TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نحن والأردن:العقل السليم في الرد السليم

نحن والأردن:العقل السليم في الرد السليم

نشر في: 18 يوليو, 2014: 09:01 م

قبل يومين، او ثلاثة، احتضنت جارتنا الأردن ما سمي بـ "بمؤتمر القوى الوطنية العراقية والعشائر غير المنخرطة في العملية السياسية في العراق ".بيانه الختامي نضح أهدافه بوضوح: اقتلاع العملية السياسية الجديدة من جذورها، وتخوين كل من عمل او رضي بها. دعوة صريحة للعودة الى مربع الفاشية الأول بتعكز واضح واستغلال فاحش لفشل وجهل من أدار الدولة منذ سقوط النظام السابق الى اليوم. وهذا الخفت منه طحت بيه.
عمل مثل هذا قطعا يصنف على انه تدخل من قبل الأردن بشأن دولة أخرى. فماهي ردة فعل الخضراء؟ الجواب يفضح عقلية جهل مميت ومخجل أيضا.
نائبة "فاعلة"، كلامها مسموع ومطاع من لدن "القائد" دائما، طالبت الحكومة بالرد وبحزم على ما حدث. ممتاز وجيد جدا وأحسنت. لكن ما هي حجتها؟ بكل سذاجة تجيب لأن "العراق يزود الأردن منذ سنوات بدعم استثنائي من خلال إعطائهم النفط بأسعار رمزية" ثم تسأل  ظانة انها ستهز عمّان وتبكيها كما فعل جدنا ضاري بلندن: هل جزاء إحسان العراق أن تفعل الاردن ذلك؟!
هنا مربط فرس الجهل: عندها المواقف تشترى بالفلوس. أو ليست هي التي قالت كلنا استفدنا واخذنا كومشنات، فعليش نختلف؟
واسأل لعل العقول تفيق: إن كانت المواقف تشترى بالنفط والمال، فماذا لو جاءت دولة أخرى ودفعت للأردن اكثر مما يدفعه العراق؟ ثم، هل لو اننا لم ندفع نفطا مدعوما للأردن يصبح من حقها ان تستضيف المؤتمر؟
أيها السيدات والسادة في الخضراء، من ساستها الى "منشديها": اسمعوا وعوا. ان الخطوة السليمة الأولى ان يطير وفد مقتدر و "محترم" الى عمّان يحسن توضيح الصورة للجانب الأردني فلعل الحقائق على الأرض لم تصله بشكل صحيح. وان فشل المسعى، فهناك مواثيق دولية وأخرى عربية تمنع على الدول التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى. السياسي الحصيف حتما سيفكر بمخاطبة جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي وهيئة الأمم ويطالبها بمحاسبة  عضو من أعضائها لخرقه مبدأ عدم التدخل.
من باب فذكر ان نفعت الذكرى، اختصر لكم موقفا ناجحا للمعارضة العراقية في أيام صدام وحدث مع الأردن بالذات:
في أيام الحصار الأسود ما كان للعراقيين اللاجئين في دول الغرب سبيل لرؤية أهلهم في العراق غير اللقاء بالأردن. المشكلة ان اغلب أولئك اللاجئين يحملون وثائق سفر لجوء وليس جوازات سفر اجنبية. هذه الوثائق يُمنع أصحابها من الدخول الى جميع الدول العربية تقريبا، لا بل وجميع دول العالم عدا بعض الدول الاوربية التي تسمح فقط بدخول حملة  وثائق اللجوء السياسي (الزرق). أما اذا كانت من النوع الإنساني (بنيّة) فلا دولة ترحب بحامليها غربية كانت او عربية. كانت الأردن من بين اشد تلك الدول تمسكا بمنع دخول أصحاب تلك الوثاق مهما كان لونها.
ذات يوم زار الراحل الملك حسين بريطانيا. دعاه المرحوم السيد مجيد الخوئي لزيارة مؤسسة الإمام الخوئي بلندن فلبي الدعوة على الفور. عندما حضر خاطبه السيد مجيد بلغة تقطر تهذيبا ودماثة ورجاه ان يساعد العراقيين في دول اللجوء بالاجتماع بذويهم في العراق مذكرا إياه بحقه عليه لانهما من جد واحد. نهض الملك ليرد وبلغة مهذبة أيضا: تؤمر سيدنا. وهكذا استطاع السيد الخوئي صاحب العقل الراجح ان يسهل  لقاء الآلاف من العراقيين بأمان في عمّان.
بالمناسبة كان صدام بوقتها أيضا يمنح النفط العراقي للأردن بدون مقابل وليس بسعر مدعوم فقط. لقد جن جنون البعثيين، العرب والعراقيين، بفعل  ذلك القرار. هل في الخضراء من يفهم ذلك الدرس؟ لا أظن، لكني أتمنى. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. farid mohamad

    الأخ العقابي أفرأ لك دائماً ومعجب بهدوئك رغم أنني أختلف معك كلياً وكما يقال الأختلاف لا يفسد بالود قضية.. وأختلافي ليس على ما تطرحه ولكن لاأستسيغ الكتابة باللهجة الشعبية الدارجة وطبعاً لها محبيها وعشاقها ولن أطيل عليك.. للطرافة كان لي صديفاً من الشعرا

  2. عراقي

    لا يستطيع احد اقتلاع العملية السياسية، إنما تتأكل ، وعلى أقطاب وداعمي العملية السياسية ، الانتهاء من كونها عملية سياسية الى دولة حقيقية ، دولة للمواطنين ، على الحكومة ومعارضيها ان تدرك ان الشعب الموجود الان ليس نفس الشعب قبل ٢٠٠٣ الشعب الموجود الان ليس شع

  3. متابع

    اذا كانت العملية السياسية التي تخاف عليها من الاقتلاع وليتها تقتلع فاشلة والدليل على فشلها قائم مخضب بالدم والدموع في كل ارض العراق المقسم المنهوب فما الذي يدعونا للتمسك بها ،اليس الاجدر ببناء لا يمكن اصلاحه او ترميمه ان يهدم ؟تحياتي واحترامي لك.

  4. ابو اثير

    أستاذنا الشاعر المفترب ..مع كل أحترامي لرأيك في هذا التجمع الذي انعقد في عمان ألا أنني أختلف معك بشأنه وخاصة عندما تجيره الى البعث وعودته .. فالشخصيات البعثية التي حضرت الاجتماع لا تتعدى العشرة بالمئة والباقي شخصيات معارضة متنوعة هدفها ألأخير قلع هذه الرم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram