TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خســـارة

خســـارة

نشر في: 14 يوليو, 2014: 09:01 م

بعد سقوط صنم عاشق الحروب ، كنا نتوقع اننا سنروي لأولادنا وأحفادنا ما عشناه وشهدناه من احداث واقعية ونستمتع بعلامات التعجب والدهشة التي ترتسم على وجوههم وكيف سيحسدوننا على اننا عشنا افلام الاكشن ولم نشاهدها على الشاشة مثلهم فقط ، لكن ابناءنا الذين كبروا في زمن التغيير لم يشعروا بذلك او بزحف الديمقراطية على بلدنا لأنهم عاشوا افلاما واقعية شهدوا فيها جريان الدماء بعد أحداث عنف رهيبة تبعتها عشرات التفجيرات كما اعتادوا على فقدان أعضائهم او احبتهم وضياع آمالهم بالاستقرار والحصول على فرص عادلة في الحياة ، فبعد كل حرب ينتج لدينا جيش من المعاقين ، وجيش من الارامل ، وجيش من اللصوص ..
واذا كان ابناء الدول الغربية او العربية المرفهون يفكرون في المستقبل ويضعون الخطط لحياتهم ويسعون لتحقيق احلامهم ، فان أجيالنا الجديدة لا تشعر بأي شيء فقد تساوت لديها كل الاشياء ولم تعد تخطط لحياتها بل تخطط فقط للبقاء على قيد الحياة واحيانا يتساوى لديها ايضا الشعور بالحياة والموت فترتمي في احضان الخطر بعد ان تتسلح بأفكار دخيلة عليها اوتسير على خطى تتصور انها تقودها الى الخلاص من الواقع المتردي ..
اجيالنا جربت مسايرة الحضارة وغاصت في دهاليز الفيس بوك والفايبر والواتس اب لدرجة التفرغ الكامل لها احيانا كونها باتت افضل وسيلة للهروب من الواقع رغم انها اسهمت هي الاخرى في تحوير ادمغتهم احيانا حسب طلب المرحلة ، لكن المشكلة ان الحضارة تتقدم في كل مكان في مجالات التكنولوجيا والصناعة والعلوم، اما لدينا فالتقدم والحضارة يشمل الحروب فقط لأننا نقتل في كل حرب جديدة بطريقة جديدة، وهذه المرة تقتلنا تصريحات ساستنا التي تكشف عن وجوه ونوايا قبيحة وعن اهداف لاتمت لمستقبل العراق وحياة ابنائه بصلة.. واذا كان سلاح التصريحات يقتل فينا الثقة بالساسة والاحساس بالامان في ظلهم فان سلوكياتهم تقتل فينا الاحساس بالاشياء ولهذا السبب لم يكلف احد نفسه بالسؤال عن انعقاد جلسة البرلمان يوم الاحد الماضي لان الكل كان واثقا من تاجيلها ( لعدم اكتمال النصاب ) او فشلها ( لأن الكل اتفقوا على الا يتفقوا ) ..اننا نفتقد الحماسة تجاه كل ما يخص السياسة فالنازحون من منازلهم لايهمهم من سيجلس على كراسي الحكم بل متى سيعودون الى حياتهم ، والامهات اللاتي ودعن ابناءهن الذاهبين الى القتال لا يهمهن من سترشح الكتل السياسية للرئاسات الثلاث او من سينسحب من سباق الكراسي بل يحتجن الى الطمأنينة على حياة أولادهن فقط ، فالجنود والفقراء هم وقود أي حرب وهم المتضررون بلا منازع لذا يبحثون عن السلام لأن فقدانه يعني الضعف وكسب الحرب لايعني قوة البلد او الطرف الذي يخوضها بل ضعفه لانه فقد السلام بها...
اجيالنا ستظل تفتقد السلام والامان والاستقرار ولن يهمها ما ستسفر عنه جلسة اليوم لأنها فقدت الاحساس بقيمة الاشياء وهذه هي الخسارة الحقيقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram