القسم الأول: الأكاديمية العالمية للثقافات
قدمت قبل فترة قراءة في موضوعة التعصب واللاتسامح بكتابات متسلسلة ، واتخذت في بعضها كتاب مايكل انجلو ياكابوتشي أساسا لتفحص تاريخ التعصب لدى البشر . وأعود اليوم لأذكر عبر قراءة ثانية بهذه الثيمة التي تنغص علينا حياتنا بسبب التعصب والإرهاب الذي يبرر النهب والسلب والتهجير والقتل باسم الدين.
يتساءل مايكل انجلو ياكوبوتشي في مقدمته لكتابه ( أعداء الحوار – اللاتسامح أسبابه ومظاهره" : "هل اصبح إنسان الألفية الثالثة ، وهو الأكثر تمدنا دون ادنى شك من انسان الكهوف وانسان القرون الوسطى- هل اصبح اكثر تحضرا بمعنى انه تعلم العيش بتناغم مع أقرانه؟ ربما سيكون من الصعب الإجابة على السؤال بطريقة يتفق عليها الجميع "
نعلم جميعا ان مسألة العنف البشري تمتد الى فجر التاريخ وهوعنف له علاقة بطبيعة البشر والكفاح من اجل البقاء وحماية الوجود ،لكنه في جذوره مأزق سياسي يتعلق بحدود قبول المختلف.
يكتب " أومبرتو أيكو" في تقديمه لكتاب ياكوبوتشي عن مقترح قدمه اومبرتو ايكو وياكابوتشي وغابرييل غارسيا ماركيز لإعداد اعلانات تلفزيونية لمكافحة العنف موجهة للأطفال قبل سن المدرسة أي في مرحلة الروضة و المراحل الاولى من التعليم الابتدائي، كان المقترح قد قدم الى اليونسكو التي لم تفعل شيئا وهي المعنية بالتربية والثقافة والعلوم، لكن المشروع تحقق بطريقة او بأخرى، وبدأت "الاكاديمية العالمية للثقافات" بإنشاء موقع على الانترنيت "Aniversal Academy of Cultures" وهي الأكاديمية التي بادر الى تأسيسها بعض الحائزين على جائزة نوبل للسلام وتضم نخبة عالمية من المفكرين والمثقفين والعلماء، وخصص الموقع للمعنيين بالتربية في كافة أرجاء العالم إذ يقدم لهم العون من اجل تربية الأطفال ليتقبلوا أوجه الاختلاف في الكائنات البشرية . وكان المنطلق الذي ألهم المؤسسين هو "ان اللاتسامح شأنه شأن العنف ، ليس مرضا ، بل استعداد طبيعي للنفس البشرية" فالطفل مثلا يحب ان يمتلك كل ما يعجبه من الأشياء لو وجد السبيل الى ذلك ، لكن من خلال التربية ينشأ الصغير على احترام الآخر وما يملكه ، والطفل كما يقول امبرتو ايكو " يتفاعل عادة بشيء من الانزعاج مع ماهو غير مألوف لديه وكل ماهو مختلف" وهذه حقيقة يجب ان لاتفوتنا.
ويقدم موقع الأكاديمية موضوعات تتناول " لون البشرة والدين وحرية المعتقد وحقوق الإنسان ومفهوم الأقليات والتربية بين ثقافات مختلفة ومعنى المجتمع المدني والعنصرية وغيرها" وتعد الأكاديمية منتدى يجمع شخصيات عالمية من العلماء والكتاب والفلاسفة والفنانين ومن بينهم اومبرتو ايكو وماركيز ويجتمع أعضاء الأكاديمية مرة كل عام في احدى قاعات متحف اللوفر في باريس وتلقى المحاضرات وتدور مناقشات مسهبة مع الحضور لتحديد نظرتهم الى المستقبل من وجهة نظر تربوية واقتراح سبل العمل ضد التطرف والعنف وكراهية الأجنبي والعنصرية والتمييز ضد المرأة ومحاربة الفقر والجهل وانقراض بعض أشكال الحياة على الأرض، بينما يعمل سياسيو عالمنا على تخريب جهود هذه النخبة الحكيمة.
يقول الكاتب انه يقاتل ضد اللاتسامح ويكتب ويعمل على جمع الإرث الأخلاقي للرئيس الإيطالي الراحل "ساندرو برتيني" الاشتراكي الإيطالي الذي شغل منصب الرئيس السابع للجمهورية الإيطالية بين 1978 و 1985 وأحبه الإيطاليون كثيرا، كان هذا الرئيس يعقد اجتماعات طارئة كل صباح ويلتقي مجموعات من التلاميذ تأتي اليه من أنحاء إيطاليا ويفتتح لقاءه بعبارة فولتير الشهيرة "اني مستعد للموت من اجل ان ادعك تقول رأيك بحرية مع أنني أخالفك مخالفة تامة فيما تقول" فأين سياسيونا من هذا ؟؟
يتبع