ما جرى في جلسة مجلس النواب أمس كان اختباراً للكذب أكثر منه عملية انتخاب رئيس للمجلس ونائبيه. ونتيجة الاختبار لم تكن مدهشة أو مفاجئة .. كانت متوقعة تماماً ومعروفة سلفاً .. النتيجة أظهرت ان الغالبية الساحقة (194) من النواب، ومن خلفهم كتلهم، كذّابون بامتياز.
على مدى السنوات الأربع الماضية، وبخاصة في السنة التي سبقت الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لم تتخلف أي كتلة من الكتل السياسية الرئيسة التي تمثلت في مجلس النواب الجديد، عن التنديد بنظام المحاصصة والتوافقات السياسية وتحميله المسؤولية عما يشهده العراق من دمار وخراب وموت بالجملة في حرب طائفية لئيمة ومن ازمات سياسية واجتماعية واقتصادية متفاقمة. وبعضهم أطلق وعوداً وقدّم تعهدات بانه لن يعود الى هذا النظام في أي حال من الأحوال ولن يكون جزءاً منه في المستقبل. لكن ما حصل أمس أثبت ان الذين كانوا الأعلى نبرة هم الأشد كذباً.
حضر جلسة أمس 273 نائبة ونائباً من مجموع 328 الذي يمثل عدد أعضاء البرلمان. الكذابون كانت لهم الغلبة بالطبع كما تبيّن من لوحة التصويت داخل قاعة المجلس، فقد صوّت لصالح مرشح نظام المحاصصة الدكتور سليم الجبوري 194، وصوّت للمرشحة الشجاعة عن كتلة التحالف المدني الديموقراطي شروق العبايجي 19 فيما أعطى 60 من الأعضاء بطاقات بيضاء. الأخيرون، الستون، سجلوا ببطاقاتهم البيضاء اعتراضهم وتحفظهم على نظام المحاصصة اللعين فلم يمنحوا المرشح التحاصصي أصواتهم. أما التسعة عشر الذين خصوا النائبة شروق العبايجي فان صوت كل واحد منهم يعادل في قيمته عشرة وأكثر من الأصوات التي حصل عليها الجبوري.
المرشح التحاصصي تألّبت لصالحه كل قبائل المحاصصة الطائفية والسياسية، ومع ذلك لم يتمكن من الفوز إلا بنسبة 71 بالمئة من أصوات الحضور و59 بالمئة من مجمل أعضاء البرلمان.. معنى هذا انه لو امتنعت احدى هذه القبائل عن التصويت لصالحه ما كان سيحصل على الأغلبية المطلوبة للفوز بالمنصب، وهذا ما أثبتته عملية التصويت على النائب الأول لرئيس المجلس، فقد اختلف المتحاصصون ففشلت عملية التصويت. أما شروق العبايجي المؤلفة كتلتها من أربعة أعضاء فقط فلم يكن الى جانبها أي قبيلة محاصصاتية .. نزلت الى الميدان من دون حتى السلاح الابيض ومع ذلك انتزعت عدداً من الاصوات يعادل خمس مرات عدد أعضاء كتلتها، وهذا ما يجعل كل صوت حصلت عليه يعادل في قيمته عشرة من أصوات المرشح المحاصصاتي.
بعد اليوم لن يحق لدولة القانون ولا لكتلة المواطن ولا لمتحدون ولا للتحالف الكردستاني ولا اتحاد القوى أن يذموا نظام المحاصصة، فاختبار الكذب الذي شهدته قاعة مجلس النواب أمس أثبت انهم كذابون على هذا الصعيد .. انهم متمسكون بهذا النظام بأسنانهم وأظافرهم لأنه يحقق لهم مصالحهم الشخصية والحزبية ... أما خطاباتهم الجماهيرية وكلماتهم التلفزيونية وأناشيدهم وأغانيهم وهوساتهم عن مصالح الشعب والوطن فليست سوى كذبة كبيرة منهم يريدون أن يمرروها على الجهلة.
اختبار الكذب فـي البرلمان
[post-views]
نشر في: 15 يوليو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
عطا عباس
هم كذابون بأمتياز ، لم يكن تصويت الأمس وهرجه ومرجه الاّ مصداقا لمثل جميل عند أخواننا المصرين يقل : ( شيلني وشيلك ) ! حسنا فعلت النائبة شروق العبايجي وكتلتها الصغيرة الشجاعة بالنأي عن قبائل ساسة البرلمان العراقي والمجاهرة علنا - عبر ترشيحها- برفض المحاصص
الشمري فاروق
لقد اثبتت التصويتات في البرلمان العراقي ان هنالك تسعة عشر صوتاتحت قبة البرلمان هم اكثر شرفا....وشجاعة من كل نواب برلمانا الحالي.. ولكي لا اغبن حق اولئك الستين نائبا الذين القوا بأوراقهم بيضاء في الصندوق...فشكرا لكل الشجعان
ياسين عبد الحافظ
شكرا للمقال اصبت الهدف,بالرقم والمكان المناسب
عدي الخالدي
المصالح قبل كل شي والرواتب والمميزات شروق العبايجي ارادت ان تقتل المحاصصه بترشيحها وجراتها على الذين دمروا البلد مالذي سيفعله رئيس البرلمان الجديد الذي اخذ براءته قبل ايام من دولة القانون المتهرى للاسف سنبقى في نفس الحلقه المفرغه الا ان يبث الله بامرنا