TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المسيحيون .. حمامات سلام العراق

المسيحيون .. حمامات سلام العراق

نشر في: 21 يوليو, 2014: 09:01 م

أغلبنا، نحن العراقيين، يحمل صورة نمطية إيجابية تجاه المسيحيين. وهذه، باعتقادي، هي التي أججت غضبنا، وتعاطفنا بشكل مختلف معهم حين استفردت بهم داعش وشردتهم من ديارهم. اسمحوا لي ان افصح عن صورة المسيحي الذي بداخلي:
القرب منه أمان:
عندما سأل والدي، عمي الذي اشترى بيتا في بغداد الجديدة عن حاله في سكنه الجديد، أجاب: الحمد لله شيخنا، جيراني منا ومنا مسيحيين.
انه لا يغش:
من يشتري منا حاجة مستعملة من السيارة الى التلفزيون يشتريها باطمئنان ان كان صاحبها مسيحيا.
في مزاد للسيارات قرب ساحة الطيران قبالة مستشفى الجملة العصبية، على ما أتذكر، سمعت منادي المزاد يعرض سيارة وكان يمتدحها لان صاحبها مسيحي. انها ميزة ترفع السعر.
حمائم سلام:
منذ أيام الابتدائية كنا نرى المعلمة المسيحية مؤدبة وودودة تحبنا ولا تضربنا مهما قصرنا او شاغبنا. كانت فرّاشة المدرسة أم خضير تقول عن ست منيرة المسيحية: جنها احميمة. وام احد الطلبة تقول عنها: جنها علوية!
المسيحي نظيف:
كنت ذات يوم ازور بيت أختي التي كانت تسكن "كمب الأرمن" ببغداد وكان معي شاعر شعبي. في الطريق، شاهدنا عائلة مسيحية، من اب وام وطفلة واحدة، تنقل أغراضها لبيت او ربما لغرفة في بيت آخر. السكن بالإيجار من هذا النوع يسميه البغاددة "نِزِل". يبدو ان العائلة فقيرة لأن عربة دفع يدوية كانت كافية لنقل جميع أغراضها. قال لي صاحبي: شوف المسيحيين شكد يحبون النظافة. شلون؟ انظر انها عربة صغيرة واغراض العائلة تعد بالأصابع لكن المسيحي مهما كان فقيرا لا بد وان يشتري ثلاّجة.
يحب حتى أعداءه:
البارحة هاتفت صديقا مسيحيا ملتزما دينيا تعرفت عليه في أيام الدراسة العليا ببريطانيا.  كنت اواسيه على ما حل بقوم عيسى وسمرائهم التي غرس محبتها في قلوبنا ناظم الغزالي. رغم حزنه، لم المس منه حرفا واحدا يشي برغبة للانتقام ممن شرّد اهله بكل خسة. كنتم اشتمهم وهو لا يشتم. سألته: أبعد كل الذي حصل ما زلتم تحبون أعداءكم؟ رد علي: هكذا علمنا الرب يا هاشم. استحلفك بالمسيح أجبني: أمن كل قلبك تقول هذا؟ وكيف لا يكون كذلك والله، الساكن في قلبي، محبة. هنيالك.
قد لا يعجب البعض كلامي هذا. وليكن. شفيعي اني لست مسيحيا أولا، ثم اني اقرأ واقعا اجتماعيا لو كان فيه إهانة لأحد لما قالته الناس. انها ثقافة اجتماعية عراقية وحس شعبي سائد. والحس الشعبي، كما الحدس الشعبي، تبنيه التجارب وليس النظريات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Balkans

    السيد هاشم العقابي المحترم وصفكم للمسيحيين وبشكل خاص مسيحيي العراق كان من اعظم ما قرأت وسمعت بحقهم لاانها حقيقتهم وطباعهم واخلاقهم وانسانيتهم نابعه من التسامح والمحبة ولكن الذي جرى هو جرح عميق لنا ولهم وللعراق باكمله ومع الاسف اتمنى منهم الصبر والثبات حتى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram