لم أستطع إكمال مشاهدة صور قتل المواطنين العزل في الموصل إلى النهاية.. كنت حزينا ويائسا وأنا أرى عددا من الوحوش البشرية يقررون في لحظة أن يتحولوا إلى وكلاء باسم الله... الرجال الملتحون الذين يريدون أن يثبتوا للعالم أننا خير أمة في فنون القتل والتنكيل يعتقدون أن من يختلفون معهم لابد من اجتثاثهم من أجل صلاح الأمة، في مقابل جرائم داعش في الموصل وتكريت والأنبار، لاحقتنا الأنباء من بغداد عن عمليات قتل لنساء وأطفال، بحجج أخلاقية؟ تحت سمع وبصر الأجهزة الامنية التي اكتفت ببيان قالت فيه أن هذه الجريمة لن تمر دون عقاب، ولكنها في الحقيقة ستمر كما مرت مئات مثلها ، سجلت في النهاية ضد السيد "مجهول".
اذن نحن امام من يريد ان ينشر اليأس والرعب.. ويدمر الأمل في نفوس الناس.. ولهذا اصبح ممكنا ان يقتلك احد ويقول إن هذا تنفيذ لشرع الله... ولأننا عشنا وما زلنا نعيش فصولا مع فتاوى أخرى أصدرتها تنظيمات ارهابية، اعتبرت قتل العراقيين جهاداً في سبيل إشاعة "شرع الله". هكذا نجد مَن يزايد كل يوم في دمائنا من اجل إجهاض حلم العراقيين بإقامة دولة مدنية شعارها المواطنة وهدفها إشاعة العدالة الاجتماعية.. وغايتها بث الامان في النفوس واعلاء القانون، لا تأسيس دولة القانون.
كيف نؤسس دولة مواطنين لا رعايا؟ هذا هو السؤال الذي يجب ان يطرح في البرلمان وفي منظمات المجتمع المدني، لا بد ان يدرك الجميع أن وقائع قتل النسوة في زيونة وقبلها مطاردة الايزيديين والمسيحيين.. وهجمات زوار الكواتم، إنما هي استعراضات مخطط لها لإثارة الفزع عند الناس، وممارسة السلطة ضد الضعفاء.. وهي وقائع شبيهة لأخرى تمت في عهد القائد الضرورة، حيث تخللتها العاب من عينة قطع رؤوس النساء بتهمة ممارسة الرذيلة، وهو الامر الذي اعتبرته المعارضة العراقية آنذاك جريمة بحق الانسانية وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل.. لكننا اليوم حين ننظر الى الصورة نفسها تتكرر في ظل من كانوا ينتقدون ممارسات صدام، يدفعنا أن نطرح السؤال المهم: ما الفرق بين مافعله صدام في الماضي وصور جثث النسوة في زيونة ؟ لماذا يصر البعض على ان يفتح باباً جديدا للهمجية والوحشية باعتبارهما مفتاحاً للنصر المؤزر!
للأسف البعض يريد لنا ان نعيش في ظل حروب وكلاء الله.. أو مَن يدّعون الوكالة لله، حروب يدفع ثمنها آلاف الأبرياء.. حيث كل جماعة ترى نفسها ظل الله على الأرض، تقتل وتهجِّر من أجل أن ترفع كلمتها .. جماعات تعتقد أن طريق النصر يجب أن يُفرش بارتكاب المزيد من المذابح.. هذه هي باختصار قصة الفيديو المثير للاسى والصور المفزعة.
أنظر إلى لقطات من الفيديو وصور نسوة زيونة وأرى كيف انشغل الإعلام، على صفحاته الأولى بعدم اكتمال نصاب البرلمان وبمعارك الساسة من اجل المنصب والامتيازات .. وخطبة إبراهيم الجعفري الذي لايزال يطرح علينا الغازه المثيرة "لست مع التأجيل الذي يؤدي الى التسويف ولست مع التسرع لكني مع السرعة وهناك مشكلة لكن لم نصل إلى المأزق"،.. فيما خبر مقتل هؤلاء النسوة وفيديو شبك الموصل يتوارى خجلاً، ولأننا جميعا غارقون في لعبة الدفاع عن الطائفية ، لم يتوقف مسؤول أو سياسي أمام الكوارث التي يتعرض لها العراقيون كل يوم.. والأخطر من ذلك أن الناس لم تغضب.. وكأننا جميعا أصابنا عطب مزمن بالضمير والأخلاق والأهم بمسؤوليتنا تجاه الآخرين.
من أوصلنا إلى مشهد قتل الناس بسبب اختلاف العقيدة والطائفة، وذبح النسوة بحجة بيعهن لاجسادهن ، فيما البعض يبيع الوطن وماعليه ، وينام مطمئنا هانئا ، لايخشى كواتم الصوت ، ولا محاسبة القانون ، هذا السؤال الذي لا يريد احد الاقتراب منه.
من الموصل إلى زيونة.. الصورة واحدة؟
[post-views]
نشر في: 14 يوليو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
شاكر
الأستاذ علي تحية طيبة الرد الوحيد على سؤالك هو التخلص من هيمنة أدعياء الدين والغاء الدستور الذي يستمد وجوده من الشريعة التي تتيح للمؤمنين بها حق قتل الناس وذبح النساء ولا يمكن لأي مجتمع ان يتقدم ما لم يفصل الدين عن السياسة ويلغي مشاركة الأحزاب الدينية في