قال مصدر في وزارة الداخلية العراقية إن "مجموعة مسلحة ادعت أنها تابعة لجهاز استخبارات وزارة الداخلية اقتحمت مبنى جريدة التآخي"، واضاف المصدر أن "المسلحين سرقوا ، عجلتين مدنيتين نوع مونيكا، وعددا من اجهزة الحاسوب ".
الا يذكركم هذا الخبر بخبر نشر قبل خمسة اشهر بالتمام والكمال ، وفيه أيضا قرأنا وسمعنا : "كشف مصدر مسؤول في وزارة الداخلية عن انفجار عبوات ناسفة قرب جريدة الصباح الجديد".. هل تريدون ان نستمر في لعبة المصدر المسؤول؟ اذن تعالوا نطالع الخبر الذي نشر في 2/4/2013 والذي جاء فيه ايضا : "قال مصدر في وزارة الداخلية بأن مسلحين مجهولين اقتحموا، مقرات اربع صحف عراقية مما ادى الى اصابة عدد من الصحفيين بجروح".
إذن في كل مرة نسمع ونقرأ نفس البيان ، ونخرج بنفس النتيجة ، إثارة الفزع واثبات ان الاجهزة الامنية تعرف كل شاردة وواردة وستقتص من الجناة.. اما النهاية المتوقعة لهذه السيناريوهات فهي متشابهة : وعود بالقبض على الجناة .. ثم صمت يعقبه سكون، فيما الجناة يعدون العدة لغزوة جديدة تجبر وزارة الداخلية ان تصدر بيانا جديدا ، وهكذا نحن امام لعبة كلمات متقاطعة لا يعرف المواطن كيف تحل ، وما هي كلمة السر التي تقف وراء الاعتداء على وسائل الإعلام.
النتيجة الوحيدة التي نخرج منها في مثل هذه الحوادث هو الرسالة التي يريد منفذو الغزوات ايصالها وهي ان نحمل جميعا لقب "جبان"، وأن نمارس فضيلة الخوف.. وان نتباهى بحمل لقب مواطن "ذليل" بامتياز.
أصحاب نظرية "لتبقوا جبناء" مصرون على استبدال تمثال سقط صبيحة 9/4/2003، بتماثيل ونصب جديدة، لقد كان الجميع يعتقد أن عصر القائد المؤمن قد ولى إلى غير رجعة فإذا نحن اليوم أمام عصر "زوار الليل".
اليوم وبعد الفشل السياسي الذي يخيم على كل الجهات، لم يجد البعض أسهل من العودة إلى اللعبة السهلة.. لعبة نشر الخوف، فمن السهل أن تحكم شخصا إذا استطعت تسريب الخوف إليه.. أو تشعره بأنه مطارد، ولابد من حمايته من أشباح تظهر في منتصف الليل ، فرض الخوف على الناس أول طريق الاستبداد، وهذا ما ورثه مسؤولينا من نظام صدام الذي يسيرون على أدق خطواته.
في هذا المكان كنت قد كتبت عن قصة الكاتب التركي الشهير عزيز ينسن ، واليوم وانا أتابع ردود الأفعال " الخجولة " لبعض وسائل الإعلام حول ما جرى لصحيفة التآخي تذكرت هذا الكاتب الساخر وكيف اراد ان يدخلنا معه في عالم شبيه بما يجري في بلادنا حيث تخبرنا قصة ينسن انه "ذات يوم في دولة ما، صرخ رجل بأعلى صوته قائلا: يا إلهي لقد دخل خازوق بي، البعض قال ولكن ما دخلي أنا بخازوق غيري، ومع مرور الأيام ازداد عدد الذين يصرخون "لقد دخل خازوق بي" بداية كانت الخوازيق تدخل في أشخاص من عامة الناس، وبعد ذلك بدأت الاستغاثات من شخصيات رفيعة في الدولة، وبعد فترة من الزمن راح الوزراء الذين لم يكونوا يصدقون بحكاية الخوازيق التي تدخل بغيرهم يطلقون أصوات الاستغاثة، ولم يبق رجل في الدولة لم يذق طعم الخازوق، باستثناء الملك وحاشيته".
حالنا اليوم لا تختلف عما جرى في قصة ينسين، حيث لاتزال الخوازيق تتعدد ولا أحد يعير لها الاهتمام، كثيراً ما فكرت بوضع الاعلامي العراقي وتساءلت أي نوع من الاعلاميين نحن؟ فاكتشفت للأسف أننا لا نملك سوى أصوات خائفة ومستغيثة، لا تخرج إلا بعد أن ينتهي كل شيء ويقع الفأس بالرأس ويكون الذي ضرب ضرب، والذي هرب هرب.. اما نحن فنكتفي بالاستماع الى ما يقوله مصدر مسؤول في وزارة الداخلية ، ثم نذهب الى فراش النوم ونحن نردد بهمس : " الحمد لله اننا لم نكن المقصودين".
قال مصدر في وزارة الداخلية
[post-views]
نشر في: 15 يوليو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
الناصري
من الممكن أن يكون الخازوق من حصة شخص ومن الممكن أن لا يقتل بشر ولكن البرميل المتفجر الذي يرمى بشكل عشوائي عندما يقع على حي سكني وهو ممتلأ بمواد متفجره ويدمر على الأقل اربع بيوت على ساكنيها وونرى أشلاء الاطفال والنساء تملأ المكان ولا نسمع همسا من ضمائر قد
عمار القطب
الاخ علي حسين المحترم ارجو ان تسلطو الضوء على اقتصاد البلد وخاصة ما يهم الناس وعلاقتهم بالعمل المصرفي فقد تحولت المصارف الى مصائد للمغفلين مع الاسف ووصل عدد المصارف المنهارة خلال السنتين الاخيرتين 5 مصارف ومودعين بالالاف وانتشرت ظاهرة مساومة المودعين على
ابو طارق
ارجو االاشارة فقط الى الخطأ الطباعي في اسم الكاتب الشهير/ الساخر/اليساري المضطهد خلال حياته في بلاده/ عزيز نسين (نه سين)وسمى نفسه بهذا الاسم الذي يعني (ما أنت ؟)اشارة الى المواطن البسيط الذي لا قيمة له في مجتمعاتنا البدائية