في صيف العام 1989 أصحبنا أصدقاء أنا وأحمد المهنا. كان شريف الربيعي، الذي زارني في منفاي بمدينة كارديف البريطانية، قد حدثني كثيرا عن أحمد قبل أن أراه. رددت الزيارة لشريف بلندن وأقمت معه لمدة أسبوع. وعنده التقيت أحمد لأول مرة. كنت في وقتها أعاني من كسر روحي عميق سببه موت ولدي علي. في الصباح وبينما كان شريف منهمكا بتحضير "الريوك" على طريقته الخاصة حضر أحمد فصرنا ثلاثة. ذهب شريف للعمل فدعاني أحمد لوجبة مشي طويلة أظنها الأجمل في حياتي. وهل هناك أجمل من ان تمشي مع إنسان لا يعرف الكره. قال لي فجأة: لقد أحببتك بصدق. عندها شعرت بأن الكسر الذي بروحي قد انجبر. قلت له يبدو ان القدر يستحي أحيانا. شلون؟ أما تراه خجل من قسوته علي بخطف ولدي فعوضني بصديق من نوعك؟
من حينها صار يسميني "أبو الهواشم". نبهني يوسف الناصر ان أحمد إذا أحب صديقا يختار له اسما خاصا. فعلا يا يوسف فأنت يسميك "جوزيف" وأناهيت "آنو" وعبد الله صخي "عبود" وشريف "أبو الشرف" وفوزي كريم "أبو الفوز". أما حبيبته كفاية فكان يناديها "كوفي".
يوم مات شريف ألمّ بروحي وجع أشد من كسرها الأول. هوّنه علي أحمد المهنا كما كان يهوّن علي أشد مصائبي. قلت له: أتذكر يوم قلت لك ان القدر استحى مني يوما؟ نعم أتذكر. لا يا أحمد انه كان يضحك عليّ. والله إنه لا يستحي أبداً!
لك هذا القدر طلع مو بس ما يستحي، بل طلع نذل وابن نذل. أتدري؟ لقد قابلني هو والموت يضحكان، هذه المرة، وأنا أعزل مثلك حين كنت تلاويه؟ وأحّاه شكبر ضحكات هذا الموت يا أحمد. ومن أنذل ممن أخذك مني عنوة ليتمشى معك ويتركني أمشي وحدي؟
دكــــــــــة نذالــــــــــــة
[post-views]
نشر في: 2 أغسطس, 2014: 09:01 م