الإنسان، هذا المخلوق العجيب ، الذي خرق المعجزات و طوع الحجر والحديد ، زرع وصنع واكتشف ، واقتحم المجهول ، وابتكر آفاقا جديدة في صنوف المعرفة لم تخطر على بال إنسان القرون الوسطى والقرون التالية … هل هو نفسه الإنسان الذي اخترع البارود وصنع المتفجرات واقترع وساوم على الاسلحة الفتاكة ، الذي عجز عن كبح جماح الوحش الضاري الكامن في سويداء كينونته؟ او أفلح في لجمه والانصياع لشهواته في تدمير كل ما هو جميل ونافع .
………..
اقرأ ما صدر - مؤخرا - عن منظمة إنسانية دولية بشأن عدد المسلمين في عموم الكرة الأرضية من اقصاها لأدناها ، والذي يقدر بحوالي مليار مسلم!
مليار مسلم عددا ، والإسلام والمسلمون في تقهقر وتدهور وانشطار ، وباسم الإسلام ترتكب كل هذي المجازر البشرية تحت سمع العالم وبصره .
مليار مسلم . الا يستوقفكم الرقم الهائل؟ ما الذي يجعل المد الإسلامي يقتحم اصقاع الارض البعيدة ، بعد توقف الفتوحات الإسلامية ، ورفع عن الرقاب السيف - أسلم تسلم — وبعدما توقف فرض الجزية على غير المسلمين !
السر — في يقيني — يكمن في إنسانية الدعوة المحمدية من جهة، وفي ماهية وجوهر القدوة المتمثلة في صاحب الدعوة . الإسلام الحقيقي ضد الرق ، ضد العسف والجور والجشع ، ضد السرقة واغتصاب حق الغير ، ضد اكتناز الثروات ، ضد اللغو في القول ، ضد الكسل والتواكل والتنابز بالالقاب ……..
………..
حين فكر محمد (ص) بالخلاص من الجور والرق والاستغلال ، فكر بالإنسان ، هذا الكائن الفريد بين المخلوقات لو تغير لأمكنه تغيير وجه الارض . ولكن : من اين البدء والمال شحيح والاشياع قليل والْاعداء كثر ؟
بدأ بأول اعداء الإنسان : ( نفسه ) . لم يكذب ويدعي الصدق، لم يثر(ي) ويدعي الزهد ، لم يسرق ويدعو للتعفف ، لم يخن ويلتمس الأعذار ، لم يدع (و) للفضيلة جهرا ويرتكب الموبقات بالسر . . دعا المظلومين للرؤية ليشهدوا بشاعة ظلمهم .ليتمردوا على من ظلمهم ، قرع على رؤوس الجهال ليتعلموا ، ويتفقهوا ، ما هادن المنافقين ، ولا ركن لآراء المؤلفة قلوبهم بالمنح والعطايا . في الشجاعة كان على رأس القادة في كل الغزوات ، شارك في الزرع والغرس مع المهاجرين وعمره تجاوز الخمسين، لبس الخشن ونام على الحصير وبيت المال مليء بالغنائم - وثير الفراش وفير الثياب . لم يك ليرتضي شفاعة في الحق ـ حين جاءه صحابي يسأله العفو عن سارق : والله لو إن فاطمة بنت محمد سرقت ، لأقمنا عليها الحد . قدوة كان ، يستشير ويأخذ برأي الأرجح ، ويأبى ان يقبل احد يده .
قدوة كان ، فلا عجب ان تهاوت بدعوته الأصنام ، وتساقط المنافقون والأدعياء وذوو التقية ، وتسامق حوله نخبة الصحابة ، الذين بهم وعلى ايديهم تسامق الإسلام وتنامى ، وارتقى منارة الخلود . ولكن ، الإسلام بلا ضوابطه الصارمة جسد بلا روح .. والقدوة مطلوبة حكاما ومحكومين .
وإلا، صرف الاسم العظيم فعلا ماضيا ، وأدرج ضمن اخوان (( كان )) .رغم المليار مسلم عددا، دون قائد قدوة .
البحث عن قدوة
[post-views]
نشر في: 16 يوليو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو اثير
سيدتي الفاضلة ... السبب الحقيقي لأنحدار الشعوب الأسلامية في كل دول العالم يكمن في المرجعيات والقائمون على مقدرات فكر وعقل المسلمين لأنهم جعلوا أنفسهم في أبراج عاجية بعيدة عن الواقع الذي يعيش فيه المسلم من ظلم وأضطهاد وعدم مساواة وجميع القيم الأنسانية الت