TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج الحدود: إنهم يدهسون الفلسطينيين

خارج الحدود: إنهم يدهسون الفلسطينيين

نشر في: 4 ديسمبر, 2009: 05:14 م

حازم مبيضين تؤشر حادثة دهس المواطن الفلسطيني الشاب وسيم مسوده، بعجلات سيارة مستوطن من مستوطنة كريات أربع، أمام الجنود الإسرائيليين، عقلية الاستعلاء العنصرية السائدة بين المستوطنين، الذين يشكلون بدعم حكومة نتنياهو اليمينية حجر العثرة الأكبر أمام استئناف التفاوض للتوصل إلى حل المعضلة الفلسطينية سلمياً،
 مثلما تشكل إدانة صارخة ليس لذلك المستوطن المتوحش وعديم الإحساس، ولا للسياسات المعتمدة من قبل حكام إسرائيل، وإنما للمجتمع الدولي الذي ينظر إلى حادثة كهذه ويدير بصره عنها، باعتبارها حادثاً عارضاً لا يستحق التوقف عنده ملياً، لدراسة مستقبل العلاقة بين اليهود والفلسطينيين، إذا استمرت التربية الصهيونية للأجيال القادمة على نفس منوالها الراهن. وسيم لم يكن أول فلسطيني يدهس عمداً، فهناك العديد من الحوادث الأكثر عنفاً وحقداً وعنصريةً، وهو بالتأكيد لن يكون الأخير، مادام جيش الاحتلال يقف متفرجاً، إن لم يشارك في الاعتداءات على الفلسطينيين كما حدث في الخليل قبل شهور، وقد تم توثيق العديد من حالات اعتداء المستوطنين على مواطنين فلسطينيين، ولم تكن قوات الاحتلال تكتفي بعدم منعهم، وإنما كانت تبادر لتقديم العون والمساندة، وإذا كان عالمنا بحاجة للتذكير بحوادث مشابهة، فان حادثة الفلسطيني مدحت رضوان أبو كرش الذي ربطه المستوطنون بعمود كهرباء، واعتدوا عليه بالضرب، وحاولوا خنقه مازالت ماثلة، وشبيهة باعتداء سبعة مستوطنين على عجوز فلسطيني وزوجته قرب مستوطنة سوسيا جنوب بلدة يطا، حيث أشبعوهما ضرباً، وبحيث نقلا إلى المستشفى للعلاج، دون أن تتدخل قوات الاحتلال لحمايتهما أو لمعاقبة المجرمين. ندرك أن قوات الاحتلال وبإيعاز من أعلى مستويات صانعي السياسة الإسرائيلية، تعمل على دعم ومساندة هذه التحركات الهمجية للمستوطنين، بهدف ترسيخ إرهابها للفلسطينيين على أمل إجبارهم على هجر أوطانهم، مثلما ندرك أن المستوطنين ليسوا غير جيش إضافي واحتياطي، جاهز لتنفيذ السياسات العنصرية، ولعل هذا ما يفسر تمسك حكومة نتنياهو بهم، وإصرارها على مواصلة الاستيطان في الأرض الفلسطينية، حتى لو أودى ذلك بالعملية السلمية، ودفع بالمنطقة إلى مجهول لا يتضح فيه غير العنف المتصاعد ولون الدم، وليس مهماً هنا بالنسبة للعنصرية الإسرائيلية الثمن الذي يتوجب على الفلسطينيين دفعه، والمؤسف أن ذلك لا يبدو مهماً بالنسبة لسياسيي الغرب، الذين ينظرون إلى المشكلة الفلسطينية بعيون حول، أو من خلال المنظار الإسرائيلي. وجه الخطورة الكبير في حادثة الاعتداء على الشاب الفلسطيني وسيم مسوده، ليس في بشاعة أن يلجأ ( إنسان ) إلى دهس إنسان آخر بعجلات سيارته بتصميم مؤكد، من خلال القيام بذلك عدة مرات، وأن يتم كل ذلك على مرأى جنود الاحتلال وبمباركتهم وتشجيعهم، وإنما في الثقافة التي دفعته لذلك والتي تحظى بتشجيع الدولة ورعايتها ومباركتها، وبما يضعنا أمام سؤال كبير، مع من سنعقد اتفاقات سلام؟ ونعرف أن من بين اليهود من يدين هذا العمل الخسيس ويستنكره، لكننا نعرف أن قيادة الدولة العبرية ترضى بهكذا أعمال، وتغض الطرف عن مرتكبيها، إن لم تكن تشجعهم، ويضع هذا على عاتق المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والإسرائيلية مهمة فضح هذه الممارسات وتعريتها، وإبراز مخالفتها للقوانين والقرارات الدولية، والضغط على المجتمع الدولي للتدخل ووقف هذه السياسات الحمق التي لن تخلف غير المزيد من الكراهية والبغضاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram