لم تكن الكذبة المفضوحة لفضائية الجزيرة القطرية، عن تآمر إماراتي مع إسرائيل لإنهاء حكم حماس في غزة، تحتاج للتكذيب، لكن الناطق الرسمي بلسان حماس فضح الموضوع، حين نفى نبأ الجزيرة الذي روّجته جماعة الإخوان المسلمين على مواقع التواصل الاجتماعي، ما استدعى تصريحاً من قيادي في الحركة، بأن إنجازات الإمارات الداعمة للشعب الفلسطيني ماثلة للعيان في غزة، وفي ذلك تكذيب يعود بالخزي سياسياً ومهنياً على خطيئة فضائحية الجزيرة، التي كانت شارة بدء موجة هجومية منسقة على الإمارات، قادتها أذرع الإخوان الإعلامية على أنها حقيقة تستدعي الانتقام من عمال الإغاثة الإماراتيين العاملين في القطاع المنكوب.
وزير الخارجية الإماراتي "المتهم" اكتفى بالقول "اللهم إني صائم"، لكن دولته طالبت القناة بتقديم اعتذار رسمي عن فبركتها التي أسقطت مهنيتها للحضيض، باعتمادها مصادر إخوانية أو إسرائيلية، وشعبياً دعا إماراتيون إلى طرد قطر من مجلس التعاون والجامعة العربية، وطرد السفير القطري من الإمارات، واعتبروه شخصاً غير مرغوب فيه هو ودولته، والمؤكد أنه ليس رداً على قطر وجزيرتها، تبرع الإمارات بما يقارب 100 مليون دولار، كمساعدات إنسانية ولإعادة إعمار المساكن المتضررة بالهجوم العسكري الإسرائيلي.
قبل أزمتها الراهنة مع الإمارات، كانت المشيخة المشاغبة الطامحة لدور يفوق حجمها بملايين المرات، افتعلت أزمة مع البحرين، مدعية عائدية بعض الجزر البحرينية لها، وخسرت في التحكيم أمام المحكمة الدولية في لاهاي، كما أنها مرت بأزمة مؤخراً مع الكويت نتيجة تأييدها لتظاهرات إخوانية ضد الحكومة، واعتبر الكويتيون أن تأييد بعض النواب للمظاهرات ومشاركتهم بها، دليل على عمل الكل عند رب عمل واحد في الدوحة، غير أن الكويت تسامحت حفاظاً على وحدة مجلس التعاون الخليجي.
مشيخة الغاز المُسال تستهدف الإمارات، رداً على موقفها المبادر لتحديد ملامح مرحلة ما بعد الإخوان، في المنطقة عموماً ومنطقة الخليج على وجه الخصوص، وفي ذلك ما يفضح ضمنياً الاستراتيجية القطرية، لكن المشيخة تحسب ألف حساب للاشتباك مع السعودية، لأنها تخشى ردة الفعل الأميركية على أزمة، قد تدفع الرياض لتحديد عبور الطائرات المتجهة الى قطر عبر مجالها الجوي، فالولايات المتحدة تعتمد استراتيجياً على وجودها العسكري في قطر، وهي معنية بحكام يؤمنون استمراريته وليس بالتركيبة الحاكمة الآن، في حين أن التصعيد مع الإمارات، لا يقود إلى مثل هذا النوع من التبعات في العلاقة مع واشنطن، كما أن للاشتباك مع السعودية تبعات أخرى، كاستفزاز التيار السلفي المتغلغل في قطر، والذي تدعي الدوحة أنها مثل السعودية في تمثيلها له، إضافة إلى أن الامتدادات القبلية بين السعودية وقطر أكثر تشابكاً، حد أن بعض القبائل القطرية أكثر قرباً من الحكام السعوديين، ويأخذون على حكامهم استئثارهم بالسلطة والثروة.
هي أزمة جديدة في مسلسل الأزمات، التي تفتعلها العائلة المتحكمة في قطر، عبر فضائيتها المشبوهة الأهداف، فتتهم الآخرين بما تمارسه هي من سياسات، إذ ليس سراً علاقاتها المتنامية مع إسرائيل، التي تموهها بالتغطية الإعلامية ضد عدوانها على القطاع، اللعبة مفضوحة وبائسة، فالشمس لا تُغطى بغربال، والمواطن العربي بات يدرك أهداف حكام المشيخة، وتبعيتهم الذليلة لتنظيم الإخوان المشبوه.
الإمارات وغزة وفضيحة الجزيرة
[post-views]
نشر في: 22 يوليو, 2014: 09:01 م