TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > قراءة في إبداع عبدالرحمن منيف

قراءة في إبداع عبدالرحمن منيف

نشر في: 4 ديسمبر, 2009: 06:21 م

شكيب كاظماذا اردنا نموذجا لتمازج الاوشاج العربية وتشابكها، فاننا نستطيع ان نشير الى عبدالرحمن منيف الذي جاء الى الدنيا وابصرت عيناه النور في العاصمة الاردنية عمان عام 1933، ابوه من نجد وامه من العراق، وعاش طفولته وصباه وشبابه الاول في عمان،
 ثم ذهب الى الدراسة في بغداد، بداية الخمسينيات، وهنالك تعرف على الاجواء الثقافية والتوجهات السياسية التي كان يمور بها المجتمع العراقي وقتذاك، فتعرف على العديد من الوجوه الثقافية والسياسية: جبرا ابراهيم جبرا، جواد سليم، الفنان ناظم رمزي، الفنان الطبيب قتيبة الشيخ نوري، وعالم النفس الفلسطيني الدكتور علي كمال وغيرهم. لقد جاء عبدالرحمن منيف الى العراق مرتين، الاولى بداية الخمسينيات وغادره اثناء التحضيرات لعقد حلف بغداد، بعد ان رأى الحلقة بدأت تضيق، هو الباحث الدائم عن الحرية، حرية القول والتعبير ثم جاءه ثانية منتصف السبعينيات، واصدر مجلة علمية مرموقة في اختصاصه الدقيق، اقتصاديات النفط والاسعار والاسواق، ظلت مجلته الاثيرة (النفط والتنمية) تصدر لسنوات باشرافه ورعايته لها، واذا وجد الظروف العامة تحتقن قبل حلول العقد الثمانيني فانه آثر الرحيل الى ارض الله الواسعة. لقد جاء الدكتور عبدالرحمن منيف الادب من العلوم النفطية واقتصاد النفط، الذي درسه في جمهورية يوغسلافية، كان ذلك عام 1958، لم يجد نفسه في هذا الاختصاص الضيق، عالم الارقام والاسعار وحسابات السوق هو السياسي المتفتح على شتى الاتجاهات والاراء والباحث عن هامش الحرية، فكتب عمله الروائي الاول (الاشجار واغتيال مرزوق) ونشر عام 1973، الذي يبوب ضمن الادب الراصد لعلاقة الشرق بالغرب، والصدام الحضاري بين الطرفين، ضمن العديد من الروايات التي رصدت هذه الظاهرة، منذ امين الرحاني في روايته (كتاب خالد) مرورا بتوفيق الحكيم ويحيى حقي وطه حسين وذي النون ايوب وسهيل ادريس ويوسف عز الدين وليس انتهاء بالطيب صالح. ويوم نشر (الاشجار واغتيال مرزوق) كان قد كتب عام 1973 عمله الروائي الثاني (شرق المتوسط) الذي كان حذرا في كتابته ونشره، لانه كان يتناول احد المحرمات الكبرى في العالم العربي والشرق وهو عالم السجن السياسي، واذا كان الاديب العراقي متعدد المتواهب والاهتمامات، فاضل العزاوي، قد كتب روايته التي تناولت هذا المحرم، (القلعة الخامسة) وعنوانها يشف عن محتواها، التي صور فيها حال السجناء في سجن بغداد المركزي بباب المعظم، منظورا اليه من خلال نزلاء قلعة من قلاع السجن، القلعة الخامسة، فان الدكتور عبدالرحمن منيف، شاء ان يكتب في هذا اللون من الوان الكتابة الروائية، الفاصلة من عالم السجون، السياسية تحديدا، وظلت الرواية خارج طائلة المنع، لان ايا من الاطراف لايريد ان يكون هو المقصود بالعوالم التي يتحدث عنها السرد الروائي في (شرق المتوسط) وكل يريد ان يرمي جريرة ماورد على الاخر!! لذا تعددت طبعاتها، حتى أكاد اقول ان اية رواية عربية، لاتوازيها في عدد طبعاتها، اذ طبعت حتى عام 1999، أثنتي عشرة طبعة، وهذا رقم مبهر ومفرح في آن معا، وقد واصل منيف الحرث في هذا المجال، واضاءته من جوانب متعددة، وفضح المسكوت عنه، فاصدر روايته (الان.. هنا) التي تشكل امتدادا لـ(شرق المتوسط).. واذا كانت (شرق المتوسط) تتناول الهم العام، فان روايته (قصة حب مجوسية) تناولت هما ذاتيا، اذ تصور حياة خاصة لطالب يدرس في اوربة وعن علاقاته الحميمة بالنساء وعوالم اللهو، ولعل فيها اسقاطات من حياة منيف ايام الدراسة في يوغسلافية، فكانت الرواية بحثا عن الذات. في روايته (سباق المسافات الطويلة) يعود الى موضوع اختصاصه الدقيق، النفط ، ليس من خلال الارقام وحسابات السوق، بل من خلال تأثيراته على الحياة العامة في دول النفط، وما تركه النفط من نعم على شعوبها، وما خلف من ظلال شاحبة على هذه المجتمعات، وتحولها الى مجتمعات استهلاكية، ملقيا الضوء على ارهاصات عملية تأميم النفط الايراني من قبل الدكتور محمد مصدق رئيس الوزراء بداية الخمسينيات وماتلا ذلك من اضطرابات واضرابات عصفت بالحياة هناك لتنتهي بانقلاب عسكري قاده الجنرال زاهدي، ليطيبح بمصدق، الذي امضى بقية العمر في السجن، وليعود الشاه الى عرش الطاووس، لم يسّم الدكتور عبدالرحمن منيف، الاشياء بمسمياتها ولكنه كان يقارب التاريخ المعاصر ويحايثه، بعيدا عن التطابق الكامل مع الاحداث، وابقى مساحة فاصلة بين التاريخ والادب الروائي الناهل من احداث التاريخ وصوره. ولان الادب، والكتابة الروائية تحديدا، جهد فردي ذاتي، بخلاف الاعمال الابداعية الاخرى، السينما، المسرح، اذ يشارك في العمل عدد من الاشخاص، تمثيلا اخراجا، اعدادا للديكور، فان الرواية لاتحتاج الى من يشارك، لكن عبدالرحمن منيف شاء تتويج العلاقة الحميمة التي تربطه بجبرا ابراهيم جبرا، فاشتركا في تقديم عمل روائي اسمياه (عالم بلا خرائط) الذي يصعب على الباحث نسبته الى اي منهما اذا ما اراد دراسة المنجز المعرفي لمنيف او لجبرا. واذا كانت (النهايات) حديثا عن الصحراء العربية، وقلة من الروائيين العرب من تناول عوالم الصحراء او البحار، مع ان ارضنا تطل على بحار عدة، وتغطيها رمال الصحارى الشاسعة، وه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram