TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الشعر الشعبي والدم: بيها "ظرف"؟

الشعر الشعبي والدم: بيها "ظرف"؟

نشر في: 14 يوليو, 2014: 09:01 م

انتهى المهرجان الأول للشعر الشعبي ليتبعه مهرجان ثان. حضره صدام أيضا لكن بعد نشوب الحرب مع ايران. تسلّم أصحاب الحقائب السود قطع الأراضي ومبلغ الـ 15 الف دينار. فيهم خمسة تسلموا 30 الفا وصاروا بمثابة شعراء"النخبة". في المهرجان الثاني لم تكن هناك حقائب ولا هدايا فقال قائل من أصحاب الحقائب "القهوائية" :لا تتأملوا شيئا "فالشاص شاص والحمل حمل".
من يومها لم يعد هناك شيء اسمه إبداع شعري بقدر ما كان جهدا استثنائيا للحصول على "التكريم". ومع كل هجوم يحدث من قبل ايران ويدحره العراقيون يصدر إعلان على الشاشة: على الشعراء الشعبيين التوجه الى قاعة الخلد. واحيانا قاعة أخرى نسيت اسمها ويقال أنها كانت في السابق مقر "محكمة الشعب" للمهداوي. ربما صار اسمها دار او قصر الثقافة. لست متأكدا. وكان الشعراء يأتونها من كل فج عميق.
صارت الوزارات والاتحادات والنقابات تقيم مهرجانات تدعو لها الشعراء الشعبيـين، في بغداد وخارجها، لدعم الحرب. لم تكن هناك حقائب بل "مظاريف" محشوة بالدنانير. تذكرتها، شكلا ومضمونا، حين قرأت ما كتبه مراسل صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، رود نوردلاند عن المظاريف التي وزعت على الصحفيين العراقيين بحضوره. ضحكت من استغرابه وتعجبه ومنحته الحق ان يستغرب أيضا.
الظرف المحشو بالفلوس سنّة اعتاد عليها الشعراء الشعبيون من أيام مهرجانات الدم الشعرية، ويبدو انها ثابتة الى اليوم. صار الشاعر الذي تدعوه جهة ما يسألها قبل كل شيء: بيها ظرف لو لا؟ فان قالت لا، فقد يعتذر عن المشاركة او قد يهاجمها متهما إياها بقلة الحس!
أرجو ان لا تغضب البعض صراحتي لو قلت بانني ما شاهدت شاعرا شعبيا يلعلع بقصيدة أثناء أيام الحرب، أي حرب، الا ولاح لي ظل "ظرف" دسم بين أصابعه.
وهكذا صار تقييم الشاعر وفق نوع المسدس الذي "كرّم" به في المهرجان الأول، وحسب ثقل "المظاريف" التي نالها في المهرجانات التي تلته. هنا خطر ببالي سؤال خاطف:
لماذا يميل الطغاة الى توزيع المسدسات كهدايا، من أموال الشعب، لمن يمجدهم أو يواليهم؟ ما الذي نتوقعه من "المسدس": رقصة .. أغنية .. نسمة .. أم طلقة؟ وما علاقة الطلقة بالشعر؟
أبعدوهم ان كنتم لا تريدون لسحابات الدم ان تعود مجددا لتمطر أرض العراق. ابعدوهم فالجروح لم تندمل بعد. والدموع مازالت مالحة تؤرق العيون وتنذر القلوب بزلزال سبقته توابعه في أفق ليس ببعيد. قفوهم انهم مسؤولون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عبدالله

    مرحباً لو سمحت، من هو الشاغر الشعبي قائل هذا البيت المكثف، الجميل: هاجَن يناهي عْليك جروحي كُلهِن شَلْحمْ شَشِلْ شلون شو كلي مِنهنْ تحياتي من الكويت

  2. هاشم العقابي

    تحياتي أخ عبد الله. البيت الذي ذكرته حضرتك نموذج من لون شعري فلكلوري نسميه بالعراق دارمي أو غزل البنات . لذا لا تُعرف قائلته شأنه شأن الكثير من ابيات الدارمي المغناة. وكما قلتَ نعم ان هذا اللون من الشعر يتسم بالتكثيف وعذوبة المعاني والصور. لقد كتبت ع

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram