بالتعاون مع جمعية الفنانين التشكيليين في البصرة أقام اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين - البصرة- معرضاً شخصياً للفنان التشكيلي هاشم تايه في قاعة الجمعية يوم السبت الموافق السابع من حزيران الماضي. وهذا المعرض المعنون (رسوم على ورق) هو الثامن في سلسلة مع
بالتعاون مع جمعية الفنانين التشكيليين في البصرة أقام اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين - البصرة- معرضاً شخصياً للفنان التشكيلي هاشم تايه في قاعة الجمعية يوم السبت الموافق السابع من حزيران الماضي. وهذا المعرض المعنون (رسوم على ورق) هو الثامن في سلسلة معارض الفنان هاشم تايه الشخصيّة التي أقامها في أعوام متفرقة من مسيرته الفنية. وتمثل أعمال (رسوم على ورق) عودته إلى الرسم بمواده المعروفة بعد آخر معرضين شخصيين له استخدم فيهما مواد مهملة ممّا يشذ عن الاستهلاك اليومي ويكون مصيره النفاية، وقد أقيم المعرض الأول بعنوان (منفيات) العام 2007 في قاعة البيت الثقافي بالبصرة، و افتتحه الأستاذ القاص محمد خضير، في حين أقيم الآخر بعنوان (حياة هشّة) في قاعة جمعية الفنانين التشكيليين بالبصرة أيضاً،
وافتتحته السيدة زوجته ( أم عليّ) تكريماً منه لها وللمرأة العراقية. كما أعيد عرضه في معرض مشترك مع الفنان( ياسين وامي) في بغداد، وتم اختيارهما مع (5 ) فنانين تشكيليين عراقيين، للمشاركة في(ايطاليا)، بمبادرة من مؤسسة(رؤيا) للثقافة العراقية المعاصرة، واستمر عرضه في مدينة (البندقية) أكثر من(5 ) أشهر ضمن معروضات الجناح العراقي المشارك في ( بينالي) فينيسيا لعام 2003 ، وحظي باهتمام واسع، ايطالي وعالمي، وكتبت عنه الصحف الايطالية وبعض الصحف الدولية، ثم نقل بعد ذلك ليعرض في (كاليري) جنوب مدينة لندن. تنزع أعمال المعرض الجديد لهاشم تايه التي أنجزها بمادة الأكرليك على الورق إلى إنشاء تركيبة حسية من الأشكال والرموز والأقنعة لتعبير عن مشاعر ومكبوتات كائن يعيش في تاريخ خاص وفي لحظة توتر مفارقة. وهذه التركيبة التمثيليّة خضعت لفعل الرسم الذي وجد فرصته مفتوحة لامتلاكها فأعاد تخليقها بأهواء لغته المرئية الخاصة في تمثيل جمالي يخاطب العين ويستثير استجابتها الجمالية، وتتكشف خلاله قوى الرسم وطاقاته. وبشكل ما يمكن عدّ بعض أعمال هذا المعرض سيرة بلغة صُوريّة لا تخلو من سرد مرئي. وتتمتع هذه الأعمال بقوّة التعبير فيها ورصانته، كما تتمتع بإنشاء جمالي محكم. وعالجت بعض الأعمال موضوعة العنف بطبيعته المطلقة في الحياة والوجود، وبوجوهه وأقنعته في الطبيعة البشرية. أعمال الفنان( هاشم تايه) مستفزة، مشاكسة، وحتى ساخرة. ثمة تعاطف يدفعه إلى محاولة إعادة هذه الأشياء إلى الحياة، وتجديد لقائها بنا في كيان فني يمنحها جدارة بالبقاء، و نزوع بإضفاء الحياة على كلّ شيء بما في ذلك الجمادات، ويدفعه إلى استنطاق هذه الحياة في أعماله. و(هاشم تايه) فنان غير محترف اعتاد العمل بأهواء خاصّة في مكان عَزلتْهُ فظاظتُه عن العالم، وإذا حدث أن توافقت تجربته مع تيار فني عالمي فقد وقع ذلك مصادفة.و نزوعه إلى العمل بأية مواد رافقته منذ فترة مبكرة من عمر تجربته التي بوسعه الآن أن يراها كيف انطلقت بمجرّد قطعة فحم تحرّكت بأصابع طفل على جدار إسمنتي خشن في بيت قديم. المفارقة في افتتاح هذا المعرض تجسدت بقيام عدد من أصدقاء الفنان بإطلاق رؤية نقدية مباشرة أمام جمهور من الحاضرين، بمبادرة من د. سلمان كاصد الذي تحدث أولاً، وأعقبه الشاعر علي الإمارة والكاتب جاسم العايف والناقد خالد خضير والشاعر حبيب السامر مقدمين رؤى نقدية تناولت أكثر من جانب فني وفكري لأعمال المعرض، وعقب الفنان (هاشم تايه) على ما أبدوه من وجهات نظر، مقدماً في البداية شكره للحاضرين، مؤكداً على :" ان استخدام الخامات والمواد المرذولة في أعمالي كان حصيلة بداهة الرؤية البَصَريّة التي توافقت مع حقيقة أن العالم معروض علينا للاستثمار في ضروب شتى ، بما فيها الاستثمار الجمالي، كذلك وعي بأهميّة صناعة أثر فني مفارق ببدائل عن المواد التقليدية مع مفهوم عن فن شامل ترسّخ لاحقاً، فن يعمل خارج منطقتي الرسم والنحت المعهودتيْن، وخارج الأعراف الفنيّة بمحظوراتها ،إدخال مادة الحياة في العمل الفني ومنح هذه المادة فرصتها للمشاركة في إنتاج هذا العمل وتقويّة التأثير الجماليّ فيه. وذلك يعني تغيير آلية التصرّف بالفعل الذي ينتج عملاً فنيّاً اعتدنا على أن يتحكّم به الفنان. إن الآلية التي أنتجت بها أعمالي بخامات تالفة تعيد الممارسةَ الفنيّة إلى بدائيّتها كفعل حرّ يُنجز أثره بتطويع أية مادة قريبة مهما تكن بساطتها، وهذه الآلية قد تفتح المجال أمام الممارسة الفنية غير المحترفة لتعمل بطاقة أكبر مدعومة بمبادرات متحررة من أية سلطة، ولا بأس أن تكون بعد ذلك إلى جوار الممارسة الفنية المحترفة، أو على هامشها"..