TOP

جريدة المدى > سينما > (37.2) صبــــاحــــاً..فيلم عن الحب وجنونه.. عن العشاق حينما تقودهم أقدارهم

(37.2) صبــــاحــــاً..فيلم عن الحب وجنونه.. عن العشاق حينما تقودهم أقدارهم

نشر في: 16 يوليو, 2014: 09:01 م

الكثير من المخرجين تخونهم مواهبهم ، فما أن يرتقوا سلم المجد حتى تبدأ لحظة الانهيار ، لأسباب تكون –ربما- خارجة عن سلطة العقل والروح نحو سلطة المؤسسات الإنتاجية الربحية ، فتضيع الموهبة أمام نفوذ المال ، أو ان الموهبة ضعيفة لم تجد من يحتويها فتتوه

الكثير من المخرجين تخونهم مواهبهم ، فما أن يرتقوا سلم المجد حتى تبدأ لحظة الانهيار ، لأسباب تكون –ربما- خارجة عن سلطة العقل والروح نحو سلطة المؤسسات الإنتاجية الربحية ، فتضيع الموهبة أمام نفوذ المال ، أو ان الموهبة ضعيفة لم تجد من يحتويها فتتوه بين دهاليز رؤوس الأموال الكبيرة ، هذا بالضبط ماحدث مع المخرج ( جان جاك بينيكس) وانا أعيد بعد سنوات مشاهدة فيلمه ( 37,2  ) صباحاً ، فبعد هذا الفيلم ذهبت شهرة ومجد بينيكس المخرج مع أفلام لا تتناسب وحجم الموهبة التي كان يحملها مثلما ذهبت جهودي عبثاً وانا ابحث ، بعد طقس المشاهدة ، من خلال مواقع النت عن هذا المخرج الذي كاد ان يكون يوما ما ظاهرة.

الصدفة وحدها هي من كانت ( الاكتشاف) الأهم للمخرج جان بينيكس ، فقد عرضت صالات باريس عام ( 1981) وبشيء من عدم الاهتمام فيلما اسمه ( ديفا) لمخرج شاب لم يسمع به أحد ، فقط بعض عشاق السينما من غامر بمشاهدة هذا الفيلم ، وما أن خرجوا منه حتى صرخوا بأعلى أصواتهم انهم أمام فيلم مغاير ، مختلف ومن طراز آخر ، وهكذا بدأ البعض يبشر الآخر بولادة فيلم مهم ومخرج جديد ، الفضول ساق نقاد السينما لمشاهدة الفيلم ليكتشفوا هم أيضاً مخرجاً جديدا يحمل حساً متميزاً ومختلفاً كان من الممكن ان يضيع عليهم بسبب لا مبالاتهم بالأفلام الصغيرة ، هكذا بين ليلة وضحاها اصبح بينيكس نجماً ، تبحث عنه الصحافة والتلفاز .

الشهرة المفاجئة جعلت بينيكس في فيلمه الثاني ، على عكس فيلمه الأول ، يجنح نحو الميزانية الكبيرة ويعتمد على حضور نجوم السينما الفرنسية كأبطال عنده ( جيرارد دي بارديو و ناتا شاكينيسكي) ، فكان ( القمر في المجاري) المعد عن رواية دافيد جوديس ، لم يبق بينيكس من الرواية سوى القشور واستقبل الفيلم في مهرجان ( كان ) بالزعيق والصفير ، هكذا بين ليلة أخرى وضحاها تدحرجت عبقرية (ديفا) من القمة نحو ( المجاري ) ، هنا انقسم النقاد بين من قال ان الفيلم الأول كان ضربة حظ وشطبوا على اسم بينيكس وبين من وقف متأملاً فاسحاً المجال للمخرج بفرصة أخرى ، فكان فيلمه الثالث الجميل ( 37,2 ) صباحاً عن رواية فيليب جين .
فيلم عن الحب وجنونه ، عن العشاق حينما تقودهم أقدارهم لاستهلاك كل طاقة الحب بحثاً عن حياة أخرى سعيدة مثالية في مجتمع مجنون ، متغير ، فتكون النهاية اما الموت أو الجنون ، بينيكس كان ذكياً هنا واثقاً من نفسه فلم يستعرض عضلات ( القمر في المجاري) التقنية ، بل ترك نفسه على سجيتها لتتحكم بالفيلم ، غادر الاستوديو وديكوراتها نحو الطبيعة والديكورات الحقيقية ، أهتم بتفاصيل السيناريو فأعطى الشخصيات حقها في قيادة الحدث ، مثلما أعطى للشخصيات الثانوية عمقها وحضورها ، وأدخل الكوميديا كعنصر إنساني يغذي مشاعر المحبين ، الألوان كانت عنصرا مهما بالسرد وليست زركشة حتمية ، فكان جمال الأسلوب في خدمة الحدث / الحكاية .
"زورج" بطل الفيلم يمارس مهنة متواضعة ويعيش حياة هامشية قرب البحر قبل أن يلتقي بـ( بيتي) التي تقلب حياته ، قبل لقائه بها كان مجرد شخصية مسكونة بالشك ، اللامبالاة، مستسلمة ، تائهة ، ما ان تعرف بها حتى أكتسب عنفواناً وإرادة ، "بيتي" تخرج "زورج" من صمته ، سباته ، عدم مبالاته ، الى آفاق أرحب وأوسع ، تعلمه ان يعيش الحياة كاملة بما فيها وليس على جرعات سعادة صغيرة هنا مرة ومرة هناك .
عن طريق الصدفة تكتشف بيتي يوماً مخطوطات لروايات كتبها زورج لنفسه ولم يفكر يوما بنشرها ، تتحمس للفكرة وتشجعه على المضي بالكتابة ونشر أعماله ، الحب يشتعل بين الطرفين ، عنفوان بيتي وفرحها بالحياة وتمردها الشبابي يقودها الى الجنون ، يزورها زورج في المستشفى ، يتألم لوضعها ، يبكي ولا يجد مفرا ، بعد أن تقتلع بيتي عينها في لحظة جنون ، سوى أن يخنقها ليخلصها ويخلص نفسه من العذاب ، وليلتحق بسرب العشاق الملعونين ، وليعود مرة أخرى وحيداً ، لكن بالتأكيد ليس تائهاً فقد عرف طعم الحياة بالحب ، حكاية بسيطة وعميقة كانت بين يدي بينيكس كقطعة شوكولاته لذيذة ينتهي سحرها مع لذة القطعة الاخيرة ، فيلم عن الحياة عندما تكون عشقا ، جنونا ، وموتا .
اكتشاف بينيكس الكبير في هذا الفيلم هو الممثلة ( بياتريس دال) نجمة امتلكت منذ فيلمها الأول هذا سحرا وحضورا وجمال النجوم ، لتصبح فيما بعد نجمة السينما الفرنسية ، ومثلما صعد نجم بياتريس دال ، خفت نجم المخرج بينيكس بعد هذا الفيلم ، فلم نجد له سوى أفلام غير مهمة على مدار عمره الفني الطويل من بينها فيلم مع النجم ميشيل بيكولي ، ليبقى التساؤل قائماً كيف ضاعت موهبة مخرج (ديفا) و ( 37,2 ) صباحاً ؟ هل نضبت الموهبة أم ننتظر فرصة أخرى مع خريف العمر كي يتحفنا بفيلم أخير خالد ؟؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

مشاركة 25 ألف مركبة خاصة و350 باصاً في نقل الزائرين

660 ألف طفل في قطاع غزة لا يزالون خارج المدارس

وزير الخارجية: القوات الأمريكية ستبقى في العراق بظل إدارة ترامب الجديدة

إيران: استقالة المسؤولين الإسرائيليين دليل على هزيمتهم

اسعار النفط العراقي تهوي لما دون 80 دولارا

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

السينما كفن كافكاوي

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram