استعيدت قبل أيام مكارثية صدام حسين، أيضاً، بطبعة عراقية أيضاً، لكنها أكثر هزالاً وقذارة، كما نشرها أحد المواقع الإلكترونية، ولا يحتاج الكشف عمن هو (هم) وراء إعدادها وإصدارها إلى ذكاء خارق.. فتش عمن هو صاحب المصلحة!
سميت الحملة المكارثية الأمريكية باسم السناتور الأمريكي اليميني جوزيف مكارثي واستمرت، عملياً، خمس سنوات (1950 – 1955) لكن بقيت ذيولها عقوداً في أمريكا، حتى اليوم، من خلال عمليات التنصت على، ومراقبة، كل من يعتقد بأنه معادٍ للولايات المتحدة من أقصى اليسار حتى أقصى اليمين في عالم اليوم.
أُنشئت (لجنة مكافحة النشاطات غير الأمريكية) وهذا اسمها الرسمي، أصلاً، لمواجهة ما أطلق عليه (الخطر الشيوعي) خلال فترة الحرب الباردة ليقع ضحيتها الآلاف من خيرة الكتاب والفنانين والعلماء والنشطاء النقابيين الأمريكيين وغير الأمريكيين (ممن كانوا يقيمون في أمريكا) أمثال تشارلي تشابلن وآيسلر وإيليا كازان وبرتولت بريخت وآرثر ميلروألبرت آينشتين ولويس بونويل وأرسون ويلز وأروين شو وكلاوس مان، الأمر الذي دفع بالمئات من العقول الأمريكية إلى الهجرة والمنفى الطوعي بعد انتشار حملة الخوف الأمريكية تلك التي جوبهت بردود فعل نقدية واسعة بعد أن شعر الكثير من المفكرين والفنانين والصحفيين بأن أسماءهم يمكن أن تعلن في قوائم سوداء جديدة ودانوا حملة مكارثي لأنها خرق فاضح دستورياً وقانونياً وأخلاقياً إذ طالت تلك الحملة الكثير من الناس وحرمتهم من مصدر رزقهم أو تدمير حياتهم وتشويه سمعتهم ودخل بعضهم السجن.
المكارثية الأمريكية وجدت طبعتها العراقية القذرة في ثمانينات القرن المنصرم بعد أن وقعت وثيقة حكومية (صادرة من جهاز الأمن العراقي) بيد الأنصار الشيوعيين العراقيين، في كردستان، وكانت على شكل قائمة سوداء ضمت حوالى ثمانمئة شخصية سياسية وفكرية وفنية وصحفية يغلب عليها الطابع العشوائي (سياسياً) أو ما يمكن تسميته بـ "العدو المتنوع" إذ تبدأ بالإمام الخميني وتنتهي بصحفي عراقي غير معروف، مروراً بكتاب وفنانين عرب.
"العدو المتنوع" أحد الأدلة الدامغة على خوف الدكتاتور، ولأنه دكتاتور يتنوع أعداؤه فهو واحد وحيد عدو الجميع والجميع أعداؤه، ليصبح الأمر طبيعياً أن يكثر هؤلاء الأعداء وتتنوع مشاربهم السياسية وأصولهم العرقية والقومية.
سياسة (القائمة السوداء) إحدى وسائل الدكتاتور التي يعتقدها تشهيرية بينما تضم أسماء مشرفة لشخصيات وطنية متنوعة من ديمقراطيين وليبراليين ومستقلين خطيئتهم الوحيدة هي نقد الدكتاتور أو السخرية منه أو إطلاق صيحة "لا" بأشكال مختلفة في وجهه.
ناقدو الدكتاتور وخصومه وأعداؤه لا يلجأون، عادة، إلى سياسة إصدار (القائمة السوداء) بحكومته وكتبته وجلاديه وحاملي أختامه والمتنعمين بعطاياه (مقابل خدمات منظورة أو غير منظورة) لأن كل ما يفعلونه هو الكفاح من أجل الحرية والديمقراطية بما ملكت أيمانهم: الكتابة والتصريحات والتجمع وعقد جلسات البحث وتنشيط الوسائل الكفيلة بفضحه ودحض سياساته وكل ذلك حق مشروع يكفله الدستور، تحت بند الحريات، حتى لو كتب هذا الدستور هو الدكتاتور نفسه أو من خوّله.
(القائمة السوداء) = (قائمة العار) عار على من أمر بها وأيدها وأعدّها وروّجها عدا عن أنها اعتراف غير مباشر بالخوف من المختلفين والنقدة والمناوئين الذين يزداد تأثيرهم كلما ضعفت شوكة الدكتاتور وأرتخت قبضته واهتز عرشه ليصاب بالسعار متهماً الجميع بالخيانة ومعاداة الوطن والشعب وعدم الوقوف معه في أزماته التي صنعها هو بنفسه لنفسه وللناس.
انتهى السناتور الأمريكي (جوزيف مكارثي) بعد جريمته المكارثية متهماً بالفساد وتلقي الرشوة، فانهار جسدياً وسيكولوجياً بعد أن أدمن المخدرات ورحل إلى تلك المزبلة التي لا تريد أن تمتلئ.
المكارثية عراقياً.. قوائم العار
[post-views]
نشر في: 21 يوليو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
monsun
ما الهدف من هذا الموضوع اذا كان نقدا لصدام ولنظامه فاعتفد ان لا فائدة سوى اثارة البعض واذا كان نقدا للنظم الدكتاتورية فهذه طريقة فقيرة اعتقد اننا امام شئ جديد الان علينا ان نفكر ونحلل ما حصل وكيف حصل وعيون اجهزة المخابرات وخاصة الغربية والامريكية م