TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دبس دبلوماسي

دبس دبلوماسي

نشر في: 22 يوليو, 2014: 09:01 م

القول العراقي الشائع " دهن ودبس " يشير ويؤكد متانة العلاقة بين الاشخاص ،   ويصلح في الوقت ذاته  ليكون صفة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول ، في اطار الحفاظ على المصالح المشتركة السياسية والاجتماعية وحتى  الثقافية ،  وفي بعض  الاحيان  تتطور العلاقة الى ابرام اتفاقيات ثنائية في مجال الدفاع الامني المشترك ، لمواجهة  الاعتداءات الخارجية  ، وضمان استقرار الاوضاع الامنية ، والحفاظ على الامن الوطني بمساعدة دولة كبيرة لاخرى صغيرة ، لا تمتلك قدرات عسكرية  كبيرة ، فتستعين بالاصدقاء ترتبط معهم بعلاقة من نوع" دهن ودبس" لتعزيز قدرات قواتها المسلحة وتزويدها بالمعدات والاسلحة الحديثة فضلا عن  الخبرات والمعلومات لإحباط مخططات  جماعات وجهات ارهابية تسعى للإطاحة بالنظام السياسي .
في سنوات سابقة اثبت العراق انه البلد الكريم الوحيد في المنطقة ، فكان يمنح المساعدات المالية لبعض دول الجوار لطالما ابدت دعمها وتأييدها لمواقفه السياسية ، فذهب المال العراقي بطريقة الكرم البرمكي الى عاصمة  عربية ،أبدت مواقف مؤيدة للحرب العراقية الايرانية ، واثناء فرض عقوبات الامم المتحدة بعد غزو الكويت ، اصبحت تلك العاصمة المنفذ الوحيد لاستيراد البضائع ، واستقبال المسؤولين ، فحصلت على النفط باسعار  تفضيلية ، وانطلاقا من من الايمان والحرص على العلاقة بين الطرفين بمستوى " الدهن والدبس "   تبنى المسؤولون الجدد نهج اسلافهم ، فصدرت قرارات بمنح الصومال مساعدات مالية بملايين الدولارات.
العاصمة الاردنية عمان  احتضنت مؤخرا مؤتمرا اثار استياء وغضب  اوساط  سياسية عراقية ، لان المؤتمر يهدف الى اسقاط النظام السياسي ، فارتفعت الاصوات المطالبة بحرمان الاردن من النفط العراقي ، للضغط  على المسؤولين الاردنيين  لمراجعة مواقفهم ،وتقديم اعتذار للحكومة العراقية ،  ومعروف عن السلطات الاردنية انها تتعمد فرض اجراءات مشددة بحق العراقيين في بعض الاحيان تصل الى  منعهم من الدخول لاراضيها.
اكثر من مؤتمر عقد  خارج  العراق  بتمويل من دول عربية ، فشل في تحقيق اهدافها ، لان الجبهة الداخلية ممثلة بأطرافها السياسية  كانت  علاقاتها متينة ، ولكن باندلاع الأزمات وبروز حالة الاستبداد والاستحواذ على السلطة من قبل طرف على حساب اخر ، فقد المشهد العراقي الدهن والدبس  ، وانعكست تداعيات ذلك على العلاقات الخارجية ،واصبح الحديث عن  التدخل الاقليمي في الشأن العراقي ، مظهرا  بارزا في تبادل الاتهامات ، ايران تدعم الشيعة ،والسعودية  وتركيا  تطالبان بإنصاف السنة وإنقاذهم من التهميش والإقصاء .
أمام رئيس مجلس النواب الجديد سليم الجبوري  امتحان صعب ، ونجاحه في خوض الامتحان وتجاوزه   يستدعي  توفير الدهن والدبس بكميات كبيرة  في البرلمان ليغرف منه رؤساء الكتل النيابية الكبيرة لتحسين العلاقات وتطويرها  وبما يخدم المصالح الوطنية ، وتفعيل الدور التشريعي والرقابي ، بعد  إنجاز تشكيل الحكومة ،عندما تحسم الكتلة الأكبر التحالف الوطني تسمية مرشحها ، وتقدم دليلا على ان  العلاقات  بين القوى الشيعية المنضوية في التحالف،  وتحت راية رئيسه إبراهيم الجعفري تعدت مرحلة  الدهن والدبس وتجاوزت مشكلة الولاية الثالثة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram