علي القيسي ليس للقول الخالد "اولادنا اكبادنا تمشي على الارض" ما يدانيه من كـَلِم ، وما له من أثر في الوجدان الشعبي، منذ ان قيل وحتى قيام الساعة، اذ إن الاطفال بلا شك هم احباب الله في الارض، إليهم تهفو القلوب، وتحنو عليهم النفوس بالفطرة ،
وتعتمل وتائر الشعور نحوهم وتعلو حين يكونون ايتاما. حضرت الاسبوع الماضي احتفالية اقامتها دائرة رعاية المرأة، للاطفال اليتامى، بحضور وزير العمل والشؤون الاجتماعية، وذلك لمناسبة حلول عيد الاضحى، وقد لمست مدى السعادة التي ارتسمت على الوجوه، سيما حين خصصت ساعة لصديق الطفولة الفنان احسان دعدوش الذي اضفى على الحفل جوا من المرح والحبور, وقد وزعت هدايا نقدية وعينية على الاطفال المشاركين.وكذلك شاركْتُ مدرسة البحتري الابتدائية بمنطقة بغداد الجديدة مهرجانها السادس لرعاية التلاميذ الايتام والذي أقيم تحت شعار " من اجل يتم لا يقهر". وقد بدأت ادارة المدرسة المهرجان قبل ستة اعوام ليجد تفاعلا من الخيّرين والمحسنين في المنطقة حتى تطور ليشمل تكريم الايتام في مدارس القاطع، فقد تم هذا العام توزيع كسوة العيد من النوع الفاخر بين نحو 400 طفل يتيم . من ينتبه لهذه الشريحة الواسعة في المجتمع وهم بعمر الزهور سيذهل لعددهم الهائل في عموم البلاد، وما هم فيه نتيجة طبيعية لعمليات العنف الحمقاء ولتفجيرات العمليات الارهابية المقيتة. ولا يخفى ان هؤلاء الاطفال بحاجة الى رعاية مضاعفة لغياب آبائهم اولا، ولما هم فيه من حرمان وكمد، خصوصا في هذه الفترة الحرجة التي يمر فيها المجتمع وهو في غمرة مشكلات وافرة ألقت بظلالها على حياة الناس، وهم يشعرون بوطأتها على الفقير وذي الحاجة. ان صدى أنين ونشيج اليتامى دفع بعض الدوائر والجهات المدنية الى الانتباه بين آونة واخرى إليهم كما رأينا في بداية الحديث، لكن قضية الاطفال الايتام اكبر من ان تعالج بهذا الشكل على الرغم من جهود هذه الجهات التطوعية وهي مشكورة على ذلك, اذ إن المسألة تحتاج الى اهتمام خاص ومنظم وينبغي ان تضطلع بها الدولة، فما الضرر من استحداث مؤسسة تتولى امرهم، كتلك المؤسسات المرتبطة برئاسة الوزراء، مثل مؤسسة الشهداء ومؤسسة السجناء السياسيين ودائرة رعاية المرأة، بدلا من هذا الاهمال لشريحة لها مكانتها في بناء وتنمية المستقبل في العراق الجديد.
كلام ابيض : طفولة مهملة
نشر في: 4 ديسمبر, 2009: 06:51 م