نوري الشمريولد عبدالرحمن منيف في عمان ـ الاردن في العام 1933م ـ والده من نجد في السعودية وامه عراقية قضى معظم طفولته وصباه واول شبابه في عمان. وصل الى بغداد اواخر صيف 1952م وكانت هذه الانتفاضة تعبيرا عن رفض الصيغة القائمة انذاك
 كما كانت تجربة بمعنى مزدوج للسلطة وللقوى السياسية الشعبية من اجل قياس الاحتمالات قبل الوصول الى حلف بغداد ثم الى ثورة 14 تموز عام 1958م وكان عبد الرحمن منيف من سنة 1952م الى 1965م مستغرقا تماما في السياسة والعمل السياسي ولكنه رأى ان هذا كله خدعة كبيرة حيث كان الواحد منا حسب رأيه يتصور المؤسسة السياسية يمكن ان تكون امينة في قناعاتها ومقولاتها السياسية ومن خلال التجربة رأينا ان هناك فارقا كبيرا بين الافكار التي كنا نؤمن بها وندعو اليها والممارسة الفعلية في الواقع وما امكن الوصول الى نوع من الصيغة او التعايش ضمن تلك المؤسسة وهناك حاجز بيننا وبين الاستمرار وبدأ البحث عن اشكال جديدة لمواجهة العالم ومحاولة تغييره سواء اكان ذلك في العمل السياسي ام في العمل الفني ومن هنا كان الاقتراب من اداة اخرى من ادوات التعبير والتغيير وهي الرواية. درس عبدالرحمن منيف في عمان وانتسب الى كلية الحقوق في بغداد وبعد توقيع حلف بغداد طرد من العراق ـ واصل الدراسة في جامعة القاهرة ـ تخصص في اقتصاديات النفط وعمل في (الشركة السورية للنفط) بدمشق ثم عمل في الصحافة في بيروت عدة سنوات ـ ثم غادر العراق.. وهام في بلدان مختلفة منها فرنسا واقام في ايام وسنوات حياته الاخيرة في دمشق الى ان وافاه الأجل المحتوم في دمشق/ سوريا بتاريخ 24/1/2004. فليس عجيبا ان يلتقي في روايات عبدالرحمن منيف حشد من الشخصيات جاءت اليها من مختلف انحاء العالم العربي وان تعيش معاناة الناس العرب عموما وقضاياهم وآمالهم واحلامهم ونضالاتهم وهزائمهم عبر سائر روايات عبدالرحمن منيف منذ (الاشجار واغتيال مرزوق) 1973 (سباقات المسافات الطويلة) 1974 (قصة حب مجوسية) 1974 (شرق المتوسط) 1975 (حين تركنا الجسر) 1976 (النهايات) 1977 (عالم بلا خرائط) بالاشتراك مع جبرا ابراهيم جبرا 1982 وخماسية مدن الملح (التيه) 1984 (الاخدود) 1985 (تقاسيم الليل والنهار) 1989 (المنبت) 1989 (بادية الظلمات) 1989 ورواية (الآن ـ هنا) (شرق المتوسط مرة اخرى) 1991 (سيرة مدينة عمان في الاربعينيات)1994 (عروة الزمان الباهي) 1996 في (الثقافة والسياسة) 1998 وعبدالرحمن منيف (الكاتب والمنفى) مجموعة من الدراسات والمحاضرات والمقالات والحوارات التي تناولت سيرة عبدالرحمن منيف وكتاب (لوعة الغياب) 1999 وثلاثية (ارض السواد) 1999 (ذاكرة للمستقبل) 2001 (الديمقراطية اولا الديمقراطية دائما) 2001 (رحلة ضوء) العراق/ هوامش من المقاومة والتاريخ2003 دراسة عن الاعمال التشكيلية للرسام (مروان قصاب باشي) مصمم كتب وروايات وصورة عبدالرحمن منيف على غلاف اغلب رواياته علما ان عبدالرحمن منيف لديه رسومات في كتاب (سيرة مدينة عمان في الاربعينيات). اعرف ان عشرات الوف القراء العرب قرأوا ويقرأون في روايات عبد الرحمن منيف ونجيب محفوظ وحنا مينة وغيرهم.. ولكني لست متأكدا من ان عدد السياسيين والقادة الحزبيين وحتى المنظرين منهم الذين يقرأون احيانا روايات عربية يتجاوز او ينقص عدد اصابع اليدين! ولعلي اقول (بصوت عال) ان حاجة القادة الحزبيين والمنظرين الى نشدان المعرفة العميقة والجميلة عبر الروايات العربية المتميزة لا تقل ابدا عن حاجتهم الى المعرفة العلمية بالبنية الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية لمجتمعاتنا وباشكال الصراع الطبقي السياسي في هذه المجتمعات. هذا الصراع الذي يتجلى في الاعمال الروائية الابداعية باعمق واصدق واوضح مما يتجلى في الكثير الكثير من الدراسات الاقتصادية. فلا بأس لا بأس ان يتعرف هؤلاء السياسيون والمنظرون على ناسنا وشعبنا وحقائق الصراعات الاجتماعية واسبابها العميقة عبر الروايات ايضا.. ومن المفيد لهم ولنا ان يكتشفوا عبرها احتمالات جديدة لافاق لم يعرفوها قبلا.فعبد الرحمن منيف عمل في حقل النشاط السياسي اليومي والحزبي زمنا طويلا.. فاصيب بكثير من الخيبات وهو الفنان المبدع اساسا فترك العمل الحزبي وحول طاقاته الفنية الفكرية والنضالية الى الكتابة الروائية (الرواية كما فهمها منيف وكما كتبها اداة جميلة للمعرفة والمتعة انها تجعلنا اكثر ادراكا واحساسا بكل ما حولنا).