TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلكم ابناء "دولة الخليفة"

كلكم ابناء "دولة الخليفة"

نشر في: 20 يوليو, 2014: 05:49 ص

إذا كنت من الذين يتابعون أخبار هذه البلاد المنسيّة، فأتمنى أن تقرأ هذه العناوين المثيرة، وتقول لي هل ما يجري لمسيحيي الموصل هو خبر تناقلته وكالات الأنباء من الصومال او جزر القمر .. لان في عناوين نشرات الأخبار العراقية لا نجد سوى هذه الأخبار: نواب متفائلون برئيس البرلمان الجديد، هل يعجبك هذا الخبر المثير؟ إذن اقرأ: التحالف الوطني لايزال حائراً.. وإليك الأهم: الصيهود ، وهو النائب الذي ضرب رقما قياسيا في عدد التصريحات خلال الأسبوع الواحد ، يبشرنا بان الحكومة القادمة لا تختلف عن سابقتها في توزيع الحقائب الوزارية ... ولكي تطمئن عزيزي القاري فلا تزال هذه البلاد تحصد المراكز الأولى في عدد القتلى كل ساعة وكل يوم ، وكل اسبوع وكل شهر .
هل هناك ما هو أسوأ.. نعم، سأخبر جنابك أن السيد اوباما لايزال يسأل المقربين عن خطبة ابو بكر البغدادي ، وعن ثمن ساعته الرولكس ، اما ما يحدث من مذابح وخراب فهو امر فيه نظر، وان دولة الخلافة تريد اعادة " الامجاد " فهذه امور يمكن للسيد اوباما ان يناقشها وهون مبتسم مع الرفيق "بوتين".
منذ سنوات ومسيحيو بلادي، هجّروا من بيوتهم في بغداد والبصرة والموصل بسبب خطاب يومي منفر، مخيف، مقزز، غاضب، وثأري وازدرائي وكاره لكل ما حوله، منذ سنوات وبلاد ابراهيم تجرد من آخر مسيحييها عنوة، وبأوامر من امراء الطوائف وتحت بصر وسمع الحكومة وقواتها الامنية.
بالتأكيد كنا نسمع أصواتاً تستنكر وأخرى تشجب.. ولكن الحقيقة كانت تقول إننا نعيش وسط عقليات ظلامية تسعد وتفرح في مطاردة الآخرين..لا يهم مَن قتل الايزيديين في بغداد، ولا يهم من كان يصر على محاصرة المسيحيين واجبارهم على ترك بيوتهم.. كلها كانت اوامر وقرارات اتخذت بمعرفة وتخطيط من اوامر الطوائف، لاننا عشنا ونعيش في ظل مشاعر من الكراهية تضخمت عند الكثير من الساسة ، قابلتها هواجس من الخوف جعلت المواطن المسيحي والصابئي والايزيدي يرضخ لتهديد ميليشيات تختفي تحت جلــد الأحزاب السياسية، بعد احد عشر عاما من الالم والخوف اكتشف المسيحيين أن لا دولة تحميهم.. ولا تعنيها قضيتهم.. ففي كل حوادث التهجير لم يُحاسب المتسببون في هذا المشهد الطائفي، لأن التقارير الرسمية، تنكر كل ما يقال عن هذا الموضوع وتشتم من يتحدث عنه.
اليوم حين تصر دولة الخليفة البغدادي ان ترفع شعار لامكان للمسيحيين في الموصل، فانها انما تسير على نهج اتبعه ساستنا من قبل ، نهج يرى في تحقير الآخر وإقصائه غاية ومنهجاً.. ويؤمن أن هذا البلد لا يتحمل أكثر من طائفة واحدة.. وهنا لابد من فرض واقع جديد يعتبر الآخر "غريبا" وعليه أن يقبل بشروط صاحب الدار.. وهو المنهج نفسه الذي اتبعه الكثير من المسؤولين وقادة الكتل السياسية الذين يرون أن الحــلَّ في أزمات البلد هو تحويل الشعب إلى قبائل وطوائف.. هذه هي العقلية التي ترفض أن نتساوى جميعا في المواطنة.. عقلية تعادي ما ليس يشبهها.. ولا تجـد للآخر سوى طريقين إما الرحيل او العيش ذليلا مهانا ، أو القتل بكواتم الاحزاب او سيوف الخليفة ..
بعد ماجرى في الموصل تستطيع عزيزي السياسي والنائب " الجليل " ان تصحو من النوم وتكتب بيانا تستنكر فيه جرائم داعش ضد المسيحيين، وتطالب أنصارك بالخروج بتظاهرة تندد وتشجب ، ولكن دعني أسألك كم مسيحيا في حمايتك؟ كم ايزيديا يعمل في مكتبك ؟ كم صابئيا عينته مستشارا لديك؟ ماهي نسبة المسيحيين والصابئة والايزيديين في كتلتك السياسية .. عندما تجد الاجابة على هذه الاسئلة التي ستعتبرها حتما أسئلة تافهة لأنك منذور للقضايا الكبرى ، من عينة مظلومية الشيعة ، ورفع لواء الدفاع عن السنة وبالتاكيد مثل هذه الأسئلة في هذا الوقت العصيب الذي نواجه به الاعداء في الداخل والخارج تعد امرا تافها .. ولكن دعني اسألك كيف تتحدث عن المواطنة وتدعي حب الوطن ورعاية مصالحه وانت تغسل يديك كلما صافحت مسيحيا او صابئيا ، وتستغفر وانت تنظر الى نائبة ايزيدية.. كلكم يا سيدي ابناء لدولة الخلافة هذه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عمار القطب

    حكومة السبات ادعو كل من يقرأ تعليقي ان يرسل شكوى الى اعلى مؤسسة في البلد والى الوزارات والمؤسسات الحكومية فهل من مجيب في حين عملية التغذية المرتدة هي من اوليات العمل الحكومي والا كيف ستعرف الحكومة ما يدور في مؤسساتها ومشاكل مواطنيها لقد ضاعت حقوق المسيحي

  2. farid mohamad

    حياك الله وأحي فيك موضوعيتك الفائقة ..يعني أستاذنا الفاضل....وبصراحة الغاء العملية السياسية البائسة التي جاء بها المحتل المطوئفة أليس كذلك وأن عبر الأخرون عنها بالديمقراطية فالديمقراطية لها رجالها الهادئون المقفغون المنصفون لذولتهم والأخرون ..اليس معي أن

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram