اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من الموصل إلى زيونة.. الصورة واحدة؟

من الموصل إلى زيونة.. الصورة واحدة؟

نشر في: 14 يوليو, 2014: 09:01 م

لم أستطع إكمال مشاهدة صور قتل المواطنين العزل في الموصل إلى النهاية.. كنت حزينا ويائسا وأنا أرى عددا من الوحوش البشرية يقررون في لحظة أن يتحولوا إلى وكلاء باسم الله... الرجال الملتحون الذين يريدون أن يثبتوا للعالم أننا خير أمة في فنون القتل والتنكيل يعتقدون أن من يختلفون معهم لابد من اجتثاثهم من أجل صلاح الأمة، في مقابل جرائم داعش في الموصل وتكريت والأنبار، لاحقتنا الأنباء من بغداد عن عمليات قتل لنساء وأطفال، بحجج أخلاقية؟ تحت سمع وبصر الأجهزة الامنية التي اكتفت ببيان قالت فيه أن هذه الجريمة لن تمر دون عقاب، ولكنها في الحقيقة ستمر كما مرت مئات مثلها ، سجلت في النهاية ضد السيد "مجهول".
اذن نحن امام من يريد ان ينشر اليأس والرعب.. ويدمر الأمل في نفوس الناس.. ولهذا اصبح ممكنا ان يقتلك احد ويقول إن هذا تنفيذ لشرع الله... ولأننا عشنا وما زلنا نعيش فصولا مع فتاوى أخرى أصدرتها تنظيمات ارهابية، اعتبرت قتل العراقيين جهاداً في سبيل إشاعة "شرع الله". هكذا نجد مَن يزايد كل يوم في دمائنا من اجل إجهاض حلم العراقيين بإقامة دولة مدنية شعارها المواطنة وهدفها إشاعة العدالة الاجتماعية.. وغايتها بث الامان في النفوس واعلاء القانون، لا تأسيس دولة القانون.
كيف نؤسس دولة مواطنين لا رعايا؟ هذا هو السؤال الذي يجب ان يطرح في البرلمان وفي منظمات المجتمع المدني، لا بد ان يدرك الجميع أن وقائع قتل النسوة في زيونة وقبلها مطاردة الايزيديين والمسيحيين.. وهجمات زوار الكواتم، إنما هي استعراضات مخطط لها لإثارة الفزع عند الناس، وممارسة السلطة ضد الضعفاء.. وهي وقائع شبيهة لأخرى تمت في عهد القائد الضرورة، حيث تخللتها العاب من عينة قطع رؤوس النساء بتهمة ممارسة الرذيلة، وهو الامر الذي اعتبرته المعارضة العراقية آنذاك جريمة بحق الانسانية وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل.. لكننا اليوم حين ننظر الى الصورة نفسها تتكرر في ظل من كانوا ينتقدون ممارسات صدام، يدفعنا أن نطرح السؤال المهم: ما الفرق بين مافعله صدام في الماضي وصور جثث النسوة في زيونة ؟ لماذا يصر البعض على ان يفتح باباً جديدا للهمجية والوحشية باعتبارهما مفتاحاً للنصر المؤزر!
للأسف البعض يريد لنا ان نعيش في ظل حروب وكلاء الله.. أو مَن يدّعون الوكالة لله، حروب يدفع ثمنها آلاف الأبرياء.. حيث كل جماعة ترى نفسها ظل الله على الأرض، تقتل وتهجِّر من أجل أن ترفع كلمتها .. جماعات تعتقد أن طريق النصر يجب أن يُفرش بارتكاب المزيد من المذابح.. هذه هي باختصار قصة الفيديو المثير للاسى والصور المفزعة.
أنظر إلى لقطات من الفيديو وصور نسوة زيونة وأرى كيف انشغل الإعلام، على صفحاته الأولى بعدم اكتمال نصاب البرلمان وبمعارك الساسة من اجل المنصب والامتيازات .. وخطبة إبراهيم الجعفري الذي لايزال يطرح علينا الغازه المثيرة "لست مع التأجيل الذي يؤدي الى التسويف ولست مع التسرع لكني مع السرعة وهناك مشكلة لكن لم نصل إلى المأزق"،.. فيما خبر مقتل هؤلاء النسوة وفيديو شبك الموصل يتوارى خجلاً، ولأننا جميعا غارقون في لعبة الدفاع عن الطائفية ، لم يتوقف مسؤول أو سياسي أمام الكوارث التي يتعرض لها العراقيون كل يوم.. والأخطر من ذلك أن الناس لم تغضب.. وكأننا جميعا أصابنا عطب مزمن بالضمير والأخلاق والأهم بمسؤوليتنا تجاه الآخرين.
من أوصلنا إلى مشهد قتل الناس بسبب اختلاف العقيدة والطائفة، وذبح النسوة بحجة بيعهن لاجسادهن ، فيما البعض يبيع الوطن وماعليه ، وينام مطمئنا هانئا ، لايخشى كواتم الصوت ، ولا محاسبة القانون ، هذا السؤال الذي لا يريد احد الاقتراب منه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. شاكر

    الأستاذ علي تحية طيبة الرد الوحيد على سؤالك هو التخلص من هيمنة أدعياء الدين والغاء الدستور الذي يستمد وجوده من الشريعة التي تتيح للمؤمنين بها حق قتل الناس وذبح النساء ولا يمكن لأي مجتمع ان يتقدم ما لم يفصل الدين عن السياسة ويلغي مشاركة الأحزاب الدينية في

يحدث الآن

"الأبنية متدهورة".. سجون العراق تعاني اكتظاظاً يفوق 300% من الطاقة الاستيعابية

اجتماع هام لديكو لحسم صفقة جديدة لبرشلونة

العمليات المشتركة تكشف تفاصيل هجوم "الفصائل" على قاعدة عين الأسد

السجن 15 سنة بحق مدان أطلق النار على مفرزة أمنية

آفة تتفاقم.. الداخلية تعلن القبض على (31) متسولاً في بغداد

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram