انشق التيار السلفي الأردني بين أنصار داعش وداعمي جبهة النصرة، حيث أصدر أبناء دعوة التوحيد والجهاد بياناً ناقداً لموقف منظري التيار السلفي، المقدسي وأبو أبوقتادة، لرفضهما إعلان دولة الخلافة، ودعا المقاتلين الأردنيين المقاتلين تحت لواء جبهة النصرة في سوريا، إلى مبايعة البغدادي خليفة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، والقتال تحت رايته، استباقاً لإعلان محتمل ومنتظر عن إمارة إسلامية في الشام تقودها "النصرة"، الداعمة لفتوى المقدسي وأبو قتادة ببطلان دولة الخلافة، التي يؤكد أنصارها الأردنيون أنها الطائفة المنصورة الظاهرة على الحق، وهم أحق الناس بالنصرة والتأييد، لا سيّما في العراق والشام، سيما وأن دولة الخلافة، مشروع عظيم، يُعد أحد المفاصيل التاريخية في مسيرة شهادة الأمة الإسلامية على سائر الأمم.
ليس مدهشاً عندنا إثارة هذا السجال، الذي يبدو أن المقصود منه صرف نظر الناس عن ما يجري في قطاع غزة، فالمقاتلون هناك ينتسبون لتيار في الإسلام السياسي، غير الذي ينتمي له الجهاديون، ما يعني أن عليهم تقليع شوكهم بإظافرهم، إضافة إلى فتاوى من منظرين وقياديين عند الجهاديين، تقول بأن المعركة مع "يهود"، مؤجلة إلى ما بعد تنظيف الساحة من المنافقين والنصارى، وأن الأجدى في المرحلة الراهنة حسم النقاش حول الجزية، ومن عليه واجب دفعها ومقابل ماذا، كذلك كسب رضى المولى بهداية المسيحيين إلى الإسلام، حتى قبل أن يستتب الأمر لدولة الخرافة والبغدادي، وهم غير قادرين بعد على حماية حدود دولتهم وحياة مقاتليها.
شهدت الساحة الأردنية هذا النقاش العقيم، وهي تمور بالغضب على ما يتعرض له الغزيون، من بطش الآلة العسكرية الإسرائيلية، في ظل غياب الملك عن البلاد وصمته وغزة تحترق بالنيران، ويرى بعض الحريصين على استقرار الملكية، أن هذا التصرف يضعه في دائرة النقد، خصوصاً مع غياب أي تبرير أو تفسير رسمي، وهل هو في عطلة أم في رحلة عمل، وفي الحالتين فان تمتعه بإجازة في هذا الظرف الحرج، غير مبرر ولا مستساغ، كما أن قيامه بمهمة، إن كان يمارس ذلك فعلياً، يحتاج دستورياً إلى تكليفه بها من مجلس الوزراء، على أن يرافقه ويشارك في محادثاته الوزير المختص بمهمته المكلف بتنفيذها ، ويطالب هؤلاء الناقدون رئيس الوزراء بإصدار تصريح رسمي عن مكان وجود الملك، وسبب غيابه ووضعه الصحي، ويبدو أن الانتقادات وصلته فعاد إلى البلاد.
المؤكد أنه لم يكن هناك من يستطيع تبرير وجود الملك في أميركا، بينما وزير خارجيتها يتنقل بين عواصم المنطقة، والأمين العام للأمم المتحدة يتشاور في قطر مع قيادة حماس، ويقول المنتقدون لتغيبه إنه لو كنا في مملكة دستورية لكان ذلك مقبولاً، إذ يقع اتخاذ الموقف والقرار على عاتق الحكومة، باعتبارها صاحبة الولاية، أما وأن الكل يعرف أن الملك هو من يقود السياسة الخارجية، فإن ذلك يعني عند كثيرين، أنه يتعامل مع شعبه كرعية، تبدّل عليهم ثلاثة نواب له في بضعة أيام، بعيداً عن الدستورية، وفي مهزلة يسلم فيها الوكيل وكالته لآخر، وكأن قائد البلاد عاد مرة أخرى ليكون مجرد ضيف على ديوانه، يزوره بين الفترة والأخرى، بقدر ما يتوفر له من أوقات الفراغ.
عاد الملك فيما تؤشر عودته أن "الطبخة قد نضجت" وأن ذلك لايسمح له بمزيد من الغياب، فالمرحلة صعبة حتى على من يثق بواشنطن.
داعشيو الاردن وغزة وغياب الملك
[post-views]
نشر في: 23 يوليو, 2014: 09:01 م