عن أوصاف الزوج السيئة. لكنه عندما وصل لوصف جمال الفتاة ورقتها احتار إلى أن قال لي" "لا تكلي ولا اكلك حلوة چنها بغداد".
وهل بينكم من يحفظ ما قالته العراقية الحلوة كما بغداد عن بلواها:
والما تريده الروحكشمرته بلوه
مثل اليصعد الماي كوه اعله علوه
ويا ليت الشيخ مهدي الحافظ يفتتح الجلسة الثانية بترديد البيت أو غنائه على لحن "بويه سعد يا بويه" ان امكن. مجرد رجاء.
عن "اكعـيم" وبغـداد
[post-views]
نشر في: 9 يوليو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
عبدالله
بديع