TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عرس مشكور

عرس مشكور

نشر في: 12 يوليو, 2014: 09:01 م

حديث الحاج مشكور عن زواجه يجعل شريكة حياته تدخل في إنذار جيم ، ويحفزها على استخدام كل الوسائل المتاحة لمنعه من الحديث  بحث الابناء على ممارسة الضغط السلمي احتجاجا على إثارة ملف قديم مرت عليه عشرات السنين ، لكن الأب يصر على استعراض ما لحق به من حيف جراء ممارسات وعناد المرحوم خاله ابو زوجته .
مشكور ربما هو العراقي الوحيد الذي لا ينطبق عليه المثل الشعبي  الشائع الذي يوصي بتذكر ايام العرس عندما ينتاب الشخص النكد والحزن ، فيوم اكمل استعداده وهيأ "العوامل اللوجستية" لليلة الزفاف ، طلب ابو العروس التأجيل ، لأنه فقد "الحولي" اي العجل برفسة من حصانه ، والحادث  ترك حزنا عميقا  في نفوس جميع افراد الاسرة ، وليس من المستحسن ان تذهب العروس الى  عريسها ، واهلها اعلنوا الحداد على  فقيدهم "الحولي" ، مشكور تفهم الموقف لكنه  في الوقت نفسه بدأ يشعر بالقلق من  تكرار التأجيل ، وما كان يخشاه العريس حصل  عدة مرات وبأعذار حقيقية وفي بعض الاحيان واهية  غير مقنعة ، واستمر الانتظار لحين  حلول فرحة الزهرة ليتم الزواج بالخير والبركة ، ولولا تدخل الوسطاء والضغط على الاب لما استطاع مشكور الاقتران بزوجته وانجاب البنين والبنات.
اعتراض الزوجة على حديث مشكور ينطلق من دفاعها عن مواقف ابيها في تأجيل الزفاف لتحسين صورته امام الابناء ، لأنه كان يعتمد نظرية في "التأني السلامة وفي العجلة الندامة" وانسحب ذلك على سلوكه داخل الاسرة فاصبح التأجيل علامة فارقة لجميع افراد الاسرة ، وسردت تفاصيل حوادث كثيرة للابناء تتعلق بأهمية التأجيل وفوائده في اتخاذ القرارات التاريخية داخل الاسرة.
فشلت زوجة الحاج مشكور في اقناع الابناء بتبني نظرية الراحل  جدهم ، لانها لا تنسجم مع روح العصر، وتبدو عاجزة  عن مواجهة التحديات ، وما تفرزه الاحداث من مستجدات تتطلب قرارات فورية لمعالجة الازمات لحظة اندلاعها ، ولاسيما في الساحة العراقية المعروفة بتناسل المشاكل المستعصية السياسية والامنية ، ولغياب الحلول الجذرية ، اصبحت البلاد على مفترق طرق ، كلها تتجه نحو المجهول .
الحاج مشكور صبر وظفر، فحقق امنيته ،  لكنه وجد نفسه يدخل في فصل جديد من الانتظار ، فهو كغيره من العراقيين شارك في الانتخابات واختار ممثله في البرلمان ، وعندما وصل الى قناعة بان الاطراف المعنية بتشكيل الحكومة امامها طريق طويل ، والقضية تحتاج الى المزيد من الوقت،  استرجعت  ذاكرته قصة نفوق "الحولي" وتأجيل زفافه ، ومادامت القوى السياسية صاحبة الحل والربط  لم تتوصل الى اتفاق لتسمية المرشحين لشغل مناصب الرئاسات الثلاث تمهيدا لشكيل الحكومة الجديدة، سيحتل "الحولي " المشهد العراقي ،  ليكون شعار مرحلة غامضة ، يعجز فيها العراقيون حتى عن استذكار ايام عرسهم ، عندما ينتابهم الحزن والنكد والخوف من المجهول.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram