لتعدد أسباب الموت في العراق ، فضل عزرائيل المكوث الطويل في هذه الأرض منذ قرون ، ونشاطه تجدد في السنوات الأخيرة ، ووصل الى مرحلة الاستعانة بالوكلاء لقبض الأرواح، ليس بالموت المألوف ، وإنما بأسلوب آخر ، أدواته السلطات المتعاقبة في إصدار أحكام الإعدام بحق معارضيها ، ثم شن الحروب بمزاعم الحفاظ على الأمن القومي ، العراقيون على خلاف شعوب الأرض ، تآلفوا مع الحزن لان تاريخهم حافل بأحداث تشير الى موت الملايين منهم نتيجة الأمراض والأوبئة والفيضانات ، والغزوات القادمة من الشرق والغرب، والأرض العراقية ، يصفها المؤرخون بانها بيئة صالحة للكوارث غير الطبيعية في إشارة الى ولادة سلطة على انقاض أخرى ، بالقتل والتنكيل وبمعنى أدق عن طريق انقلاب ، تصاحبه عمليات تصفية وملاحقة لرموز السلطة السابقة ، لتوطيد قوة ورسوخ وثبات السلطة الجديدة.
مع مرور الزمن وباستخدام أسلحة وأساليب قتل حديثة تعددت أسباب الانقراض البشري في العراق ، والجهات المعنية ترفض الكشف عن عدد ضحايا العنف ، والاعتداءات الإرهابية منذ الغزو الأميركي وحتى إعلان دولة الخلافة خلفت أرقاما مرعبة باعداد الضحايا، مقابل ذلك وصل تبادل الاتهامات بين القادة السياسيين الى إعلان الاستعداد للتحالف مع عزرائيل لتحقيق مكاسب حزبية واحيانا شخصية ،في رسالة واضحة لتأكيد الإصرار على استمرار المأساة العراقية ، ولا احد يرغب في إسدال الستار على فصلها الأخير .
العراقيون تنتابهم المخاوف هذه الأيام من امتداد دولة الخلافة ، فيما وضع فرسان العملية السياسية سروجهم على ظهور السلاحف ، واستلوا سيوفهم لخوض مفاوضات تشكيل الحكومة ، لانهم يريدونها وفق مقاسات تلبي جميع الرغبات ، تضع باعتبارها استحقاقات الكتل ونقاطها في تقاسم الوزارات ، ولحين التوصل الى اتفاق نهائي يوافق عليه الجميع بوصول السلاحف الى خط النهاية ـ تتزايد أعداد النازحين المشردين من مدنهم في فصل اخر من المأساة ، والانتصارات العسكرية ودعوات المسؤولين والقادة العسكريين الموجهة الى المشردين للعودة الى منازلهم لم تشجع نازحا واحدا للعودة مناطقهم المنكوبة المستباحة من قبل جماعات هي الأخرى تقمصت دور عزرائيل ، لتقبض الأرواح بقطع الأعناق، وكل أنواع القتل الأخرى للبطش بالأبرياء.
مخاوف العراقيين لا تبددها الطائرات المسيرة الأميركية ، ولا مؤتمرات صحفية يومية تتحدث عن توجيه ضربات موجعة لعناصر المجاميع الإرهابية ، واعلن مسؤول امني كبير اعتماد خطة جديدة طبقت في بغداد مستوحاة من أجواء شهر رمضان حين قال في تصريح لإذاعة دولية :" الخطة ستقسم أحياء العاصمة ومناطقها الى قواطع تشبه البقلاوة وكل قاطع سيتولى مسؤوليته قائد عسكري كبير بالتنسيق مع قيادة قوات بغداد" وحديث المسؤول الكبير بحاجة الى آراء الخبراء ، والمعنيين بالملف الأمني ، لتحليله من عدة جوانب ، ولاسيما انه يأتي في وقت ابدى فيه الكثير من العراقيين استعدادهم لإقامة علاقة ودية مع عزرائيل ومن تقمص دوره وارتدى قناعه للحصول على الموت الرحيم .
صديقنا عزرائيل
[post-views]
نشر في: 11 يوليو, 2014: 09:01 م